تتصاعد الدعوات في فرنسا لفرض حظر مؤقت على الشبكات الاجتماعية، بعدما اتضح من سيل الفيديوهات والتعليقات أنَّ مثيري شغب من الشباب يتنافسون على الاستعراض عبر الإنترنت، ويستخدمون المنصات الاجتماعية لتنسيق الهجمات، بحسب ما أفادت صحيفة The Times البريطانية.
وبعد أن دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي شركات الشبكات الاجتماعية إلى إزالة المحتوى التحريضي، لكن دون جدوى، طالب السياسيون اليمينيون بفرض قيود على ما يرون أنه التأثير السامّ لهذه الشبكات، لا سيما منصتي "تيك توك" و"سناب شات"، باعتبارهما المفضلتين بين الشباب "مثيري الشغب".
ومنذ مقتل الفتى نائل مرزوق من أصول جزائرية (17 عاماً)، على يد ضابط شرطة الثلاثاء الماضي، 27 يونيو/حزيران، امتلأت الشبكات الاجتماعية بصور الألعاب النارية التي تجتاح الشرطة، واللصوص الذين يضحكون ويشعلون النيران في السيارات.
"تشجيع على النهب"!
ونُشِرَت أيضاً مقاطع فيديو تحتوي على تعليقات ساخرة، وغالبها بأسلوب سلسلة لعبة الفيديو Grand Theft Auto، التي حشدت مئات الآلاف من الإعجابات.
وفي نهاية الأسبوع، تضمنت مقاطع الفيديو الخمسة الأشهر، التي نُشِرَت تحت هاشتاغ "émeutes" (أعمال الشغب)، مشاركين يقلدون شخصيات من أفلام باتمان وسبايدرمان و"Transformers-المتحولون"، بالإضافة إلى مقاطع من المعارك مع الشرطة، التي أضيفت إليها موسيقى على النمط الغربي.
وتحرّض منصة تيك توك الصينية لمشاركة الفيديوهات على هذه الأعمال باستخدام خوارزميات تقترح كلمات رئيسية توجّه المستخدمين إلى مقاطع فيديو أعمال الشغب، وتنبههم إلى مواقع النهب المخطط لها، بحسب صحيفة "التايمز".
وجاءت إحدى هذه الدعوات في الأسبوع الماضي من حساب باسم Chatelet23h، الذي دعا للتجمع الساعة الـ 11 مساءً في ميدان مسرح شاتليه في باريس، استعداداً لنهب شارع ريفولي القريب. وحصد هاشتاغ "emeutefrance #" أكثر من 2.2 مليون مشاهدة بعد 3 أيام من اندلاع أعمال العنف.
وجاء الدليل على الاستخدام المكثف للشبكات الاجتماعية في أعمال الشغب من Snap Map، وهي إحدى الخصائص المتوفرة على تطبيق سناب شات، التي تعرض موقع المنشورات الجديدة.
وتمركزت المنشورات في مناطق نانتير -حيث قُتِل الفتى نائل- وضواحي باريس الأخرى، بالإضافة إلى أحياء ليون ومرسيليا ومدن أخرى، التي تضررت بشدة من العنف.
ولم يحذف تطبيق تيك توك اسم ضابط الشرطة المُتهَم بقتل نائل مرزوق في نانتير وعنوانه إلا بعد 24 ساعة، وفقاً لقناة BFM التلفزيونية.
دعوات لإغلاق بعض التطبيقات
وصدرت دعوات مماثلة لفرض قيود على الشبكات الاجتماعية من فرانك لوفرييه، عمدة بلدة لابول الساحلية، الذي كان مستشاراً سابقاً لنيكولا ساركوزي، الرئيس السابق، والذي كان بدوره وزيراً للداخلية خلال آخر أعمال شغب عرقية كبيرة في فرنسا عام 2005.
وقال لوفرييه: "في عام 2005، لاحظنا اندلاع المنافسة بين مثيري الشغب بعد الساعة 8 مساءً. وشاهد المشاغبون صوراً في نشرات الأخبار التلفزيونية وحاولوا تقليدها. لكن اليوم صارت هذه المنافسة دائمة بسبب منصات مثل سناب شات أو تيك توك. نود إغلاقها لبعض الوقت".
بيد أنَّ مساعدي ماكرون نفوا وجود خطط لإغلاق أي من الشبكات الاجتماعية، وأوضحوا أنَّ الرئيس يريد المزيد من التعاون منها.
وقالت آن كوردييه، المتخصصة في الشبكات الاجتماعية بجامعة لورين، إنَّ المنصات يمكن أن تزيد من حدة الغضب، لكن لا يمكن إلقاء اللوم عليها في التسبب به من الأساس. وصرّحت لموقع Le Point الإخباري: "إنها مساحة يجتمع فيها الشباب معاً، في السراء والضراء".
ومع ذلك، توفر هذه الشبكات أحد مصادر المساعدة للسلطات؛ إذ تستخدم الشرطة البيانات التي توفرها للمساعدة في تعقب الأشخاص الذين شوهدوا يرتكبون جرائم أثناء أعمال الشغب.