صدامات بين تونسيين ومهاجرين في صفاقس تنتهي بجريمة قتل.. سكان المدينة يطالبون بترحيلهم
عربي بوست
تم النشر: 2023/07/04 الساعة 08:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/04 الساعة 08:49 بتوقيت غرينتش
مهاجرون متجمعون في ميناء مدينة صفاقس التونسية/ رويترز
تعيش مدينة صفاقس، إحدى كبريات المدن التونسية، حالة توتر منذ أيام بسبب المواجهات بين مواطنين تونسيين ومهاجرين غير نظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وتطورت الأحداث مساء الإثنين 3 يوليو/تموز 2023، بعد وفاة مواطن تونسي إثر تعرضه لطعن بآلة حادة.
تشكل مدينة صفاقس الساحلية الواقعة في وسط شرق تونس نقطة انطلاق لعدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، وخصوصاً إيطاليا. ويحتج سكانها بانتظام على وجود المهاجرين غير القانونيين في مدينتهم مطالبين برحيلهم، وفق ما ذكرته وسائل إعلام محلية الثلاثاء 4 يوليو/تموز.
كما أشارت إلى أنه غالباً مع تقع اشتباكات سواء كلامية أو جسدية في الأحياء الشعبية من المدينة، حيث يقيم المهاجرون، وتضاعفت أعمال العنف بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد انتقد فيه التواجد الكبير لمهاجرين غير قانونيين في بلاده، بحسب ما أشارت إليه وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير الإثنين.
نقل موقع إذاعة "موزاييك" الخاصة في تونس، الثلاثاء، عن الناطق الرسمي باسم محكمة صفاقس 1، فوزي المصمودي قوله إنّه لليلة الثالثة على التوالي تشهد عدّة مناطق في صفاقس أعمال شغب وعنف، بين مواطنين تونسيين وأفارقة من دول جنوب الصحراء.
كما أوضح أن أعمال العنف انتهت بجريمة قتل تونسي من مواليد 1981 طعناً بآلة حادّة، مساء الإثنين 3 يوليو/تموز، بمعتمدية ساقية الدائر، مبيناً أن وحدات الحماية المدنية قامت بنقل المصاب على جناح السرعة، لكنه فارق الحياة قبل الوصول إلى المستشفى.
فيديو مباشر للنائب بالبرلمان طارق مهدي في #صفاقس و حديث عن جريمة قتل (طعن على مستوى البطن ) لمواطن تونسي و حسب رواية النائب الجاني افريقي من جنوب الصحراء ! #تونس#صفاقسpic.twitter.com/7LFTARIaOF
فيما قال فوزي المصمودي إنّه وحسب شهود عيان فإنّ أفارقة من جنوب الصحراء قاموا بالاعتداء على الضحيّة. وقد تمّ فتح بحث تحقيقي من أجل القتل العمد مع سابقية القصد، وتعهد قاضي التحقيق بالأبحاث، وبعد وقت قصير تم الاشتباه في 3 شبان تم الاحتفاظ بهم في انتظار استكمال الأبحاث.
بينما أشار إلى أنّ "طريق المهدية كلم 10" شهد أكثر من جريمة قتل في الفترة الأخيرة، لافتاً إلى أنها منطقة يتركّز فيها الأجانب باعتبار قربها من مناطق الاجتياز. وكشف أنّ الوحدات الأمنية قامت بإيقاف 22 شخصاً من الأفارقة من دول جنوب الصحراء، في إطار حملات أمنية لمراقبة الوثائق والإقامة.
قبل ذلك، أعلن القضاء التونسي الإثنين فتح تحقيق في صدامات بين مهاجرين أفارقة وسكان بصفاقس، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لوضع حد لها. وأفاد المصمودي بأن مواجهات دارت تخللها رشق بالحجارة بين مهاجرين وسكان من أحد أحياء صفاقس.
كما أوضح المصمودي أن الصدامات أدت إلى إلحاق أضرار بسيارات ومساكن، بدون التسبب في وقوع إصابات. وأضاف أنه تم فتح تحقيق لتحديد المسؤولين وأسباب أعمال العنف.
فيما أوردت وسائل إعلام محلية أن الشرطة تدخلت مستخدمة الغاز المسيل للدموع، لوضع حد للمواجهات. وتضاعفت أعمال العنف بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد، في 21 فبراير/شباط، انتقد فيه التواجد الكبير لمهاجرين غير قانونيين في بلاده، متحدثاً عن مؤامرة لتغيير "التركيبة الديموغرافية" في تونس.
بينما شجبت 23 منظمة غير حكومية محلية ودولية في بيان مشترك "خطاب الكراهية والترهيب ضد المهاجرين (من إفريقيا جنوب الصحراء) المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يُسهم في التعبئة ضد الفئات الأكثر ضعفاً، ويؤجج السلوك العنيف ضدهم".
تجدر الإشارة إلى أنه في نهاية مايو/أيار الماضي، قُتل مهاجر من بنين طعناً في هجوم نفذته مجموعة من الشبان التونسيين في أحد أحياء صفاقس الشعبية.
خفر السواحل يساعد مهاجرين صفاقس رويترز أرشيفية
مظاهرات رافضة لوجود المهاجرين
خلال نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، شارك مئات الأشخاص في صفاقس في مظاهرة ضد انتشار مهاجرين غير نظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء في المدينة.
هتف متظاهرون تجمعوا أمام مقر الولاية "رجع صفاقس"، وذلك تلبية لدعوة حركة "سيب التروتوار" المحلية. واعتبر مؤسس حركة "سيب التروتوار" زياد الملولي وجود المهاجرين غير الشرعيين "تهديداً لأمن سكان صفاقس".
تمثل صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسية، نقطة انطلاق لعدد كبير من عمليات العبور غير القانونية للمهاجرين غير النظاميين نحو السواحل الإيطالية. ولطالما انتقد سكان المدينة الوجود "المتنامي" للمهاجرين غير الشرعيين فيها، مطالبين برحيلهم.
في كلمة خلال التظاهرة التي تم تنظيمها أمام مقر ولاية صفاقس، طالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، سلطات البلاد "بفتح مفاوضات مع مفوضية اللاجئين الأممية، لترحيل المهاجرين غير النظاميين، في إطار إعادة التوطين ببلدان قادرة على استقبالهم، وهو أمر قانوني ومطابق للمعايير الدولية".
أضافت موسي: "حق اللجوء يبقى مضموناً لمن هو في خطر داهم، ووفق الشروط التي تضبطها القوانين الدولية". وشددت على ضرورة رفض إملاءات الاتحاد الأوروبي بخصوص ملف اللاجئين غير النظاميين.
تطرح المكاسب الكبيرة التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف، المعاديةللمهاجرين في أوروبا، تساؤلات بشأن ما يمكن أن يسببه ذلك من ضغوط على دول العبور ومنها تونس.
كانت أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب القومية قد حققت مكاسب واضحة في انتخابات البرلمان الأوروبي، التي أجريت مطلع يونيو/حزيران الجاري، وهو ما يعكس تنامي نفوذ هذه الأحزاب داخل بعض دول الاتحاد الأوروبي الـ27، ومنها فرنسا.
هذه الأحزاب حشدت الناخبين حول قضايا جدلية، أبرزها ضرورة تشديد سياساتالهجرة غير النظامية واللجوء؛ وهو ما طرح تساؤلات بشأن تأثير صعود اليمين المتطرف على العلاقات مع تونس، إحدى دول عبور المهاجرين عبر البحر المتوسط.
كان الاتحاد الأوروبي قد أعطى، العام الماضي، الضوء الأخضر النهائي لاتفاقية كبيرةوافق عليها وزراء داخلية الاتحاد في يونيو/حزيران 2023، تضمنت إجراءات متسارعة وأكثر صرامة لبعض طالبي اللجوء، وقواعد أكثر مرونة لطرد المتقدمين المرفوضين، ونقل نحو 30 ألف طالب لجوء سنوياً من دول خط المواجهة مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا إلى أعضاء آخرين في الكتلة، بحسب تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
تونس وملف الهجرة
في حديث لوكالة الأناضول، رجح خبيران أن صعود أحزاب اليمين المتطرف لن يسفر عن ضغوط على تونس فيقضية الهجرة؛ بدعوى أن سياساتها الراهنة في هذا الملف "تتماهى" مع سياسات الاتحاد الأوروبي فيه.
لكن قيادياً في تكتل مساند للرئيس التونسي قيس سعيد نفى وجود "تماهٍ" بين سياسات الجانبين، وشدد على أن سياسات تونس تجاه الهجرة غير النظامية تنسجم مع التزاماتها الدولية.
كان الاتحاد الأوروبي قد توصل، منتصف يوليو/تموز 2023، إلى اتفاق معتونس للتعاون على الحد من تدفق الهجرة غير النظامية إلى شواطئ أوروبا على البحر المتوسط. وجرى توقيع الاتفاق بعد اجتماع في تونس بين سعيد ورئيسة مفوضية الاتحاد أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته ونظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، أعلنت المفوضية الأوروبية تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، ضمن مذكرة تفاهم بشأن قضايا، بينها الحد من توافد المهاجرين غير النظاميين.
الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا – توضيحية/ رويترز
مجدي الكرباعي، نائب سابق لحزب التيار الديمقراطي بالبرلمان التونسي عن دائرة إيطاليا وناشط مدني في البلد الأوروبي، قال إن "ما جنته الأحزاب اليمينية، خاصة "إخوة إيطاليا" لجورجيا ميلوني، هو نتيجة لما وعدت به ونفذته".
وأضاف الكرباعي للأناضول: "ميلوني وعدت في برنامجها الانتخابي أن تجعل من دول شمال أفريقيا، مثل ليبيا وتونس، نقاطاً ساخنة لتجميع المهاجرين. كما وعدت بأن تغلق البحر (المتوسط أمام الهجرة غير النظامية). وزارت تونس 4 مرات وليبيا ومصر، وأبرمت اتفاقيات شاملة مع ليبيا ومصر وتونس".
تأثير صعود اليمين المتطرف على ملف الهجرة
من جهته، يعتبر رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن "صعود اليمين المتطرف، الذي له مقاربات أكثر عدوانية تجاه المهاجرين، هو نتيجة طبيعية لمسار مخطط في أوروبا منذ سنوات".
"صعود اليمين هو تعبير عن سياق سياسي وثقافي في أوروبا به كثير من العداء للمهاجرين واستدعاء لقضايا الهوية، وهو ما استغله سياسيون في إيطاليا والمجر وفرنسا ودول عديدة"، بحسب بن عمر.
ويلجأ أفارقة، لاسيما من دول جنوب الصحراء، إلى الهجرة غير النظامية بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا، وهرباً من نزاعات مسلحة وأزمات سياسية واقتصادية في دولهم، ويلقى العديد منهم مصرعهم في عملية محفوفة بالمخاطر.
ويعتبر البحر المتوسط هو أكثر طرق الهجرة فتكاً بسالكيه من الهاربين من جحيم أوطانهم في الجنوب إلى "جنة" أوروبا في الشمال. وكانت صحيفة The Guardian البريطانية قد نشرت تقريراً يلقي الضوء على ما وصفته بأنه "أخطر طرق الهجرة في العالم"، رصد أنه منذ أطلقت المنظمة الدولية للهجرة مشروع المهاجرين المفقودين في عام 2014، سُجِّل ما يُقدَّر بـ27 ألف شخص يحاولون الوصول إلى أوروبا، على أنهم لقوا حتفهم أو اختفوا أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط.
ووقعت أكثر من 21 ألف حالة وفاة على ما يسمى بطريق وسط البحر الأبيض المتوسط من ليبيا أو تونس شمالاً إلى اليونان أو إيطاليا، وهو معبر قد يستغرق عدة أيام وغالباً ما يعبره المهاجرون في قوارب غير صالحة للإبحار ومكتظة بشكل خطير.
مظاهرات لليمين المتطرف في ألمانيا (أرشيف)/ رويترز
فمنذ صعود أحزاب اليمين المتطرف إلى قمة هرم السلطة في كثير من الدول الأوروبية، أصبح ملف الهجرة يحتل صدارة القضايا في القارة العجوز، وتنامت بشكل لافت المشاعر المعادية للمهاجرين وطالبي اللجوء. وفي هذا السياق، أصبحت أوروبا تواجه مأزقاً ضخماً بين ما ترفعه من شعارات أخلاقية وبين سعي السياسيين إلى كسب أصوات اليمين المتطرف.
إذ إن السمة الرئيسية الغالبة على الجماعات والأحزاب المنضوية في إطار اليمين بشكل عام، سواء أكانت أحزاباً متطرفة تعمل في إطار عملية ديمقراطية أم أخرى معارضة لها، هي الخطاب الذي يتحدث باستمرار عن وجود تهديد عرقي أو ثقافي ضد مجموعة "أصلية" من قبل مجموعات تعتبر دخيلة على المجتمع، وعن ضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية، ومن ثم تأتي معارضة اليمين المتطرف للهجرة.
هل تتحالف أوروبا مع تونس أم تضغط عليها؟
بخصوص توقعاته لمستقبل معالجة ملف الهجرة، قال الكرباعي للأناضول: "لا نتحدث في تونس عن ضغوطات؛ فالحديث عن ضغوطات يتم عندما نتحدث عن سياسة هجرة مخالفة لسياسة الهجرة الأوروبية. لكن تونس لها سياسة هجرة ورئيس جمهورية (سعيد) يعتبر أن وجود المهاجرين في تونس يدخل ضمن مؤامرة دولية لتغيير التركيبة الديمغرافية، وهو خطاب يتماهى مع خطاب اليمين المتطرف في إيطاليا- ميلوني".
"أوروبا صدَّرت أزمتها في المهاجرين والتصرّف فيهم وأزمة مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس وليبيا"، بحسب الكرباعي. أما بن عمر فيرى أن "علاقة أوروبا بتونس خرجت من الضغوط ودخلت في حلف استراتيجي بينها وبين نظام سعيد، وكانت إحدى تعبيراته التوقيع على مذكرة التفاهم السنة الماضية".
"وكذلك الزيارات الكبرى التي يقوم بها مسؤولون أوروبيون وإيطاليون إلى تونس، والمساعدات ذات الطابع الأمني، والمساعدات المباشرة لميزانية الدولة، والقروض التي تقوم بها مؤسسات مالية أوروبية"، مضيفاً أن "هذا الحلف هو التقاء مصالح، مصلحة أوروبية في إيقاف التدفقات (المهاجرين) وتحويل تونس إلى رأس حربة في المقاربة الأمنية ضد المهاجرين، ومصلحة تونسية فيما يشبه الاعتراف وفك عزلة النظام القائم في تونس".
على الجانب الآخر، نفى المتحدث باسم "تحالف أحرار" (يتبنى أطروحات سعيد) أحمد الهمامي وجود تماهٍ بين تونس وسياسات الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة: "تونس ليست منعزلة عن العالم الذي تحكمه معاهدات دولية، وأوروبا تعاني الهجرة بصفة كبيرة، والأفارقة يصلون إليها عبر تونس والجزائر والمغرب".
"لا نضع تونس وأوروبا في نفس الوضع. وضعنا خاص ولابد أن تأخذ تونس إجراءات حماية وفق القانون الدولي، وهؤلاء المهاجرون هم بشر يبحثون عن تحسين وضعهم الاقتصادي والاجتماعي"، بحسب الهمامي، مضيفاً: "نرجو ألا تتفاقم أزمة الهجرة غير النظامية، ويجب أن نجد حلولاً مباشرة مع ليبيا والجزائر؛ لأنه ليست لنا حدود مع أي من دول أفريقيا جنوب الصحراء".
هل تحقق تونس مكاسب في ملف الهجرة؟
يرى منتقدون أن تونس تحصل على مقابل ضعيف لتعاونها مع الاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير النظامية، إذ قال الهمامي: "وضعنا ليس وضع لبنان ولا مصر، التي لديها 125 مليوناً من السكان، ولبنان دولة فرانكفونية بحتة ذات صبغة خاصة".
واعتبر الهمامي أن "الاتفاقية ليست مادية، بل ذهب الرئيس في اتفاقات استثمار وخلق فرص شغل للشباب في تونس، حتى لا يخاطر الشباب بنفسه في البحر. الاتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي، وخاصة إيطاليا، ذو صبغة اقتصادية بحتة، وتمكنا من زيادة عدد زيارات الدخول إلى أوروبا، والطلبة التونسيون يتمتعون بتأشيرات أكثر".
لكن بن عمر رأى أن "مسار التفاوض مع الاتحاد الأوروبي مبني على مصلحة أوروبية ذات جوانب أمنية، مقابل بعض المساعدات التنموية التي هي مساحيق فقط (غير مجدية)". وفي انتقاد مبطن لسعيد، أضاف أن "هذا (الوضع) ينفع مَن يريد فك العزلة ويتجنب الضغوطات التي تهم المسألة الديمقراطية، وفي نفس الوقت يستفيد من مساعدات صغيرة قد تمثل متنفساً لأزمته الاقتصادية".
رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني اليمينية / رويترز
تشهد تونس أزمة واستقطاباً سياسياً حاداً منذ أن بدأ سعيد في 2021 فرض إجراءات استثنائية، منها حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلاباً على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريساً لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).
توسيع منطقة الرقابة في البحر
قبل أيام أفادت وسائل إعلام دولية بأن تونس وسَّعت نطاق تتبع المهاجرين في البحر المتوسط، وهو ما التزمت السلطات التونسية الصمت حياله. ومستنكراً هذه الأنباء، تساءل الكرباعي: "هل تونس دولة مستقبلة للمهاجرين حتى نوسع منطقة البحث والإنقاذ إلى متاخمة الحدود الإيطالية حتى بضعة أميال عن سردينيا؟!".
"نوسع مجال تدخل الحرس البحري التونسي، وعندما يقع طلب نجدة يتدخل ويرجع المهاجرين. سيحدث تكديس للمهاجرين ومنعهم من الخروج من تونس، بينما تفتح لهم الجزائر وليبيا الطريق"، بحسب الكرباعي، مضيفاً أن "أوروبا تصدّر الأزمة إلى الحدود التونسية، والدولة التونسية تصدّرها إلى المناطق الداخلية، مثل القصرين (غرب) وصفاقس (جنوب) وجندوبة ( شمال غرب)".
"المواطنون يصدّرون هؤلاء (المهاجرين) إلى غابات، وتصبح حرباً بين الفقراء، وبعد ذلك يخرج لنا خطاب رسمي يتحدث عن مؤامرة. كل هذا سيكون غطاءً لإنشاء مراكز إيقاف وترحيل المهاجرين من تونس إلى بلدان جنوب الصحراء. ومع الأيام سنسمع باتفاقيات جديدة في هذا الأمر"، بحسب الكرباعي.
ومراراً، قال سعيد إن بلاده تعامل المهاجرين معاملة إنسانية، وترفض أن تكون معبراً أو مستقراً لهم، و"تتحمل تبعات نظام عالمي أدى إلى هذه الأوضاع غير الإنسانية".
وضع اقتصادي صعب
حول خيارات تونس في مفاوضاتها بشأن الهجرة في ظل صعود اليمين الأوروبي، قال الكرباعي: "ليس لدى تونس حلول ولا رؤية استراتيجية شاملة. تونس ستكون أمام هذه الإشكالية وفي المقابل ستأخذ دعماً مالياً لتحريك اقتصادها".
وأضاف أن "مصر أخذت نحو 7 مليارات يورو لمدة 4 سنوات، وتونس أخذت 150 مليون، وهو مبلغ زهيد، ولنا وعد بـ900 مليون لن نأخذها إلا بعد التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. لبنان عُقدت معه اتفاقية شراكة شاملة، وأخذ مليار يورو، فما علاقته بمشاكل البحر وهو ليس بلداً حدودياً مع أوروبا؟! نحن أخذنا الفتات".
وحسب الكرباعي، فإن "سعيد له مشكل البحث عن شرعية دولية، ولذلك يتساهل ويخضع لهذا الابتزاز مقابل أموال ضئيلة؛ لأنه ستكون أمامه إشكاليات إذا لم يحصل على ذلك، ويقول إنه لن يكون حرس حدود. والواضح أنه كذلك".
وقبل زيارة الوفد الأوروبي لبلاده، قال سعيد في يونيو/حزيران 2023، إن أزمة الهجرة غير النظامية لا يمكن حلها على حساب تونس، وإن بلاده لن تكون حرساً لحدود أوروبا.
لكن الهمامي رفض وجهة نظر الكرباعي، قائلاً: "أولاً الرئيس لا يأخذ شرعيته من أي شخص. الرئيس سعيد يوم اختار إعلان إجراءات 25 يوليو/تموز 2021، وهو رئيس جمهورية منتخب من 2.7 مليون، الشعب سانده. ثانياً الرئيس سعيد في السياسية الخارجية غيّر منهج التعامل مع الدول الصديقة".
تقدر شركة إنتغرال ميديا الاستشارية المحدودة خصوصيتك وتعلم جيدًا كم هي مهمة لك وأنك تهتم بكيفية استخدام
بياناتك الشخصية.
نحترم ونقدّر خصوصية جميع من يزورون موقع عربي بوست، ولا نجمع أو نستخدم بياناتك الشخصية إلا على النحو الموضح في
سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط، ولأغراض تحسين المحتوى المقدم وتخصيصه بما يناسب كل زائر؛ بما يضمن تجربة
إيجابية في كل مرة تتصفح موقعنا.
تعتبر موافقتك على سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط أمرًا واقعًا بمجرد استمرار استخدامك موقعنا. يمكنكم
الموافقة على جميع أغراض ملفات الارتباط بالأسفل، وكذلك يمكنكم تخصيص الأغراض والبيانات التي يتم جمعها. يرجى
العلم بأنه حال تعطيل كافة الأغراض، قد تصبح بعض مزايا أو خصائص الموقع غير متاحة أو لا تعمل بشكل صحيح.
تخصيص الإعدادات
الإعلانات والتحليلات
التحليلات والاستهداف
قياس جودة المحتوى
اقترح تصحيحاً
صدامات بين تونسيين ومهاجرين في صفاقس تنتهي بجريمة قتل.. سكان المدينة يطالبون بترحيلهم