تشهد الصين إقبالاً كبيراً على شراء الغاز الطبيعي، ولا يجد المسؤولون غضاضة في أن يستمر المستوردون في إبرام الصفقات حتى بعد انحسار أزمة الطاقة العالمية، وقالت وكالة Bloomberg الأمريكية، الأحد 2 يوليو/تموز 2023، إن الصين تواصل شراء الغاز "كما لو أن أزمة الطاقة لا تزال قائمة".
إذ تواصل الحكومة دعم جهود شركات مملوكة للدولة لتوقيع عقود طويلة الأجل والاستثمار في مرافق التصدير، لتعزيز أمن الطاقة خلال منتصف القرن، وفقاً لأشخاص شاركوا باجتماعات مع صانعي السياسات. كما أن الصين في طريقها لتصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم عام 2023.
تأمين مستقبل الصين الطاقي
للعام الثالث على التوالي تبرم الشركات الصينية اتفاقات لشراء المزيد منه على أساس طويل الأجل، أكثر من أي دولة منفردة، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة بلومبرغ.
فيما تحاول الصين تأمين مستقبلها لتجنب تكرار أزمة الطاقة، وتسعى أيضاً إلى دعم نموها الاقتصادي. وعقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل مغرية، لأن الشحنات ستكون بسعر ثابت نسبياً مقارنة بالسوق الفوري، الذي ارتفعت فيه أسعار الغاز إلى مستوى غير مسبوق بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
فخلال الشهر الماضي، أبرمت شركة البترول الوطنية الصينية المملوكة للدولة صفقة مدتها 27 عاماً مع قطر، واستحوذت على حصة في مشروعها التوسعي الضخم، بينما وقّعت ENN Energy Holdings Ltd عقداً يمتد لعقود مع الشركة الأمريكية Cheniere Energy Inc. ومن المقرر أن تبدأ توريدات كلا العقدين عام 2026.
بينما تخوض شركات عملاقة مملوكة للدولة، مثل Cnooc Ltd وSinopec، مفاوضات مع الولايات المتحدة، فيما تبحث الشركات الأصغر مثل Zhejiang Provincial Energy Group Co. وBeijing Gas Group Co عن صفقات أيضاً، وفقاً لعدد من التجّار.
عقود طويلة الأمد لشراء الغاز الطبيعي
قال هؤلاء التجار إن قطر تجري محادثات مع العديد من المشترين الصينيين حول عقود بيع قد تستمر لأكثر من 20 عاماً. وأضافوا أن الحكومة لا تجبر الشركات على توقيع الصفقات، وأن التجار لا يوقعون إلا على اتفاقيات بأسعار مغرية.
بينما يفيد المشترون الصينيون أيضاً من عقود الغاز الطبيعي المسال الجديدة في توسيع مشاريعهم، وفتح فرص تجارية مربحة.
لكن توقعات تصاعد الطلب ليست مؤكدة، خاصة أن الصين تعزز إنتاج الغاز في الداخل، في حين أن حجم شحنات الغاز من روسيا قد يرتفع إذا أقيمت خطوط أنابيب جديدة. ووجود فائض في المعروض يزيد من خطر احتمال توقف محطات استيراد الغاز الطبيعي المسال عن العمل بشكل متكرر، وهذا ما حذر منه كبير محللي Cnooc، شي إكسوانغ، الشهر الماضي.
الأزمة غيرت سياسة الصين للطاقة
غير أن انقطاعات الطاقة ونقصها خلال السنوات القليلة الماضية غيّرت تفكير صانعي السياسة في الصين، الذين باتوا يفضلون تأمين الطاقة على مواجهة مستوردي الوقود فائضاً محتملاً في المعروض، وفقاً للتجار الذين أُطلعوا على استراتيجية الحكومة.
فقد أدى نقص الفحم- الوقود الأساسي لتوليد الطاقة في الصين- إلى انقطاعات في كهرباء المصانع لفترات وجيزة عامي 2021 و2022، وهو ما نتج عنه تباطؤ النمو الاقتصادي. وجراء ذلك تعهدت البلاد بزيادة طاقة التعدين، وارتفع الإنتاج إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى وفرة في المخزون وتقليل الواردات.
والآن، يرغب صانعو السياسة في تكرار التجربة مع الغاز، إذ تشجع بكين شركات الطاقة العملاقة على رفع إنتاج الغاز في الداخل، وخفض تكاليف التنقيب لزيادة الاكتفاء الذاتي، وفقاً لأشخاص مقربين من الحكومة.
فضلاً عن ذلك، كلما وقعت الصين مزيداً من الصفقات زادت سيطرتها على إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية. وتسهم الصين بالفعل بدور مهم في تحقيق التوازن في السوق، لأنها تعيد بيع الشحنات التي تتعاقد عليها للمشترين الأكثر احتياجاً، حين يكون الطلب في الداخل ضعيفاً، ويُتوقع أن يتوسع هذا الاتجاه حين يبدأ تنفيذ الاتفاقات الجديدة هذا العقد.