تصاعد الغضب العربي والإسلامي رسمياً وشعبياً، ضد سماح السويد بحرق نسخة من المصحف الشريف، عبر استدعاءات لدبلوماسييها في عدة دول، فيما دعت منظمة التعاون الإسلامي إلى اجتماع طارئ؛ على خلفية هذا الاعتداء.
والأربعاء، مزق سويدي من أصول عراقية يُدعى سلوان موميكا (37 عاما)، نسخة من المصحف وأضرم النار فيها عند مسجد ستوكهولم المركزي، بعد أن منحت الشرطة تصريحاً بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي.
وهذه ليست الواقعة الأولى في السويد، حيث يعيش أكثر من 600 ألف مسلم، ففي 21 يناير/كانون الثاني الماضي، أحرق زعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، وسط حماية من الشرطة.
حيث استدعت الخارجية العراقية، السفيرة السويدية في بغداد جيسيكا سفاردستروم، للتنديد بإحراق نسخة من المصحف أمام مسجد بالعاصمة ستوكهولم، مطالبةً إياها بـ"اتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف الإساءة المتكررة للقرآن الكريم".
كما استدعت الخارجية الإماراتية، سفيرة السويد ليزلوت أندرسون، وأبلغتها "احتجاج الدولة واستنكارها الشديدين لسماح حكومة السويد لمتطرفين في العاصمة ستوكهولم بحرق نسخة من القرآن"، مؤكدةً "رفض استخدام حرية التعبير كمسوغ لمثل هذه الأفعال الشنيعة".
كذلك استدعت الخارجية الأردنية، سفيرة السويد لدى عمان ألكسندرا ريدمارك، وأبلغتها احتجاجها "الشديد"، مجددةً رفضها وإدانتها لمثل هذه الأفعال التي تعتبر "جريمة واستفزازاً لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم".
وكان المغرب أول من استدعى سفيره بالسويد كريم مدرك، إلى المملكة "لأجل غير مسمى" للتشاور، كما تم إبلاغ القائم بأعمال السفارة السويدية "رفض" ما حصل، وفق بيان لوزارة الخارجية المغربية.
إدانات رسمية
وسبقت تلك الاستدعاءات الرسمية، إدانات عربية متصاعدة ظهرت في بيانات رسمية من أغلب الدول العربية.
ففي السعودية، قالت وزارة الخارجية، في بيان، إن "هذه الأعمال البغيضة والمتكررة لا يمكن قبولها بأي مبررات، وهي تحرض بوضوح على الكراهية والإقصاء والعنصرية".
وحذرت الخارجية الكويتية، عبر بيان، من أن ما حدث "خطوة استفزازية خطيرة من شأنها تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم"، داعيةً المجتمع الدولي والحكومة السويدية إلى "تحرك سريع لنبذ مشاعر الكراهية والتعصب ووقف هذه الإساءات".
كما أدانت الخارجية القطرية، في بيان، الحادثة، مؤكدةً أن هذه الواقعة "الشنيعة تعد عملاً تحريضياً، واستفزازاً خطيراً لمشاعر أكثر من ملياري مسلم في العالم، لاسيما في عيد الأضحى".
وأدانت الخارجية المصرية في بيان، "قيام متطرف بهذا الأمر"، ووصفت ما حدث بأنه "فعل مُخزٍ يستفز مشاعر المسلمين حول العالم في أول أيام عيد الأضحى"، مؤكدةً "مسؤولية الدول عن منع دعوات التحريض وجرائم الكراهية".
وفي الأردن، قالت الخارجية في بيان، إن "إحراق المصحف الشريف فعل من أفعال الكراهية الخطيرة"، داعية إلى "وقف مثل هذه التصرفات والأفعال غير المسؤولة، ووجوب احترام الرموز الدينية".
كما أكدت الخارجية الفلسطينية أن "الاعتداء على القرآن الكريم من قبل متطرف حاقد، تعبير عن الكراهية والعنصرية واعتداء صارخ على قيم التسامح".
من جهتها أدانت الخارجية اللبنانية، الخميس، الحادث، واعتبرته "اعتداء على مقدسات المسلمين واستفزازاً لهم"، ودعت إلى "وضع حد نهائي لهذه الاستفزازات واعتبارها جرائم يعاقب عليها القانون".
كما استنكرت الخارجية البحرينية، في بيان، الحادث، وعدَّته "عملاً بغيضاً يمثل استفزازاً لمشاعر المسلمين في العالم، وإساءة مرفوضة"، داعية إلى "اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع تكراره".
وشددت الخارجية اليمنية على أن "تعمّد استفزاز مشاعر المسلمين حول العالم في مناسبات إسلامية مقدسة يستلزم محاسبة ومعاقبة كل من يشجع ويقف خلف هذه الإساءات المتكررة".
وأدانت الخارجية الليبية في بيان، هذه الواقعة، مطالبة بـ"اتخاذ إجراءات واضحة ضد مرتكبيها".
وأدانت تونس بشدة، في بيان، إقدام أحد المتطرفين على إحراق نسخة من القرآن الكريم تزامناً مع احتفال المسلمين في شتى أنحاء العالم بعيد الأضحى المبارك، معتبرةً ما حدث "استفزازاً صارخاً ومتعمداً لمشاعرهم وازدراءً لمعتقداتهم".
كذلك أكدت الخارجية الجزائرية في بيان، "رفضها التام لهذا الحادث الاستفزازي، الذي ارتكب في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك"، وشددت على أن هذه الممارسات المشينة والمتكررة من شأنها إثارة الكراهية واستفزاز المشاعر الدينية للمسلمين والإساءة البالغة لقيم الحرية التي ترتكز عليها المجتمعات بما تحمله من معانٍ للإنسانية".
اجتماع إسلامي طارئ
وأعلنت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، في بيان، أنها ستعقد اجتماعاً طارئاً في مدينة جدة، الأسبوع المقبل، على خلفية حرق نسخة من القرآن الكريم بالسويد، بدعوة من السعودية باعتبارها رئيساً للقمة الإسلامية في دورتها الحالية.
كانت منظمة التعاون الإسلامي أعربت في بيان سابق، الخميس، عن إدانتها الشديدة لهذه الواقعة، ونبهت إلى "خطورة هذه الأعمال التي تقوّض الاحترام المتبادل والوئام بين الشعوب".
كما أكد مجلس التعاون الخليجي، في بيان، أن مثل تلك التصرفات "تدل على حقد وكراهية وتطرف"، داعياً إلى تحرك السلطات السويدية لوقفها "بشكل فوري".
البرلمان العربي من جانبه قال في بيان، إن ما حدث "عمل تحريضي من شأنه تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم"، مستنكراً استمرار السلطات السويدية في تلك "الاستفزازات".
كما أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بأشد العبارات سماح السلطات السويدية بهذا الأمر، "محملاً حكومة السويد المسؤولية عن نتائج وتبعات هذه الواقعة النكراء".
من جانبه دعا الأزهر الشريف في بيان، "دُور الفتوى وهيئات الإفتاء في العالم إلى إصدار فتوى بوجوب مقاطعة المنتجات السويدية؛ نصرةً للمصحف الشريف".
وأكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سامي أبو زهري، عبر تغريدة، أن "إحراق المصحف استفزاز لمشاعر المسلمين في العالم وعدوان على معتقداتهم"، داعياً إلى "وقف هذه الأعمال العدائية".
وقال المتحدث باسم حركة "الجهاد الإسلامي" داود شهاب، لـ"الأناضول": "ندين هذه الأفعال العدوانية"، محذراً من أن "هذه الاعتداءات على القرآن الكريم أو على المساجد من شأنها إشعال حرب دينية".
وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على القره داغي، في بيان، إن إحراق المصحف "عنصرية وليس حرية، وتوحش فردي مدعوم من الجهات الرسمية لا ينبغي السكوت عنه".
فيما أكد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، عبر بيان، أن ما حدث "عدوان على الأمة الإسلامية وانتهاك فاضح لحرية الدين والمعتقد".
غضب عراقي
في العراق، اقتحم محتجون باحة السفارة السويدية في العاصمة بغداد لفترة وجيزة، تنديداً بسماح ستوكهولم لمتطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم، عقب وقت قصير من دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره، إلى التظاهر هناك.
فيما أوعز رئيس مجلس القضاء الأعلى بالعراق فائق زيدان، بالتحرك قانونياً ضد الشخص الذي أساء إلى القرآن بالعاصمة السويدية ستوكهولم، لاستكمال الإجراءات القانونية لطلب استرداد هذا الشخص ومحاكمته وفق القانون.
وأعلنت وزارة الخارجية العراقية مطالبتها السلطات السويدية بتسليم العراقي الذي وجه إهانة للقرآن الكريم.
وقالت في بيان، إن "الشخص الذي قام بتوجيه إهانة للقرآن الكريم عراقيّ الجنسية، لذا نطالب السلطات السويدية بتسليمه للحكومة العراقية لمحاكمته وفق القانون العراقي".