في مؤتمر صحفي، الجمعة، دعا رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون إلى التهدئة و"التفكير" إثر عملية إحراق نسخة من المصحف بالقرب من مسجد في العاصمة ستوكهولم. وقال أولف كريسترسون "يصعب تحديد ما ستكون عليه العواقب. أعتقد أن على الكثير من الأشخاص التفكير في الأمر". في حين تظاهر الآلاف في دول شتى تنديداً بما حدث.
تزامن إحراق المصحف، الأربعاء، مع أول أيام عيد الأضحى، وأثار الغضب في مختلف البلدان المسلمة. ويُذكر أنه بعدما حصل على تصريح للقيام بعملية الإحراق من باب الاحتجاج، داس سلوان موميكا (37 عاماً) على المصحف وأضرم النيران في عدة صفحات أمام أكبر مسجد في العاصمة السويدية، وفق ما نشرت وكالة فرانس برس في تقرير لها الجمعة، 30 يونيو/حزيران 2023.
رئيس وزراء السويد يعلق على حرق المصحف
إلى ذلك، لفت رئيس الوزراء إلى عدم وجود سبب يدفع "لإهانة أشخاص آخرين"، في إشارة إلى ما قام به موميكا، قائلاً "أعتقد أن كون بعض الأمور قانونية، لا يعني بالضرورة بأنها مناسبة".
وبينما أصدرت السلطات تصريحاً لموميكا للقيام بالخطوة بما يتوافق مع حماية حرية التعبير، إلا أنها أعلنت لاحقاً فتح تحقيق في "التحريض" ضد مجموعة دينية، لافتة إلى أنه قام بإحراق المصحف على مسافة قريبة جداً من المسجد.
من جهته، شدد كريسترسون على أنه ما زال من المبكر جداً تحديد تداعيات أحداث هذا الأسبوع، وقال "أعتقد أنه علينا التركيز على الأمور الصحيحة الآن. من المهم أن تصبح السويد عضواً في الناتو. لدينا قضايا مهمة وكبيرة، علينا التعامل معها".
وللتذكير، جاء التصريح بعد أسبوعين من رفض محكمة استئناف سويدية قرار الشرطة رفض إصدار تصاريح لتظاهرتين في ستوكهولم كان من المقرر أن يتم خلالهما إحراق المصحف.
مظاهرات مستمرة في العراق
في سياق موازٍ تظاهر آلاف العراقيين الجمعة، لليوم الثاني على التوالي، قرب مبنى السفارة السويدية في بغداد؛ استنكاراً لإحراق نسخة من المصحف في ستوكهولم، الأمر الذي أثار تنديداً في أنحاء العالم الإسلامي.
والخميس، اقتحم عشرات المتظاهرين من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر مبنى السفارة السويدية وتمكنوا من البقاء حوالي ربع ساعة، ثم خرجوا بهدوء لدى وصول قوات الأمن.
كما استدعت وزارة الخارجية العراقية مساء الخميس سفيرة السويد في بغداد، جيسيكا سفاردستروم "لإبلاغها احتجاج العراق الشديد" على الإذن الذي أعطته بلادها "لمتطرفين" بحرق نسخة من المصحف.
حرق المصحف في السويد
جاءت هذه الاحتجاجات عقب قيام المهاجر العراقي في السويد سلوان موميكا (37 عاماً) الأربعاء، بدوس نسخة من المصحف وإحراق صفحات منه أمام المسجد الكبير في ستوكهولم.
وأثارت خطوة موميكا غضباً في أنحاء الشرق الأوسط وبلدان أخرى، في وقت يحيي المسلمون في أنحاء العالم عيد الأضحى، وفيما كان موسم الحج السنوي في مكة بالسعودية يشارف نهايته.
وبدعوة أيضاً من الصدر، تظاهر الآلاف، الجمعة، قرب مبنى السفارة السويدية وسط بغداد، في ظل إجراءات أمنية مشددة شملت وضع حواجز أسمنتية، ونشر عناصر قوات حفظ النظام، وفقاً لمراسل فرانس برس.
ورفعت خلال التظاهرة لافتات كتب على إحداها بالإنجليزية والعربية "القرآن كتاب الله الخالد، للقرآن ترخص الأرواح والأجساد". وهتف متظاهرون "كلا كلا للمثلية" و"نعم نعم للقرآن، نعم نعم يا ربي، نعم نعم للإسلام".
عبر المتظاهرون عن سخطهم لما قام به موميكا وحملوا الحكومة السويدية مسؤولية الواقعة لكونها وافقت على ذلك، بعدما سمحت الشرطة بهذا الأمر في إطار احترام حرية التعبير ورفع عشرات المتظاهرين نسخاً من المصحف وأعلاماً عراقية وصوراً لمقتدى الصدر ووالده محمد الصدر، فيما رفعت لافتة كتب عليها "القرآن الكريم في القلوب".
وقال أحدهم نافع ولي إدريس، وهو موظف حكومي (47 عاماً)، لـ"فرانس برس" إن ما حصل "إساءة للقرآن الكريم، ونحن نستنكر هذا الأمر"، وتابع "حرية التعبير ليست بإعطاء مجال للطائفية".
تنديد عراقي بحرق المصحف
في حين نددت الحكومة العراقية التي لا يشارك فيها ممثلون للتيار الصدري بما قام به موميكا، ودعت السويد لتسليمه للعراق لمحاكمته.
من جانبه، قال القيادي البارز في التيار الصدري، حاكم الزاملي، خلال وجوده مع المتظاهرين لـ"فرانس برس" إن تسليمه "غير كافٍ"، وتابع "نحتاج إلى إجراءات أكبر" من دون مزيد من التفاصيل.
وسط كل ذلك، صرّح سلوان موميكا لصحيفة "إكسبرسن السويدية" الجمعة "في غضون 10 أيام، سأحرق العلم العراقي ومصحفاً" أمام السفارة العراقية في ستوكهولم.
غضب في موريتانيا
في سياق متصل، عبرت الحكومة الموريتانية عن غضبها حيال حادثة إحراق المصحف الشريف في العاصمة السويدية ستوكهولم، فيما دعت نقابة المحامين الموريتانيين إلى "التنسيق من أجل الوقوف في وجه مثل هذه التصرف"، الجمعة.
وقالت وزارة الخارجية الموريتانية في بيان، إنها تندد وتستنكر بشدة الحادثة، مشيرة إلى أن تكرار هذا التصرف الشنيع "يعكس إرادة سيئة مبيّتة من قبل المخططين له والمنفذين، ضد الإسلام وأقدس مقدساته".
وأضافت أن "إحراق المصحف يتعارض بشكل صارخ مع قيم الحوار والتسامح، ونبذ الكراهية والتطرف والإقصاء، ويتنافى مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وقيم التعايش السلمي بين الثقافات والشعوب".
من جانبها، دعت نقابة المحامين الموريتانيين "كافة نقابات المحامين في العالم الإسلامي، وفي العالم الحر إلى التنسيق من أجل الوقوف بحزم في وجه هذه الاستفزازات الهمجية الكريهة".
وقالت النقابة في بيان إن الحكومة السويدية تتحمّل كامل المسؤولية، مضيفة أن القانون الدولي ينص على "مسؤولية الدول عن الإساءات التي تقع على أراضيها".
من جانبه، دعا حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (أكبر أحزاب المعارضة) إلى "هبة إسلامية كبرى نصرة لكتاب الله -عز وجل- ورفضاً لمثل هذه التصرفات المقيتة للمتطرف المسيء".
وقال الحزب في بيان إن على حكومات العالم الإسلامي اتخاذ مواقف حازمة وقوية ضد الدول والكيانات المحتضنة والداعمة لهذا العمل الشنيع.
مسلمون يتظاهرون في السويد
في حين أدى عشرات المسلمين، اليوم، صلاة الجمعة أمام مقر البرلمان السويدي في العاصمة ستوكهولم، للتنديد بحرق المصحف.
وأنصت المصلون لخطبة الجمعة قبل أداء الصلاة، التي كانت عن الآية 21 من سورة الحشر {لو أنزلْنا هذا القرآنَ على جبلٍ لرأيتَهُ خاشعًا متصدّعًا مِن خشيةِ اللهِ وتلكَ الأمثالُ نضربُها للناسِ لعلَّهم يتفكرون}.
وأثار إحراق متطرف نسخة من المصحف في السويد، الأربعاء، إدانات عربية ودعوات إلى وقف مظاهر الإسلاموفوبيا المحرّضة على العنف والإساءة إلى الأديان.
وأدان الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، الواقعة، مؤكداً أن "هذه عنصرية وليست حرّية". وشدد في بيان على أن "التوحش الفردي المدعوم من الجهات الرسمية لا ينبغي السكوت عنه"، في إشارة إلى سماح السلطات السويدية للمتطرف بارتكاب الواقعة.
وفي لبنان، قال المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في بيان، إن ما حدث "عدوان على الأمة الإسلامية وانتهاك فاضح لحرية الدين والمعتقد"، مطالباً بوقفة "جادة أمام الحرب الدينية"، داعياً الشعوب والمثقفين إلى الضغط على الحكومة السويدية لـ"إيقاف هذا العدوان".
يُذكر أن هذه ليست الواقعة الأولى في السويد، حيث يعيش أكثر من 600 ألف مسلم، ففي 21 يناير/كانون الثاني 2023 أحرق زعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي اليميني المتطرف، راسموس بالودان، نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم، وسط حماية من الشرطة، مما أثار احتجاجات عربية وإسلامية، بموازاة دعوات إلى مقاطعة المنتجات السويدية.