حصل على ثقة أمريكا والخليج وبدأ ينسلّ من عباءة المالكي.. تفاصيل صِدام بين السوداني وحلفائه في الإطار التنسيقي

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/26 الساعة 10:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/26 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني - رويترز

تتجه الأمور بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والإطار التنسيقي الشيعي الذي أتى به إلى المنصب إلى الطريق المسدود، بعدما رأى الإطار أن الأمور لم تجرِ وفق الخطط التي رسمها قبل تشكيل الحكومة.

وبدأ السوداني الخروج من عباءة الإطار التنسيقي الشيعي عبر إقراره موازنة طويلة الأمد على عكس المعتاد، كما أنه رفض ضغوط ومساومات الإطار وعلى رأسهم نوري المالكي رئيس الوزراء السابق الذي دعمه للوصول إلى المنصب.

وتولى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني منصبه في أكتوبر عام 2022، بعد أزمة سياسية كبرى تعرض لها العراق، وانسداد سياسي أدى إلى عدم قدرة النخب السياسية على تشكيل حكومة جديدة، لمدة عام كامل بعد الانتخابات البرلمانية التي تم إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021.

"عربي بوست" تواصل مع مجموعة من المصادر المقربة من السوداني ومن الإطار التنسيقي الشيعي لمعرفة تفاصيل ما يجري بين أكبر تحالف شيعي في العراق وبين رئيس الوزراء المختار.

استغل السوداني تقارب السعودية وإيران ليحصل على ثقة الرياض (رويترز)
استغل السوداني تقارب السعودية وإيران ليحصل على ثقة الرياض (رويترز)

السوداني ونوري المالكي.. الخروج من الظل

عُرف محمد شياع السوداني الذي تولى العديد من المناصب الإدارية والتنفيذية في الحكومات السابقة، بقربه من رئيس الوزراء العراقي السابق السياسي نوري المالكي ورئيس ائتلاف دولة القانون في البرلمان العراقي الحالي.

وتولى السوداني منصبه بمباركة من نوري المالكي والإطار التنسيقي الشيعي، وهو المظلة التي تضم أغلب الأحزاب الشيعية وأجنحتها المسلحة، سواء المقربة من الجمهورية الاسلامية الإيرانية أو المعتدلة.

في هذا الصدد، يقول سياسي شيعي مقرّب من رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني إن "الإطار التنسيقي رشح السوداني في البداية، لأن الرجل كان بعيداً عن قضايا الفساد التي طالت حلفاء الإطار، صحيح أن المالكي كان يرفض في البداية تولى السوداني لهذا المنصب، لأنه كان يعلم جيداً أن السوداني لن يكون تابعاً أو ظلاً له".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست": "وافق المالكي على تولي السوداني منصب رئيس الوزراء، وحاول بشتى الطرق ممارسة الضغوط عليه لمنح ائتلافه البرلماني عدداً من المناصب الوزارية المهمة، ومن هنا بدأت طموحات السوداني في الظهور، وبدأت معها الخلافات مع حلفائه".

في السياق نفسه يقول أحد مستشاري المقربين من السوداني لـ"عربي بوست": "المالكي حاول اختبار ولاء السوداني وقت تشكيل الحكومة، وكانت هذه بداية الأزمة الحالية، رغم أن السوداني كان يريد العمل على تشكيل حكومة بشكل مستقل مع إعطاء المكاسب للحلفاء بشكل معقول، لكنه رضخ لضغطهم في البداية، محاولاً تهدئة الأمور".

وعلى الرغم من أن السوداني قد منح حلفاءه في الإطار التنسيقي الشيعي، العديد من المناصب الحكومية العليا والحقائب الوزارية، إلا أنه عاد في الفترة الأخيرة، للمطالبة بتعديل وزاري أغضب الإطار التنسيقي بشدة.

يقول سياسي شيعي من الإطار التنسيقي الشيعي لـ"عربي بوست": "السوداني بدأ يظهر طموحاته السياسية التي تتعارض مع مصالح الإطار، في البداية أقنعهم أنه يعمل لتحقيق مصالحهم، ثم بعد سيطرته على الأمور، يريد تجريدهم من مكاسبهم عن طريق اقتراح تعديل".

ولم يُقدم السوداني على التعديل الوزاري الذي تحدّث عنه كثيراً مؤخراً، لكن أحد مستشاريه كشف لـ"عربي بوست" أن "التعديل سيتم تنفيذه لأن الوزراء التابعين للإطار التنسيقي دون المستوى، وفشلهم سيكون في رقبة السوداني في نهاية المطاف، لكن أمام غضب الإطار الشديد قرر التراجع مؤقتاً".

وأضاف المصدر ذاته قائلاً لـ"عربي بوست": "السوداني يعلم أن هناك الكثيرين في العراق ينظرون إليه على أنه ظل المالكي، وهذا أكبر حافز له للعمل على تنفيذ برنامجه الحكومي المتعارض في كثير من الأحيان مع مصالح المالكي والإطار".

الموازنة والتوظيف الحكومي.. المساومة بين السوداني والإطار التنسيقي

كانت أحدث المعارك بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وحلفائه من الإطار التنسيقي الشيعي، هي معركة إقرار البرلمان للموازنة العامة للبلاد والآلاف من الوظائف الحكومية.

وفي 12 يونيو/حزيران من العام الجاري، أقر البرلمان العراقي أخيراً وبعد 3 أشهر من المفاوضات الشاقة والطويلة، أضخم موازنة عامة في تاريخ البلاد، تمتد لـ3 سنوات، وقُدّرت بحوالي 198.9 تريليون دينار عراقي، أي ما يعادل 153 مليار دولار أمريكي.

في هذا السياق يقول نائب برلماني مقرب من رئيس الوزراء العراقي، لـ"عربي بوست": "السوداني كان مصمماً على إقرار موازنة لمدة 3 سنوات لتحقيق بعض الاستقرار، لكن قادة الإطار رأوا أن منح السوداني الموافقة على موازنة طول هذه المدة، سيحقق له الاستقلال عن البرلمان، ويمكّنه من اتخاذ العديد من القرارات بعيداً عنهم".

وأضاف المصدر أن "السوداني بإصراره على موازنة 3 سنوات، يطمح فعلاً في الاستقلال عن الإطار التنسيقي، لتحقيق العديد من مشاريع التنمية ضمن برنامجه الحكومي دون التعرض لضغوط حلفائه، الذين يريدون المشاركة في كل المشاريع من أجل تحقيق المكاسب المادية دون النظر إلى أي شيء آخر".

مقابل ذلك قال زعيم سياسي شيعي بارز من الإطار التنسيقي لـ"عربي بوست": "للأسف وافقنا على موازنة 3 سنوات لضمان استمرار هذه الحكومة وتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، لكن الجميع داخل الإطار وخارجه يعلم أن هذه الموافقة هي الحبل الذي سيستخدمه السوداني لشنق حلفائه".

الموازنة مقابل الوظائف.. هل يقبل السوداني؟

وعلى الرغم من طموح السوداني في تحقيق الاستقلال عن حلفائه بانتزاع موافقتهم على موازنة سنوات الثلاث، إلا أنه لم يستطع الوقوف أمام ضغوطهم كثيراً، ومنحهم في المقابل بعض الغنائم.

في هذا الصدد، يقول المصدر السياسي المقرب من السوداني، لـ"عربي بوست": "الإطار التنسيقي ساوم السوداني بشكل مباشر، قالوا له سنوافق على تمرير قانون الموازنة لمدة 3 سنوات، لكن لابد أن توافق الحكومة على توظيف حوالي 500 ألف شخص في الحكومة".

ويعتمد العراق على عائدات النفط فقط لسد احتياجاته، ويفتقر اقتصاده إلى التنويع، ما يجعل الحكومة هي صاحب العمل الوحيد في البلاد، أمام تدهور القطاع الخاص، لذا تعتمد الأحزاب السياسية العراقية على وعود التوظيف بالآلاف من أجل تعزيز قاعدتها الجماهيرية.

وبحسب المصدر السياسي نفسه، فإن "السوداني رفض في البداية تحميل الموازنة الحكومية أعباء تعيينات حكومية، وكان يطمح لتعزيز القطاع الخاص ليفتح أبوابه أمام مئات الآلاف من العاطلين بدلاً من اعتماد العراقيين على الوظائف الحكومية، لكن الإطار التنسيقي يريد تحقيق مكاسبه دون النظر إلى أية اعتبارات".

وعلى ما يبدو أن أمام السوداني مناورة لعدم منح الإطار التنسيقي هذا العدد الهائل من الوظائف الحكومية، حسب ما أكده أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي أحمد شياع السوداني لـ"عربي بوست".

وقال المتحدث إن "السوداني لم يوافق بشكل كامل على التعديلات التي أجراها نواب الإطار على الموازنة، لأنه يرى أنهم أضافوا المزيد من الأعباء المالية على الحكومة، لذلك من المقرر بعد إجازة العيد أن تبدأ الحكومة في تقديم الطعون على بعض الفقرات المعدلة في قانون الموازنة".

وأضاف المصدر ذاته قائلاً: "السوداني يُفكّر في المستقبل القريب، يريد أن يحسّن من أوضاع القطاع الخاص، ويرى أن توفير بعض النفقات الحكومية التي يطالب بها الإطار التنسيقي، واستثمارها في مشاريع أخرى تفتح باب العمل للشباب أفضل بكثير، وسيشعر العراقيون بالتحسن على الفور، وبأن الحكومة تعمل وفق خطة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، بدلاً من اللجوء إلى المحاصصة ووظائف المجاملات، التي تستنزف موارد الدولة".

في المقابل يرى حلفاء السوداني في الإطار التنسيقي، أن "نيته الطعن في بعض بنود في الموازنة التي تم إقرارها في منتصف الشهر الجاري، هو بمثابة إعلان للتمرد على الحلفاء.

يقول نائب برلماني من الإطار التنسيقي الشيعي لـ"عربي بوست": "الإطار هو من جاء بالسوداني، وتولى منصبه ضمن اتفاقيات وصفقات يتم العمل بها منذ سنوات، رفضه لتنفيذ هذه الاتفاقيات الآن، هو بمثابة سوء نية ومحاولة للانقلاب على من أتوا به لهذا المنصب".

السوداني والحشد الشعبي.. صدام منتظر

كشف عدم تنظيم الحكومة العراقية لاحتفالية الحشد الشعبي في ذكرى تأسيسه الثامنة، بوادر صدام بين رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، والحشد الشعبي وبالأخص الفصائل المسلحة المقربة من إيران داخل الحشد الشعبي.

في هذا الصدد، يقول المصدر السياسي المقرب من السوداني لـ"عربي بوست": "السوداني يريد الحفاظ على استقلال الدولة والقوات المسلحة، ويريد تقوية الجيش العراقي النظامي، والخروج من العراق من الصورة المأخوذة عنه بأنه بلد الميليشيات".

وقال المصدر ذاته: "تحدث السوداني مع فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، عن عدم إقامة الاحتفالية، وكان الفياض متفهماً لمخاوف السوداني ووافق، خاصة أن فصائل الحشد المدعومة من إيران كانت تنوي إقامة احتفالية ضخمة تستعرض فيها العديد من الأسلحة المتطورة ومنظومات الدفاع الجديدة التي اشترتها في الآونة الأخيرة".

ورأى السوداني، حسب مصدر "عربي بوست"، أن "إقامة احتفالية بهذا الشكل ستثير غضب العراقيين، ومخاوف الجيران العرب للعراق، والحلفاء الدوليين وبالتحديد الأمريكيين".

وعلى ذكر الولايات المتحدة، فإن عدداً من قادة الفصائل المسلحة المقربة من إيران والمنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي، وهم أيضاً ضمن الإطار التنسيقي الشيعي، رأوا أن السوداني، بإلغائه لاحتفالية الحشد الشعبي، حتى وإن كان بشكل غير مباشر، بدأ في "تقديم التنازلات" للأمريكان.

في هذا الصدد، يقول قائد مسلح في فصيل كتائب حزب الله، أحد أقوى فصائل الحشد الشعبي والمقرب من طهران، لـ"عربي بوست": "نعلم أن واشنطن هي من تقف وراء قرار السوداني إلغاء احتفالية ذكرى تأسيس الحشد الشعبي".

وأضاف المصدر قائلاً: "بدأ السوداني في تقديم التنازلات لواشنطن، لم نكن نتوقع أن يكون الأمر بهذه السرعة وهذا الشكل الفج، لن نسمح لأحد، حتى وإن كان رئيس الوزراء، بأن ينكر ما قدمه الحشد الشعبي من الدماء لتحرير العراق من الدواعش".

يذكر أن قوات الحشد الشعبي تضم 3 أنواع: موالية لإيران، والموالية لمقتدى الصدر، والموالية للمرجعية الشيعية الكبرى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني، والتي تأسست في أعقاب استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على ثاني أكبر المدن العراقية: مدينة الموصل، صيف عام 2014.

وقد تقدم المتطوعون للحشد الشعبي لقتال تنظيم الدولة الاسلامية بعد فتوى أطلقها السيستاني، تدعو كل من يقدر على حمل السلاح من العراقيين لمواجهة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وتعرف باسم فتوى "الجهاد الكفائي".

من جهة أخرى أعلن رئيس الوزراء العراقي في الآونة الأخيرة، عن بدء العمل في إقامة معسكرات لفصائل الحشد الشعبي خارج المحافظات العراقية، وبالأخص المحافظات السنية المحررة من تنظيم الدولة الإسلامية.

يقول سياسي شيعي مقرب من السوداني لـ"عربي بوست": "رئيس الوزراء عازم على تحقيق الأمر، لأن وجود معسكرات الفصائل المسلحة في المناطق السنية يُعرقل عودة أهالي هذه المناطق إلى محافظتهم بعد تحريرها، ويُؤجج المشاعر الطائفية لدى الشعب العراقي، ويحد من هيبة الدولة".

في السياق نفسه، يقول مصدر أمني عراقي رفيع المستوى ومقرب من السوداني لـ"عربي بوست": "الفصائل المسلحة الشيعية، تثير الكثير من المتاعب في المحافظات السنية المحررة، وفي الآونة الأخيرة وصل الأمر إلى حد الاشتباك مع قوات الأمن الحكومية، لذلك يطمح السوداني في تحقيق الاستقرار في هذه المناطق، مقابل تعزيز قوة الدولة الأمنية، بعيداً عن الفصائل المسلحة".

لكن في الوقت نفسه، توقعت مصادر مقربة من السوداني والتي تحدثت لـ"عربي بوست"، في هذا التقرير، أن طموحات السوداني بشأن الحد من نفوذ الفصائل المسلحة الشيعية المتنامي في العراق، ينذر بالمزيد من المتاعب بينه وبينهم.

يقول أحد مستشاري السوداني: "سبق أن تحدى الكاظمي، رئيس الوزراء السابق، هذه الفصائل، ووصل الأمر إلى حد إرسال مسيّرات لضرب منزله، لا أعتقد أن السوداني قادر على مواصلة ما يطمح إليه بتقييد عمل هذه الفصائل، لكن قرار إبعاد معسكراتهم في بعض المناطق، لا بد منه، ومن الممكن أن يتم تنفيذه لكن بصعوبة بالغة".

الطموح السياسي للسوداني

تحدث عدد من المصادر العراقية لـ"عربي بوست"، عن الطموح السياسي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، واصفين هذا الطموح بأنه يثير قلق حلفائه في الإطار التنسيقي الشيعي، بقيادة نوري المالكي.

يقول مصدر مقرب من السوداني إنه "في الآونة الأخيرة ومع اقتراب موعد انتخابات المجالس المحلية، بدأ السوداني في التحدث إلى الأحزاب السياسية الصغيرة والمستقلة، وبدأ في تنفيذ العديد من المطالب للمحافظات العراقية المحرومة وخاصة السنية، وهذا ما آثار قلق قادة الإطار".

وأضاف المصدر ذاته في حديث لـ"عربي بوست": "أعتقد أن السوداني يريد تجهيز قاعدته الجماهيرية، لاحتمالية تشكيل حزب سياسي خاص به، لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة"، في المقابل يرى حلفاء السوداني في الإطار التنسيقي، أن خطوات رئيس الوزراء الأخيرة لبناء قاعدة جماهيرية وتشكيل حزب سياسي بأنه طعنة غدر لحلفائه.

في هذا الصدد، يقول سياسي شيعي بارز من الإطار التنسيقي لـ"عربي بوست": "السوادني يتخذ خطوات واسعة للانقلاب على الإطار التنسيقي، يريد تشكيل تحالف سياسي مقابل للإطار التنسيقي، لديه رغبة في ملء الفراغ الذي تركه التيار الصدري، من خلال إظهار الإطار بأنه الطرف السيئ والمستغل والمعطل لعمل الحكومة، وهنا تكمن الخطورة".

بين أمريكا والخليج.. السوداني يحظى بالثقة

قالت مصادر مقربة من رئيس الوزراء العراقي، لـ"عربي بوست"، إن السوداني يحظى بدعم من الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإنه في طريقه لتعزيز ثقة دول الجوار العربية بحكومته بعيداً عن حلفائه في الإطار التنسيقي الشيعي.

في هذا الصدد، يقول سياسي شيعي مقرب من السوداني لـ"عربي بوست": "منذ أشهر والسوداني يسعى لإثبات أهمية العراق في المعادلات الإقليمية، مستغلاً المناخ الإيجابي الذي خلقه الاتفاق السعودي الإيراني في المنطقة".

وعلى ما يبدو أن السوداني في طريقه للتأكيد على أهمية العراق في المعادلات الإقليمية بحسب المصدر السابق، فقد حصل على دعم الطرفين الدوليين الكبيرين في العراق: الولايات المتحدة وإيران.

ففي منتصف الشهر الجاري، وافقت واشنطن لحكومة السوداني على سداد الديون العراقية المستحقة لطهران والبالغة 2.5 مليار يورو، وهي مبالغ مستحقة عن واردات الكهرباء الإيرانية التي يتم تصديرها إلى العراق، وكانت العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران تُعطل سداد هذه المبالغ.

وقال أحد مستشاري السوداني المقربين في حديثه لـ"عربي بوست": "موافقة واشنطن على تسديد الديون العراقية المستحقة خاصة مع إرسال جزء منها مباشرة إلى إيران، والباقي سيتم وضعه في حساب في تركمانستان لاستيراد السلع الغذائية والأدوية؛ دليل على ثقة واشنطن في السوداني، ورغبتها في دعمه بعد أن شعرت بطموحه في الاستقلال عن حلفاء إيران في العراق".

وأضاف المصدر ذاته قائلاً: "كما أن نجاح السوداني في الحصول على موافقة واشنطن على تحويل بعض أموال الديون مباشرة إلى إيران، قد أكسبه المزيد من الثقة الإيرانية، وهذا ما تم إبلاغه به من قبل أحد كبار المسؤولين الإيرانيين".

الثقة التي حصل عليها السوداني من الولايات المتحدة بالتحديد، جاءت بعد محادثات مع واشنطن للتأكيد على نية السوداني في تقييد دور الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران في العراق.

يقول سياسي شيعي مقرب من السوداني لـ"عربي بوست": "أمريكا مهتمة بعمل الفصائل المسلحة المقربة من إيران، كما أنها مهتمة بوقف تهريب الدولارات من العراق إلى إيران، والأمران يعمل السوداني بقوة على تحقيقهما".

أما بالنسبة إلى دول الخليج المجاورة للعراق، فكانت زيارة أمير قطر، الأمير تميم بن حمد آل ثاني، إلى العراق في وقت سابق من هذا الشهر، علامة على بدء السوداني في كسب ثقة جيران العراق العرب.

في هذا الصدد، يقول مصدر مقرب من السوداني، لـ"عربي بوست": "زيارة الأمير القطري كانت مثمرة للغاية، فقد نجح السوداني في الحصول على وعود واتفاقيات من قطر باستثمار مليارات الدولارات في العراق في المستقبل القريب".

كما حصل السوداني حسب المصدر نفسه على دعم الأمير تميم في مشاريع التنمية التي يطمح إليها السوداني، وهذا الأمر سيساعده في تنمية القطاع الخاص، لسد عجز الموازنة في حال انخفضت أسعار النفط في المستقبل.

تم إقرار قانون الموازنة العراقية لمدة 3 سنوات على أساس سعر 70 دولاراً للبرميل الواحد، بموجب تصدير 3.5 مليون برميل من النفط يومياً، لكن في حال انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً، ستكون الحكومة العراقية في مأزق مالي.

هذا الأمر دفع حكومة محمد شياع السوداني لإجراء المحادثات مع دول الخليج لجلب الاستثمارات العربية إلى العراق لتعويض هذا العجز المالي في الموازنة العامة في حال حدوثه.

وبجانب قطر، وبحسب المصادر المقربة من رئيس الوزراء العراقي، فإن السوداني استطاع من خلال مفاوضات مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، التوصل إلى اتفاقيات مبدئية باستثمارات ضخمة داخل العراق، بعيداً عن القطاع النفطي.

وقال أحد المصادر المقربة من السوداني في حديثه لـ"عربي بوست": "يسعى السوداني لاكتساب ثقة السعودية بالتحديد، لأن لديها رغبة كبيرة في دخول القطاع الخاص العراقي، لأن الأزمة تكمن في سيطرة الفصائل المسلحة على المشاريع الاستثمارية في العراق، وتقديم ضمانات للمستثمرين الخليجيين والعرب ستكون هي العقبة أمام السوداني في طريقه للحصول على استثمارات الخليج".

تحميل المزيد