كشف موقع Middle East Eye البريطاني، في تقرير نشره الجمعة 23 يونيو/حزيران 2023، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية استخدمت صورةً للحجيج في موسم الحج، وذلك حتى تستعرض القدرات المحتملة لتقنيات الرقابة والذكاء الاصطناعي الجديدة، في حين قالت منظمات الحقوق الرقمية والمجتمع المدني المسلمة إن استخدام الصورة يسلط الضوء على المخاوف الكبيرة حيال الأدوات سريعة التطور، مثل برامج التعرف على الوجوه.
في حين أوضحت منظمات الحقوق الرقمية والمجتمع المدني المسلمة أن الأمر يأتي كجزء من نمط الإسلاموفوبيا الذي يشيع داخل وكالات الاستخبارات وتطبيق القانون، والذي يُصوِّر المسلمين باعتبارهم تهديداً لمن حولهم.
صور الحجيج مسار اختبار لقوة الذكاء الاصطناعي
ظهرت الصورة في عرض تقديمي من مسؤول بارز بإدارة الابتكار الرقمي بوكالة الاستخبارات المركزية، حيث ناقش العرض التحوُّل الذي تجريه وكالة التجسس على قدراتها في مجال جمع المعلومات الاستخباراتية.
فخلال مؤتمر القطاع العام من تنظيم خدمات أمازون ويب عام 2018، قال شون روش: "يفرض علينا زمن الاستخبارات الاستكشافية الذهاب إلى أماكن غير ودية على الإطلاق بسرعةٍ كبيرة، من أجل حل مشكلات عويصة للغاية".
وأوضح أن الفرق الصغيرة من المبرمجين، وعلماء البيانات، والمحللين "الذين يكتبون الشيفرات في الميدان" قدّموا "قدرات مذهلة في مجال العثور على الأشخاص الذين يثيرون اهتمامنا".
وأردف روش، الذي كان نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية لشؤون الابتكار الرقمي آنذاك: "نستطيع معرفة هوياتهم، وما يفعلونه، ونواياهم، ومواقعهم".
وأظهر العرض بعدها صورةً للحجيج المجتمعين في الساحة الخارجية للمسجد الحرام بمكة المكرمة، أقدس الأماكن في العالم الإسلامي وموقع الكعبة المباركة.
وتبدو الصورة كأنها صورة مخزنة من أحد مواقع الصور، حيث تم التقاطها في عام 2017، ولكن الصورة احتوت على دائرة صفراء تحيط بوجه رجلٍ وسط الحشود. لم يتعرف الموقع البريطاني على الرجل. ولا توجد أي أدلةٍ على كونه موضع اهتمامٍ من جانب وكالة الاستخبارات المركزية.
تقنيات لمراقبة الناس في الحج
في حين سأل الموقع وكالة الاستخبارات عما إذا كانت تمتلك القدرة على نشر تقنيات الرقابة لمراقبة الناس في موسم الحج. كما سأل الموقع عما إذا كانت الوكالة ستفعل ذلك خلال موسم الحج في العام الجاري، والذي سيبدأ يوم الإثنين 26 يونيو/حزيران 2023. لكن الوكالة لم ترد على أسئلة الموقع البريطاني.
ومع ذلك، أثار استخدام الصور مخاوف العديد من المنظمات المدافعة عن المسلمين والخبراء القانونيين المهتمين بتقنيات المراقبة.
إذ تحدث إدوارد ميتشل، نائب مدير مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، إلى الموقع البريطاني عن وجود تاريخ طويل من تصوير المسلمين كتهديد داخل المواد التعليمية والعروض التقديمية الخاصة بالحكومة. وأوضح ميتشل: "لا يجب استخدام المسلمين باعتبارهم مثالاً من الواقع على كيفية استخدام التقنيات الحكومية. وينطبق هذا الأمر على المسلمين المتعبدين في موسم الحج بشكلٍ خاص".
تقنيات التعرف على الوجه
فيما قالت آشلي غورسكي، المحامية الأقدم في برنامج الأمن القومي بالاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، خلال حديثها إلى الموقع البريطاني: "تُشكل تقنيات التعرف على الوجه العديد من المخاطر الجسيمة على الخصوصية والحريات المدنية. يحق للناس الصلاة والتعبد بحرية ودون خوف من التعرض للتتبع بواسطة الحكومة. وهذا مثال آخر على الكيفية التي تُروج بها وكالات الاستخبارات الأمريكية لأدوات المراقبة، باعتبارها وسيلةً لمراقبة المجتمعات الدينية والسيطرة عليها حتى خارج حدود البلاد".
من جهته مضى روش ليصف الكيفية التي تستخدم بها الوكالة الذكاء الاصطناعي لجمع ومعالجة البيانات. وقال روش: "لماذا نستخدم التعلُّم الآلي؟ البشر هم وظيفتنا. أي إننا نأخذ قواعد البيانات المتوافرة عنك. وأعني البيانات الموجودة بالفعل أو البيانات المنظمة وغير المنظمة، وبعض البيانات التي يتم إنشاؤها، ثم نجمع تلك البيانات بسرعة كبيرة في بيئة سحابية حتى نبني توقيعاً رقمياً. ويساعدنا ذلك التوقيع الرقمي في فهم ذاتنا الرقمية".
جاء العرض التقديمي لروش خلال قمة أمازون لخدمات الويب بعد توقيع وكالة الاستخبارات المركزية عقداً بقيمة 600 مليون دولار، وذلك من أجل الحصول على خدمات الحوسبة السحابية من شركة التقنية العملاقة في عام 2014. وترك روش الوكالة عام 2019، ليصبح اليوم مدير الأمن القومي في خدمات أمازون ويب. بينما رفض المتحدث باسم خدمات أمازون ويب التعليق.
أما جمانة موسى، مديرة مركز التعديل الرابع للدستور في جمعية National Association of Criminal Defense Lawyers، فقالت إن العرض التقديمي يُثير تساؤلات بشأن كيفية استخدام التقنية خارج حدود الولايات المتحدة، حيث لا تتوافر إجراءات الحماية الدستورية نفسها.
وصرحت جمانة للموقع البريطاني قائلة: "من الناحية التاريخية، تتعامل الحكومة الأمريكية بموجب مجموعة معايير مختلفة تماماً عند جمع المعلومات الاستخباراتية -وليس أدلة المحاكمة– خارج الولايات المتحدة. إذ تُعتبر القوانين أكثر مرونة في هذه الحالة".