رفع بعض القادة الأفارقة الصوت ضد الدول الغنية المستعدة لدفع مليارات الدولارات لأوكرانيا، في حين تتقاعس عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه القارة السوداء، مؤكدين أن مساعدة أوكرانيا ينبغي ألا تكون على حساب إفريقيا، وفق ما ذكره تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، الأربعاء 21 يونيو/حزيران 2023.
خلال الاجتماع الأخير لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، في أبريل/نيسان، "أعربت الدول الإفريقية عن مخاوفها من اعتماد ازدواجية في المعايير" فيما يتعلق بالمساعدات الدولية، كما ذكر مصدر في الحكومة الفرنسية لوكالة الأنباء الفرنسية.
الوجه الحقيقي للقوى العظمى
حيث كشفت الحرب في أوكرانيا "الوجه الحقيقي لسلوك القوى العظمى تجاه القارة"، كما أفاد مصدر دبلوماسي في بنين وكالة الأنباء الفرنسية، قبل القمة التي تعقد هذا الأسبوع في باريس حول الفقر والتمويل الخاص بتغير المناخ، معرباً عن أسفه أن يتم "التخلي" عن إفريقيا.
بعد أن أصاب الدمار العديد من مناطقها منذ الهجوم الروسي، وشهدت انهيار إجمالي الناتج المحلي العام الماضي بنسبة 30%، تدفقت المساعدات لأوكرانيا من الدول الغربية. ووعد حلفاء كييف بصرف ما يزيد على 150 مليار يورو، في 24 فبراير/شباط، وفقاً لأرقام جمعها معهد كيل للاقتصاد العالمي (IfW).
ثم أعلن عن مساعدات غير عسكرية جديدة بعدة مليارات خلال مؤتمر دولي الأربعاء في لندن، حول إعادة إعمار أوكرانيا، في حين يقدر البنك الدولي حجم ما تحتاجه بنحو 411 مليار دولار.
بينما شهدت إفريقيا جنوب الصحراء، المنطقة الرئيسية التي تخصص لها مساعدات التنمية، تراجع هذه المساعدات العام الماضي إلى 29 مليار دولار (-8%)، بينما ارتفعت المساعدة المخصصة لأوكرانيا إلى 16 ملياراً، مقابل أقل من مليار قبل عام، وفقاً لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
إذ صرح وزير خارجية النيجر هسومي مسعودو لوكالة الأنباء الفرنسية: "نرى هذه التدفقات الهائلة التي اعتقدنا أنه من المستحيل الإفراج عنها، والتي تم الإفراج عنها الآن". وهو دليل- على حد قوله- على "وجود موارد وآليات" يمكن استخدامها أيضاً للقارة.
"دعم غير مسبوق" لأوكرانيا
خاصة أن بعض الدول الإفريقية نفسها تواجه نزاعات مسلحة، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية، قال مصدر حكومي في زامبيا: "هناك نزاعات في شمال الكونغو والسودان وأجزاء أخرى من إفريقيا، لكن الدعم الذي تحصل عليه أوكرانيا من الدول الغربية غير مسبوق. الغرب يركز على دعم الدول الغربية".
قد يتم هذا الأسبوع اقتراح إعادة هيكلة ديون هذا البلد المتعثر منذ 2020، كما أفاد مصدر في نادي باريس، الذي يضم الدائنين الغربيين من القطاع العام.
المفاوضات حول ملف زامبيا، كما هي الحال بالنسبة لغانا، متعثرة حتى الآن، بسبب غياب توافق بين الدول الغربية والصين، التي أصبحت مُقرضاً أساسياً لإفريقيا في السنوات الأخيرة.
تتعرض الدول الغنية للانتقادات لعدم وفائها بالتزاماتها، في المقام الأول دفع 100 مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ تم التعهد به عام 2009 لمكافحة تغير المناخ، و100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة التي لم تؤمن بعد.
كما أن الصندوق الذي تم اعتماده في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في شرم الشيخ، لتعوض الدول الغنية "الخسائر والأضرار" التي تكبدتها بلدان الجنوب، لم يعمل بعد.
حيث قالت إليز دوفياف، الباحثة في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية: "هناك أزمة ثقة بين الدول المانحة ودول الجنوب". خاصةً "عندما نرى الاستجابة السريعة لتسوية الأزمة في أوكرانيا أو تمويل بنوك أمريكا الشمالية التي كادت تفلس".
شعور إفريقيا بأنها منسية يعود أيضاً إلى طلب إفريقيا أن تحظى بتمثيل أفضل في المنتديات التي تحدد الأولويات الدولية، مثل مجموعة العشرين والأمم المتحدة.
يقول هاورد دبليو فرينش، أستاذ الصحافة في جامعة كولومبيا الأمريكية في مجلة "فورين بوليسي": "يتطلب تاريخ إفريقيا المعروف بالاضطهاد والإقصاء مراجعة جذرية لكيفية تمثيلها في المؤسسات العالمية". وذكر أيضاً أن "شعوبها التي كانت تمثل أقل من عشر سكان العالم في 1950 ستمثل 40% من البشرية بحلول نهاية القرن".