أعلن المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة، أن محمد المزوغي مرشح حكومة ثالثة جديدة مصغرة في ليبيا، وفق مخرجات لجنة "6+6" الأخيرة مع مجلس النواب، في حين أن الأخير لم يعلن بعد موقفه من ترشيحه.
تهدف مخرجات اللجنة المشتركة بين الأعلى للدولة والنواب إلى تشكيل حكومة مصغرة تمثل الغرب والشرق الليبي، رغم موقف رئيس حكومة الوحدة في طرابلس عبد المجيد الدبيبة الرافض لتسليم السلطة إلّا لحكومة منتخبة.
فمن هو المزوغي، وما هي حظوظه كمرشح توافقي بين الأعلى للدولة والنواب، وما الهدف من اختياره على رأس حكومة جديدة؟
المزوغي "المرشح المستقل"
المهندس محمد المزوغي لا يُعرف له مشاركة في الحياة السياسية قبل ترشحه لانتخابات الرئاسة، التي كان من المقرر تنظيمها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.
كان المزوغي مرشحاً ضمن قائمة ضمت قرابة 100 مرشح، قبل أن يفشل إجراء الانتخابات، ليقدم نفسه بعدها مستقلاً في لقاءات المصالحة الوطنية والانتخابات كمرشح لانتخابات 2023، التي يبدو أنها لن تتم حتى العام المقبل على الأقل بسبب عدم إنجاز قانون الانتخاب.
المزوغي من مواليد طرابلس عام 1973، درس هندسة الإنتاج والتخطيط، وأسس وترأس جامعة أفق للعلوم الإنسانية والتطبيقية، إلى جانب تأسيسه ورئاسته لشركات خاصة، منها الصناعات المعدنية، الصناعات التقنية والهندسية، التجارة الدولية، والسياحة العلاجية.
له مشاريع محلية، أبرزها مشروع "صُنع في ليبيا"، الخاص بتصنيع بعض المعدات الثقيلة وتصديرها، ومشروع أكبر محطة علاج طبيعي في ليبيا.
بحسب مصادر لـ"عربي بوست" فإن المزوغي يحظى بقبول لدى معسكر الشرق الليبي، وخصوصاً لدى اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كما أنه يشيد باستمرار بـ"نموذج تجارب الدول الناجحة مثل مصر".
قبل إعلان ترشيحه من الأعلى للدولة نشر المجلس صوراً للقاء جمع أعضاءه بالمزوغي، ليعلن بعدها تأييد ترشيحه على رأس حكومة ثالثة، بديلة عن الحكومتين الحاليتين، الأولى برئاسة الدبيبة في طرابلس، والثانية بقيادة أسامة حماد نائب رئيس الحكومة المقال فتحي باشاغا.
توافُق الخصوم للإطاحة بحكومة الدبيبة
حول الهدف من اختيار المجلس الأعلى للدولة المزوغي، كمرشح لرئاسة حكومة جديدة، قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور فرج دردور لـ"عربي بوست"، إن اختياره يمثل توافقاً بين الخصوم، وهم الأعلى للدولة ومعكسر الشرق بمجلس النواب وحفتر، وبديلاً معقولاً بالنسبة لبعض الأطراف في الغرب".
أوضح أن "اختيار المزوغي من الأعلى للدولة والمشري بالتحديد، يأتي نكاية بالدبيبة، ومحاولة لإسقاطه، وإرضاء لحفتر، لأن المزوغي تبين أنه يحظى بعلاقة جيدة معه، فهو يتجول في الجنوب والشرق الليبي بحراسات كبيرة ترافقه من قوات حفتر".
وقال إن "قبول المجلس الأعلى للدولة بالمزوغي رغم أنه موالٍ لحفتر، يعني أنه يريد أن يكسب الأخير إلى صفه، في محاولته للتخلص من حكومة الدبيبة، وهذا هو الهدف النهائي، حتى لو كان على حساب قناعات الأعلى للدولة ضد حفتر".
عن حظوظ المزوغي بالحصول على ترشيح مشابه من مجلس النواب، قال دردور إنه "إذا سلمنا أن المزغي من المقربين من حفتر، بالتالي فإن مجلس النواب سيوافق عليه، وربما تم التوافق على اسمه قبل طرح اسمه من قبل الأعلى للدولة".
مجيباً عن سؤال متعلق بإعلان الأعلى للدولة اسم المزوغي وليس ترشيح رئيس المجلس خالد المشري، قال إن الأخير "يعلم بأن هناك خلافات كبيرة بخصوصه، لا سيما في المنطقة الغربية، ولا يريد أن يفقد وجوده وعلاقته بطرابلس، بشكل مشابه لما حصل مع باشاغا في الشرق".
واعتبر أن "المزوغي هو مرشح تحالف المشري وصوان (رئيس الحزب الديمقراطي الليبي) وحفتر وعقيلة صالح، وجميعهم أطراف سياسية، يجمعها هدفها بإيجاد حكومة بديلة لحكومة الدبيبة".
ليست حكومة مصالحة بل تسيير أعمال
رأى دردور اختيار المزوغي لرئاسة حكومة مصغرة، "بهدف استمرار الأجسام السياسية الحالية، التي تريد أن يتم تخريجها بأنها حكومة مصالحة، رغم أنها ستكون تسيير أعمال فقط".
وأوضح أن "من يدعمون ترشح المزوغي يحاولون تقديمها على أنها ستكون حكومة مصالحة، بإدخال بعض الوزراء غير الموالين لهم، لكن أعتقد أن دور هؤلاء الوزراء لن يكون فعّالاً، لأن الحراسات والوزارات المهمة هي مع الأجسام السياسية التي ذكرناها وليس بيدهم، بالتالي لن تكون هناك قيمة لوجودهم في الحكومة المصغرة، من حيث العرقلة أو إصدار قرارات مخالفة لتوجهات هذه الأجسام السياسية".
لفت كذلك إلى أهمية موقف البعثة الأممية برئاسة عبد الله باتيلي، قائلاً إنه "لمح في إحاطته الأخيرة أن مسألة تغيير الحكومة غير واردة بالنسبة للبعثة، لأن ذلك سيضع إشكاليات جديدة، بالتالي لن يكون هناك دعم دولي بهذا الاتجاه".
بشأن حظوظ حكومة مزوغي في حال تشكيلها، قال: "جميع المحاولات التي قام بها عقيلة وحفتر باختراق المنطقة الغربية لتكوين حكومات وأجسام موالية لهما فشلت، وهذا الأمر سيستمر، ولن يكون هناك أي تقدم يذكر، لا في المجال السياسي ولا أي مجال آخر، في حال استمرارهما بهذه المحاولات".
"مجرد ورقة محروقة"
أما مدير مركز "الأسطرلاب" للدراسات والبحوث عبد السلام الراجحي، فقال لـ"عربي بوست" إن "أطرافاً سياسية تسعى إلى حرق ورقة المزوغي كرئيس حكومة تكنوقراط (حكومة كفاءات)، وهو مرشح رئاسي بالمناسبة أيضاً، ولديه نشاطات في الجنوب والشرق والغرب لتسويق نفسه".
وقال: "من سرّب تشكيلة المزوغي التي ينويها يهدف من ذلك للإضرار به وإفشاله، لا سيما أنه من الصعب أن تمر هذه التشكيلة، خصوصاً أنها غير متوازنة، وليس من الممكن وصفها بالتكنوقراط بالفعل".
لكنه أيضاً رأى أن "الحكومة الثالثة لا يمكن أن نشهدها أو أن تحظى باعتراف دولي دون تأييد من البعثة الأممية، إلا أن الأخيرة غير متحمسة لحكومة جديدة، بل إن حماسها، وكذلك بالنسبة لأمريكا ودول أخرى ينصب أكثر لإجراء الانتخابات، وهم لا يريدون أي تغيير الآن، لأن فتح الباب للحوار لإنتاج حكومة ثالثة من الصعب إغلاقه".
أوضح كذلك أن "باتيلي غير قادر على إدارة حوار لتشكيل حكومة جديدة، فهو فشل في إدارة حوار سياسي لإنتاج قوانين انتخابية، فما بالنا بأمر أكثر تعقيداً مثل تشكيل حكومة جديدة وسلطة ونفوذ".
أكد أيضاً أن "هناك عدم اهتمام وحماس من الدول المتدخلة في الشأن الليبي بإجراء حوار في ليبيا حول مسألة تشكيل حكومة جديدة، فهي تريد استمرار الوضع الحالي بحكومتين شرقاً وغرباً، وعقد انتخابات في ظل وجودهما".
لماذا حكومة ثالثة؟
يأتي ترشيح المزوغي وفق المادة 85 من القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة "6+6″، التي تنصّ على أن "تجري الانتخابات العامة في ظل حكومة جديدة تضمن نزاهة العملية الانتخابية، ولا يحق لرئيسها وأعضائها الترشح للانتخابات الرئاسية"، إلا أن مجلس الدولة لم يعلن في السابق عن فتح باب الترشح للحكومة الجديدة.
وسبق أن قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في تصريحات لوسائل إعلام، إن الحكومة الجديدة ستكون بديلة لحكومتي الوحدة الوطنية، وتلك المنبثقة عن مجلس النواب، مؤكداً أن "تغيير الحكومة أصبح ضرورة وطنية ملحة تحتاجها البلاد، لتكون سلطة محايدة بعيدة عن الانحياز لأي طرف من الأطراف".
كما دعا حفتر مجلسي النواب والدولة إلى الإسراع في تشكيل "حكومة جديدة موحدة"، لإنهاء حالة الانقسام السياسي، ممتدحاً مخرجات لجنة "6+6" المكونة من ستة أعضاء من الأعلى للدولة، ومثلهم من النواب، وقال إنها "خطوة مهمة" نحو إجراء الانتخابات.
رد فعل الدبيبة
موقف رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، كان مرحباً بمخرجات اللجنة، إلا أنه يتمسك في المقابل بإشراف حكومته على الانتخابات وليس أي حكومة جديدة غير منتخبة.
في مقابل ذلك لا يُعرف موقفه بعدُ إن كان سيوافق على التخلّي عن منصبه برئاسة الحكومة مقابل الترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة.
يشار إلى أن حكومة الوحدة الوطنية، والحكومة المكلفة من مجلس النواب، لم يصدر عنهما أي رد فعل على إعلان الأعلى للدولة عن مرشحه لرئاسة حكومة جديدة.