تضغط السعودية والإمارات على حلفائهما في أوروبا من أجل إحياء العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، وتخفيف العقوبات المفروضة عليه، بحسب ما نقلته وكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس 15 يونيو/حزيران 2023، عن أشخاص مطلعين.
وتأتي الضغوطات في أعقاب عودة بشار الأسد إلى الجامعة العربية في مايو/أيار، في خطوةٍ تمثل انتصاراً للزعيم الذي يخضع لعقوبات أمريكية وأوروبية مكثفة بسبب الفظائع التي ارتكبها خلال الحرب السورية.
المصادر المطلعة، أوضحت أن مسؤولي السعودية والإمارات يضغطون على نظرائهم في الاتحاد الأوروبي على مختلف المستويات منذ أشهر، مشيرة إلى أن المسؤولين قد جادلوا بأن الخطوات الدبلوماسية لإنهاء الصراع المستمر منذ 12 عاماً لن تكون مجدية، وذلك في حال عدم تخفيف العقوبات من أجل المساعدة في إحياء اقتصاد سوريا المنهار.
كما قال المسؤولون إن الانتعاشة الاقتصادية قد تجذب الملايين من اللاجئين السوريين للعودة إلى وطنهم، ما سيخفف الضغوطات الواقعة على الدول المجاورة التي تستضيفهم، ومنها لبنان والأردن.
ويأتي ذلك على الرغم من أن استطلاعات الرأي التي أجرتها الأمم المتحدة تقول إن غالبية السوريين لا يرغبون في العودة.
يُذكر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يزور فرنسا حالياً، ومن المقرر أن يلتقي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة 16 مايو/أيار.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت النقاشات ستشمل المسألة السورية أم لا، لكن الرئاسة الفرنسية قالت إنهما سيناقشان موضوعات شرق أوسطية وعالمية.
إضفاء الشرعية على الأسد
ووفقاً للوكالة الأمريكية، فقد استبعدت الدول البارزة في الاتحاد الأوروبي، مثل فرنسا وألمانيا، فكرة إعادة العلاقات مع سوريا؛ حيث قالت هذه الدول إن تلك الخطوة لن تُعالج مُسببات الحرب، كما ستمثل مكافأة لنظامٍ متهم بقتل شعبه.
إذ قال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، خلال مؤتمر للمانحين السوريين في بروكسل، اليوم الخميس 15 يونيو/حزيران: "سأقولها بوضوح؛ إن الأوضاع ليست مواتيةً حتى يُغير الاتحاد الأوروبي سياسته بشأن سوريا".
وأردف أن أي تغيير سيتوقف على تطبيق الأسد للإصلاحات السياسية، والتزامه بقرارات الأمم المتحدة، وأن الولايات المتحدة تدعم من جانبها هذا الموقف.
حيث قالت واشنطن، يوم الأربعاء 14 يونيو/حزيران، إنها تدعم قرار هولندا وكندا ببدء إجراءات التقاضي ضد الحكومة السورية أمام محكمة العدل الدولية.
وزارة الخارجية الأمريكية صرحت بأن "الانتهاكات موثقة جيداً، ويجب تحميل نظام الأسد المسؤولية عنها".
يُذكر أن الحرب السورية شهدت مصرع ما لا يقل عن 500 ألف شخص، ونزوح نصف سكانها الذين بلغ عددهم 23 مليون نسمة قبل الحرب، ناهيك عن تحفيز صعود جماعات متشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية.
إحكام القبضة على السلطة
تأتي هذه الخطوة في أعقاب سلسلة من التطورات التي أعادت تشكيل ديناميات النفوذ في الشرق الأوسط خلال الأشهر الماضية، بالتزامن مع تبني السعودية لسياسة خارجية أكثر حزماً.
إذ أحيت المملكة العلاقات مع عدوتها اللدودة السابقة إيران، وذلك بفضل الوساطة الصينية، كما عملت على تهدئة الصراع في اليمن.
يُشار إلى أن السعودية والإمارات انضمتا قبل أكثر من عقدٍ كامل إلى تحالف من الدول الإقليمية والغربية، من أجل دعم الثوار والجماعات المعارضة التي تحاول الإطاحة بالأسد.
لكن موقفهما تغير خلال السنوات القليلة الماضية بالتزامن مع إحكام الأسد لقبضته على السلطة. ويرجع الفضل في ذلك بدرجةٍ كبيرة إلى المساعدات العسكرية التي حصل عليها الأسد من روسيا وإيران.
وأعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق عام 2018، بينما أحيت الرياض العلاقات معها في العام الجاري.
ولا شك أن أحد الأسباب المحركة للنهج السعودي الجديد تتمثل في إقناع الأسد بالحد من تهريب مخدر الكبتاغون، الذي يزيد ويلات الإدمان في بعض أجزاء الخليج. إذ عززت الجماعات السورية أنشطة إنتاج وتصدير الأمفيتامين، حتى تضمن استمرار تدفق العملة الصعبة على خزائن الحكومة المُعدمة، ومساعدتها في تمويل عملياتها الحربية.