قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية في تقرير نشرته الجمعة 9 يونيو/حزيران 2023، إن مقطع فيديو يظهر مركبات مدرعة صينية، نُشر عن طريق الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، أحد داعمي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه ضد أوكرانيا، يثير تساؤلات حول ما إذا كانت المعدات العسكرية القادمة من الصين تستخدم لدعم حملة موسكو العسكرية.
ظهرت ثماني ناقلات جند مدرعة غير مسلحة في فيديو نُشر الأربعاء 7 يونيو/حزيران في القناة الرسمية على تطبيق تليغرام لقديروف، زعيم الجمهورية الروسية وأحد الحلفاء المقربين من بوتين، وإن كان حليفاً متقلباً. أسهم قديروف بالقوات والمعدات العسكرية في الجهود الحربية الروسية بأوكرانيا، ومع ذلك لا يمكن التأكد بعد من الطريقة التي قد يستخدم بها المركبات الصينية.
مركبات صينية في الشيشان
كانت هذه المركبات متعددة الأغراض من طراز "تايغر" أو "تايغر الصينية". وتنتج هذه المدرعات شركة Shaanxi Baoji Special Vehicles Manufacturing، وهي أحد المتعاقدين العسكريين في شمال الصين.
يثير الفيديو، الذي تظهر فيه المدرعات الصينية، تساؤلات أخرى، بما في ذلك السبب الذي دفع قديروف لعرضها.
لم ترد شركة Shaanxi Baoji على رسائل البريد الإلكتروني المرسلة إليها. وقالت وزارة الخارجية الصينية إنها لم تكن على علم بالموقف، وإن بكين التزمت دائماً بسياستها القائمة على "عدم سكب الزيت على النار" في أوكرانيا. ولم يرد الكرملين على الفور على طلبات للتعليق أُرسلت إليه الجمعة 9 يونيو/حزيران.
مركبات مدرعة صينية المنشأ
قال المحللون إن أي ظهور للمركبات المدرعة الخفيفة في أوكرانيا، التي تعد أقرب إلى سيارات هامفي الأمريكية العسكرية من كونها دبابات، قد يحمل معنى رمزياً أكثر من كونها ذات قيمة عسكرية، بسبب منشئها والتدقيق الذي يخضع له موقف الصين من الحرب التي تشنها روسيا. لم تستطِع صحيفة The Wall Street Journal تحديد التوقيت الذي وصلت فيه هذه المركبات إلى الشيشان أو كيف حدث ذلك، أو ما هي الطريقة التي ستُنشر بها.
ورفضت بكين الجهود التي يقودها الغرب لعزل روسيا، وعزَّزت حجم تجارتها مع جارتها، بما في ذلك تصدير مركبات أكثر، وفي الوقت ذاته رددت بعضاً من الدعاية الحربية التي تسوقها موسكو. ومع ذلك، توقفت الصين على ما يبدو أيضاً عند حد تسليح روسيا خلال حملتها العسكرية ضد أوكرانيا، وبدلاً من ذلك اتخذت لنفسها موقف صانع السلام الإقليمي.
وأدى ظهور المعدات العسكرية الصينية في الشيشان إلى لفت الانتباه في الدوائر العسكرية. قال سيمون ويزمان، الباحث الكبير في برنامج نقل الأسلحة بمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI): "إنها كذلك بالتأكيد، وبلا أدنى شك حولها، إنها مركبات تايغر الصينية. ليس هناك شك حول ذلك. وإنها قطعاً في الشيشان".
صادرات عسكرية صينية
يشير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن المركبات المدرعة كانت صاحبة المركز الثاني في قائمة الصادرات العسكرية الصينية الأعلى قيمة خلال عام 2022، بمبيعات وصلت إلى 392 مليون دولار، ولم يسبقها سوى الطائرات التي بلغت قيمتها 703 ملايين دولار. وتبين قاعدة بيانات المعهد أن صادرات الصين من مركبات تايغر وصلت إلى العديد من البلاد، التي تتضمن أفغانستان وكمبوديا وتنزانيا وجزر البهاما.
ولكن ليست لديه سجلات حول شراء روسيا أياً من هذه المدرعات، وقال ويزمان إن روسيا استخدمت عادة ناقلات الجند المدرعة التي تصنعها محلياً. وأوضح أن استيرادها من الصين ربما يشير إلى وجود مشكلات في الإنتاج.
يُظهر الفيديو قديروف بينما يقود إحدى ناقلات الجند الثمانية، التي ظهرت مع عشرات المركبات ذات الطراز العسكري مصطفةً أمام مقره الرسمي، بينما كان المسؤولون الشيشانيون وأفراد قوات الأمن الشيشاني يركبون في المؤخرة.
يقول جوزيف ويبستر، الزميل الكبير في المجلس الأطلسي بواشنطن، الذي يحرر تقرير روسيا والصين الذي تصدره المؤسسة الفكرية، إن الصين لن تجنيَ الكثير من تصدير مركبات على شاكلة تايغر لاستخدامها في منطقة الصراع، بالنظر إلى إمكانياتها المحدودة في تحديد شكل ساحة معركة، بالإضافة إلى سهولة التعرف عليها. وأوضح: "احتمالية اكتشافها مرتفعة، وهي ذات عائد قليل". ومع ذلك، تحمل المركبات الصينية أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا.
زيادة مبيعات الأسلحة الصينية لروسيا
تشير الأرقام التي جمعها ويبستر من الإحصاءات الرسمية للتجارة، إلى وجود زيادة في حجم المبيعات الصينية إلى روسيا من المركبات الثقيلة منذ بداية الحرب، بما في ذلك 6000 مركبة ثقيلة في شهر أبريل/نيسان فقط. تعتمد روسيا، مثل الولايات المتحدة، اعتماداً كبيراً على المركبات في الأغراض اللوجستية، ولذا فإن الارتفاع الكبير في الصادرات بشكل عام التي ترسلها الصين إلى روسيا وجارتها روسيا البيضاء من المعدات يسهم في تمكين جهود الحرب الروسية، على الأقل بشكل غير مباشر.
أخبر وانغ باوهي، سائق السيارة الأجرة الصيني الذي تحول إلى مقاول عسكري والذي أسس شركة Shaanxi Baoji، وسائل الإعلام الصينية بأنه صمم مركبة تايغر لتكون جبارة أكثر من سيارات هامفي الأمريكية، وأنه جلس في واحدة منها، بينما كانت تُطلق عليها النيران لاختبارها. وقالت الشركة إن المركبة لديها مقعدان في المقدمة، وتسعة مقاعد في المؤخرة، وإن سرعتها تصل إلى 70 ميلاً في الساعة، وإن درعها قادرة على الصمود أمام مدافع الكلاشينكوف.
وتقول شركة Shaanxi Baoji إنها تصنع سنوياً أكثر من 600 من المركبات المدرعة الخفيفة ذات العجلات متعددة الأغراض، وإن مركبة تايجر استُخدمت عن طريق قوات حفظ السلام الصينية في لبنان وهايتي.
لكن المواقع العسكرية المتخصصة تصف المدرعة تايغر بأن حمايتها خفيفة بالنسبة للمعارك الكثيفة. قال سكوت بوسطن، المحلل الدفاعي الكبير في مؤسسة راند بواشنطن: "في هذه المرحلة من الصراع، أعتقد أن الحاجة ستكون لدروع حماية إضافية أكثر من الحاجة إلى السرعة، إذا كنت ستستخدمها في واقع الأمر في أوكرانيا". لكنه أوضح أن المركبات السريعة يمكن أن تستخدم أيضاً بوصفها سيارات إسعاف أو عن طريق فرق إطلاق قذائف الهاون.