تتبادل أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن من المُتسبِب منهما في تدمير سد كاخوفكا، وتدفق المياه من الهيكل، يوم الثلاثاء 6 يونيو/حزيران، لتغمر المنازل والحقول الزراعية في جميع أنحاء جنوب شرق أوكرانيا، يقول موقع Middle East Eye البريطاني، إن التأثير يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير ليصل الشرق الأوسط، نظراً لأنَّ أوكرانيا واحدة من المنتجين الرائدين عالمياً في المحاصيل الزراعية مثل القمح والشعير.
ويقول المحللون الآن إنَّ الشرق الأوسط سيشعر بتأثير الأضرار التي لحقت بالمنتجات الزراعية في منطقة صارت سلة غذاء للعالم، مثلما حدث عندما تباطأت الصادرات في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.
فيما قال فاضل الزعبي، الممثل السابق لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في العراق، لموقع Middle East Eye، إنَّ الفيضانات من السد ستعيق بشدة قدرة خيرسون على إنتاج الحبوب، وأضاف الزعبي: "ستؤدي الفيضانات إلى إنهاء الزراعة في المنطقة وإعاقة تربية الأسماك ومنع المزارعين من الوصول إلى الأراضي. بالإضافة إلى ذلك، ستتسرب المواد الكيميائية والتلوث إلى المياه، ويمكننا أن نرى الألغام تتحرك إلى السطح وتنفجر".
ويعتقد خبراء الاقتصاد في الأمم المتحدة أنَّ محصول القمح والشعير وبذور اللفت هذا العام في المناطق الجنوبية من أوكرانيا سيضيع تماماً نتيجة للفيضانات.
لكن المحاصيل المزروعة في الربيع؛ مثل الذرة وفول الصويا وعباد الشمس يمكن أن تبقى على قيد الحياة إذا انحسر الفيضان.
وأدت الفيضانات من سد كاخوفكا، في منطقة خيرسون الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا، بالفعل إلى ارتفاع أسعار المحاصيل العالمية، إذ ارتفع القمح 2.4%، يوم الثلاثاء 6 يونيو/حزيران، وارتفعت الذرة بنسبة 1%، قبل أن تنخفض قليلاً بحلول يوم الخميس 8 يونيو/حزيران.
دمار المحاصيل الشتوية
بدوره قال حسام عايش، الخبير الاقتصادي الأردني، لموقع Middle East Eye، إنه لا يمكن استبدال محصول الشتاء المتضرر؛ مما يعني أنه من المتوقع ارتفاع أسعار الحبوب في الشرق الأوسط.
ويمثل القمح شريان حياة لمصر، حيث يعتمد سكان البلاد البالغ عددهم 100 مليون نسمة اعتماداً كبيراً على الخبز باعتباره غذاءً أساسياً.
كما أن مصر من أكبر مستوردي القمح على مستوى العالم، وبين يوليو/تموز 2020 ويونيو/حزيران 2021، استوردت 13.3 مليون طن من القمح، 8.96 مليون طن منها من روسيا، لكن هذا انخفض لأنَّ الحرب عطلت مؤقتاً شحنات الحبوب من البحر الأسود وألحقت أضراراً بالمناطق الصالحة للزراعة.
"رسالة سياسية"
بينما تعتمد مصر والعديد من الدول الأخرى في المنطقة على القمح المستورد، تعد تركيا واحدة من الدول القليلة التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي إلى حد كبير، إذ تنتج 20 مليون طن لتلبية احتياجاتها المحلية.
وقال عايش: "تركيا تستورد القمح، لكن فقط لاستخدامه في المنتجات التجارية التي ستصدرها بعد ذلك.. وبعض تلك الواردات تأتي من روسيا وأوكرانيا، لكن الأمن الغذائي لتركيا لا يعتمد عليها".
وبلغت كمية القمح المُنتَج عالمياً العام الماضي 770 مليون طن. وأخبر الممثل السابق لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في العراق فاضل الزعبي، موقع Middle East Eye، أنَّ 200 مليون طن فقط من القمح تُتدَاوَل في السوق العالمية، بينما يُستهلَك الباقي محلياً.
وكانت صادرات أوكرانيا السنوية من القمح قبل الحرب نحو 16 مليون طن، بينما صدّرت روسيا 43 مليون طن، ويرى الزعبي أنَّ "الأسعار ستنخفض إلى مستوياتها السابقة. وقد تلقى إنتاج الحبوب والقمح في أوكرانيا بالفعل ضربة كبيرة عندما بدأت الحرب".
لكنه أردف: "حصة أوكرانيا في تصدير القمح ليست ضخمة مقارنة بالدول الأخرى. والدول التي اعتمدت على أوكرانيا زادت مخزونها من القمح [من مصادر أخرى] هذا العام، ولا أعتقد أنه سيكون هناك طلب كبير عليه؛ لذلك ستستقر الأسعار".
يشار إلى أن تفجير سد نوفا كاخوفكا لم يكن حدثاً يخص فقط طرفي الصراع روسيا وأوكرانيا بل تعدى هذا الخطر عدداً كبيراً من دول الجوار وربما قد يطال هذا الأثر العالم أجمع نظراً للكوارث التي قد تترتب على هذا الانفجار.
فأول التهديدات الناجمة عن هذه الكارثة هو تضرر محطة نووية شهيرة في أوكرانيا وقد تخرج المفاعلات النووية فيها عن الخدمة، والأمر الآخر له علاقة بدور أوكرانيا في تصدير الحبوب والزيوت للعالم أجمع.
وتسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في شح السلع والحبوب والزيوت في العالم أجمع، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني في العالم بسبب هذه الحرب؛ نظراً لخروج ملايين الأفدنة من الأراضي الصالحة للزراعة عن الخدمة بسبب المعارك التي ما زالت جارية.