أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أمام وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، الأربعاء 7 يونيو/حزيران 2023، أن بلاده لا تزال ملتزمة تجاه شركائها بمنطقة الخليج، وذلك في وقت تشهد التحالفات الإقليمية تغييرات سريعة تتمحور حول التقارب الأخير بين السعودية وإيران.
جاء كلام بلينكن خلال اجتماع وزاري في الرياض، مع كبار دبلوماسيي دول مجلس التعاون الخليجي، بعد لقائه نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
بلينكن قال في مستهلّ الاجتماع حول الشراكة الاستراتيجية بين الخليج وواشنطن، إن "الولايات المتحدة موجودة في هذه المنطقة لتقول إننا لا نزال منخرطين بعمق في الشراكة معكم جميعاً"، مضيفاً أن "دول مجلس التعاون الخليجي هي جوهر رؤيتنا لشرق أوسط أكثر استقراراً وأماناً وازدهاراً".
كان بلينكن قد وصل الثلاثاء 6 يونيو/حزيران إلى السعودية، في زيارة تستمرّ ثلاثة أيام، على خلفية تقارب تاريخي بين السعودية ودولتين عدوتين للولايات المتحدة، هما إيران وسوريا، مما أطلق تغييراً في الوضع الجيوسياسي في المنطقة.
تُعد هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها بلينكن للمملكة منذ أن قرّرت السعودية في مارس/آذار 2023، استئناف العلاقات الدبلوماسية مع خصم واشنطن اللدود، إيران، التي تخضع لعقوبات غربية بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل وتورطها في صراعات إقليمية.
كانت أمريكا قد أبدت دعماً متحفظاً للاتفاق السعودي الإيراني الذي أبرم برعاية الصين، القوة الدبلوماسية الصاعدة في الشرق الأوسط، ومنذ ذلك الحين، أعادت السعودية العلاقات مع نظام بشار الأسد حليف طهران، كما كثفت مساعيها للسلام في اليمن، حيث قادت منذ سنوات تحالفاً عسكرياً ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
قبيل وصول بلينكن إلى الخليج، أعادت إيران فتح سفارتها في الرياض، كذلك وفي سياق انفتاح الرياض على خصوم واشنطن، استقبل ولي العهد الأمير محمد، الإثنين الماضي، الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
كانت العلاقات الأمريكية السعودية قد توترت في السنوات الأخيرة، بسبب قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول، ما أثار انتقادات أمريكية واسعة للرياض، والأمير محمد.
زيادة العمل المشترك
في ختام الاجتماع، أعلنت الخارجية السعودية في بيان، أن الوزراء المشاركين بحثوا "تكثيف العمل الخليجي الأمريكي، والتنسيق المشترك في العديد من القضايا الإقليمية والدولية".
كان على جدول أعمال الاجتماع، القضايا الإقليمية الرئيسية، وضمن ذلك الصراعات في اليمن والسودان وسوريا والأراضي الفلسطينية، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري.
بدوره لفت بلينكن في كلمته أمام الوزراء، إلى "أننا نعمل معاً للتوصل إلى… حلّ للنزاع في اليمن" و"لمواصلة التصدّي لسلوك إيران المزعزع للاستقرار"، وضمن ذلك احتجازها مؤخراً ناقلات نفط في مياه الخليج.
في الشأن السوري، قال بلينكن: "إننا مصمّمون على إيجاد حلّ سياسي في سوريا يحافظ على وحدتها وسيادتها ويلبي تطلعات شعبها"، أما في ما يخصّ العلاقات مع إسرائيل، فقال بلينكن: "إننا نتعاون مع دول في المنطقة لتوسيع وتعميق تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
من المقرر أن يرأس بلينكن مع نظيره السعودي بن فرحان، الخميس 8 يونيو/حزيران 2023، في الرياض، أيضاً اجتماعاً للدول الأعضاء في التحالف الدولي ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي أنشئ عام 2014 ويضم عشرات الدول.
وفي اليوم الأول من زيارته للمملكة، قال مسؤول أمريكي طالباً عدم كشف هويته، إن بلينكن وولي العهد السعودي أجريا "محادثات صريحة"، موضحاً أن وزير الخارجية أثار مع الأمير محمد بن سلمان قضية حقوق الإنسان "بشكل عام وفيما يتعلق بقضايا محددة".
أضاف أن الاجتماع الذي بدأ قرابة منتصف الليل بالتوقيت المحلي في القصر الملكي واستمر ساعة وأربعين دقيقة، "سمح بالتوصل إلى عدد من نقاط التلاقي… مع اعترافنا بتلك التي نختلف حولها"، وتابع أنهما "ناقشا تطبيعاً محتملاً للعلاقات مع إسرائيل، واتفقا على مواصلة الحوار في هذا الشأن".