ستقود ألمانيا أكثر من 20 دولة في أكبر تدريب جوي لحلف الناتو على الإطلاق، بالتزامن مع سعي التحالف لإثبات مدى سرعته في الاستجابة لأي اعتداء روسي محتمل على أعضائه، بحسب ما قالته صحيفة Financial Times البريطانية، الخميس 8 يونيو/حزيران 2023.
وتنطلق مناورة "الدفاع الجوي" بدايةً من الأسبوع المقبل ولمدة 10 أيام، بمشاركة 10 آلاف جندي و250 طائرة من 23 دولة من حلف الناتو. كما سيشهد التدريب مشاركة السويد، التي تقدمت بطلب الانضمام إلى التحالف العسكري الغربي، وكذلك اليابان.
ستجري العملية من ثلاثة مراكز في مختلف أنحاء ألمانيا، حتى تضع البلاد في موقع محوري بالتزامن مع سعيها لتولي دور أكبر في الأمن الأوروبي.
وستشهد المناورة مشاركة طائرات مثل مقاتلات إف-35 ويوروفايتر وتورنادو وغربين، إضافة إلى طائرات ريبر المسيّرة والمروحيات وطائرات الشحن والناقلات.
وظهرت فكرة التدريب للمرة الأولى عام 2018، قبل وقتٍ طويل من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هجومه على أوكرانيا، لكن الفكرة جاءت بعد أربع سنوات من ضم بوتين للقرم ودعمه للانفصاليين في شرقي أوكرانيا.
وقال قائد سلاح الجو الألماني إنغو غيرهارتز للمراسلين، الأربعاء، إن العملية "لا تستهدف أحداً"، وتهدف بالكامل إلى إظهار "أن تحالفنا قادر على الدفاع عن نفسه".
لكن إيمي غوتمان، السفيرة الأمريكية في برلين، قالت خلال الحدث نفسه، إنها "ستُفاجأ لو لم يُدرك أي زعيمٍ عالمي ما تكشفه هذه المناورة على صعيد… قوة هذا التحالف. وهذا يشمل السيد بوتين".
ولم يصدر الكرملين أو وزارة الدفاع الروسية تعليقاً علنياً على المناورة المخطط لها.
ألمانيا إلى الواجهة
بينما قال المدون العسكري الألماني البارز توماس ويغولد، إنَّ تولي برلين دور الريادة في تنظيم وقيادة المناورة أمر بارز، بعد أن ظلت معتمدة على واشنطن لضمان أمنها لفترةٍ طويلة. وأردف أن ألمانيا أرادت إظهار قدرتها على "تنظيم، واستضافة، وتأمين كافة القوات الأجنبية التي تأتي وتتحرك داخل" أراضيها.
وقد وعد المستشار الألماني أولاف شولتز بإحداث تحولٍ في النهج الدفاعي لبلاده بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، متعهّداً بإصلاح القوات المسلحة الألمانية ضعيفة التجهيز ولعب دور أكثر حزماً في حماية أمن أوروبا.
مع ذلك، كان شولتز أكثر حذراً من بعض زعماء الغرب الآخرين في الاستجابة للهجوم الروسي على أوكرانيا، وهو موقف يقول الحلفاء إنه يعكس شكوك وقلق الرأي العام الألماني حيال مخاطر تصعيد الحرب الأوكرانية، وتحوُّلها إلى صراع أوسع مع موسكو.
وأوضح ويغولد أن أبرز جوانب العملية تتمثل في حجمها وسرعة نشر القوات. ثم أضاف: "هذا دليل على قدرة حلف الناتو، والولايات المتحدة تحديداً، على إرسال الطائرات بسرعةٍ كبيرة إذا دعت الحاجة. وهذا هو المطلوب".
بينما رد غيرهارتز على المخاوف بشأن تأثير التدريب، على حركة المرور الجوية المدنية، حيث أكّد أن التعطيل سيكون "محدوداً للغاية"، لأن غالبية الرحلات العسكرية المخطط لها ستجري فوق بحري الشمال والبلطيق.
كما جادل بأن أي انزعاج سيحدث أثناء فترة المناورة، التي ستستمر من 12 إلى 23 يونيو/حزيران، سيكون له ما يبرره. وأردف: "إذا أردنا إظهار قدرتنا على الدفاع عن هذا البلد وهذا التحالف؛ فعلينا أن نقبل بذلك الانزعاج خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة".
ومع ذلك حذّرت سلطات الطيران الألمانية من أن طائرات الركاب النفاثة ستضطر أحياناً إلى تجنب بعض أجزاء المجال الجوي الألماني، وسلك مسارات غير تقليدية. وقد تحدث بعض التأخيرات في حال كان عدد الرحلات المخطط لها يتجاوز حدود السعة القصوى.