منعت السلطات المصرية علماء آثار هولنديين من دخول البلاد، في نزاع مرير حول معرض يصور مغنين وفنانين وموسيقيين أمريكيين سوداً على أنهم حكام مصر القديمة، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 6 يونيو/حزيران 2023.
ففي آخر معارك الحرب الثقافية على تصوير حضارة مصر القديمة على أنها تنتمي للسود والأفارقة، أثار المتحف الوطني الهولندي للآثار (RMO) في ليدن غضب القاهرة بسبب معرضه، الذي يحمل عنوان "كيميت"، أو "الأرض السوداء"، الذي يستكشف الحضارة المصرية القديمة من خلال موسيقى الجاز والسول والفانك؛ لإظهار "أهمية مصر القديمة والنوبة في أعمال الموسيقيين من المغتربين الأفارقة".
يعرض المتحف صور بيونسيه وريهانا في صورة الملكة نفرتيتي، ومغني الراب الأمريكي ناز في صورة توت عنخ آمون، وإيدي ميرفي في صورة رمسيس. ويأتي ذلك بعد خلاف دولي حول اختيار شبكة نتفليكس أديل جيمس، الممثلة البريطانية السوداء، لأداء دور كليوباترا.
حيث قال المتحف: "في علم المصريات، العلم الذي يدرس مصر القديمة، لطالما كانت مصر تُدرَس باعتبارها جزءاً من منطقة البحر المتوسط، لكن كثيراً من الموسيقيين من أصل إفريقي يؤكدون أن مصر القديمة ثقافة إفريقية".
على خلفية اتهامات بـ"تزييف التاريخ" واتباع نهج حركة "المركزية الإفريقية "أفرو سينتريزم""، منعت هيئة الآثار المصرية علماء آثار هولنديين من دخول مقبرة سقارة القريبة من القاهرة، التي تضم أقدم الأهرامات.
"سلب حضارة مصر القديمة"
كما قالت صحيفة الفجر المصرية إن المعرض "مستفز بشكل كبير ويتطلب تفسيراً من القائمين على المعرض"، لاتهامه بدعم أفكار حركة المركزية الإفريقية، التي تحاول سلب الحضارة المصرية القديمة من شعبها.
بينما كتب الصحفي حسام زيدان، المتخصص في الآثار: "كان يجب عليهم توضيح أن المعرض يتحدث عن الموسيقيين الأفارقة غير المصريين؟ وهو ما يتفق مع التاريخ والواقع والمنطق، فهم لم يكونوا ولن يكونوا مصريين".
رد ويم ويجلاند، مدير المتحف، بإبداء استيائه من عدم حضور أي مسؤول مصري المعرض. وقال لصحيفة NRC Handelsblad: "الاتهام بتزوير التاريخ غير لائق. فهذا المعرض أقيم بعناية كبيرة. والعلماء لا يكيلون الاتهامات لبعضهم بهذه الطريقة".
يشارك المتحف الهولندي الوطني للآثار في عدد من أعمال التنقيب في سقارة، بالقرب من القاهرة، منذ عام 1975، وسيؤثر هذا الحظر على واحدة من هذه الحفريات المهمة. وقال ويجلاند: "لن نقدم أي اعتذار ولن نغير المعرض. عليهم الحضور ومشاهدته أولاً قبل أن يعلقوا".
عزا دانيال سليمان، أمين المعارض، وهو نصف مصري، رد الفعل إلى تنامي القومية في مصر والعنصرية ضد السود. وقال: "المناقشات عن مصر القديمة لا تتطرق إلى المصريين المعاصرين، وخاصة من جانب الغرب. وهذا لا يزال أمراً شديد الحساسية".
على أن المسألة في النهاية ليست مسألة عرق وإنما مِلكية وحيازة؛ فقد كان التاريخ المصري القديم مستغلاً من الأوروبيين، وهو الآن أساس التمثيل القوي في ثقافة البوب. ويبدو أن مصر سئمت ظهور أناس آخرين ينسبون إليهم تراثها.