“تجاهلت التنبيهات فمات 94 بينهم أطفال”.. اتهامات لإيطاليا بالتقاعس عن نجدة لاجئين كانوا يغرقون بالبحر

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/03 الساعة 09:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/05 الساعة 04:47 بتوقيت غرينتش
مركب للمهاجرين في البحر - صورة أرشيفية- رويترز

كشف تقرير جديد أن السلطات في إيطاليا تقاعست عن نجدة لاجئين كان قاربهم يغرق، وذلك بعدما تلقت تنبيهات طوارئ من الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، تحذرهم من الغرق المُحتمل للقارب قبالة سواحل كروتوني، ما أدى في النهاية إلى وفاة العشرات، الذين كان بإمكان روما الحيلولة دون موتهم. 

موقع Middle East Eye البريطاني قال، الجمعة 2 يونيو/حزيران 2023، إن التحذيرات وصلت إلى السلطات الإيطالية يوم 26 فبراير/شباط 2023، مشيراً إلى أن القارب كان يحمل قرابة 200 شخصٍ على متنه، وغالبيتهم من اللاجئين من أفغانستان، وقد لقي 94 شخصاً حتفهم، وبينهم 35 طفلاً.

استند التقرير الجديد إلى سجلات الرحلة، وتقارير "فرونتكس" وخفر السواحل التابع لإيطاليا، ومشاهد المراقبة، وشهادات الشهود، وأظهر أن السلطات الإيطالية كانت تعرف نقاط ضعف القارب والظروف الجوية السيئة عبر تنبيهات الطوارئ من "فرونتكس".

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني قالت في مقابلةٍ بعد الحادثة ببضعة أيام: "هل تعتقدون أن إيطاليا كان بإمكانها إنقاذ حياة أكثر من 60 شخصاً -بينهم أطفال- ولم تفعل ذلك؟"، ثم أكّدت أن "فرونتكس" لم تبعث تنبيهات طوارئ إلى خفر السواحل.

كذلك تقول الرواية الرسمية لإيطاليا إن قارب الرحلات الخشبي "سامر لاف" غرق في المياه الهائجة قبالة كروتوني، بعد ست ساعات من رصده بواسطة طائرة "فرونتكس" التي أبلغت بأن القارب "لم يُظهر أي نداءات استغاثة".

لكن منظمة Lighthouse Reports للتقارير الاستقصائية، سلطت الضوء على أوجه التناقض بين رواية "فرونتكس" ورواية السلطات الإيطالية للأحداث.

كلاس فان ديكين، المتحدث باسم المنظمة، قال في تصريح للموقع البريطاني: "أدلت السلطات الإيطالية وفرونتكس بتصريحات مختلفة بعض الشيء.. شعرنا في تلك اللحظة بوجود شيء مريب، وأن أحدهم لا يروي القصة كاملة".

حصلت منظمة Lighthouse Reports على تقرير سري من سجلات رحلة "فرونتكس"، وكشف التقرير أن الطائرة "إيغل 1" صادفت "رياحاً قوية" قبل ساعتين من رصد القارب.

لكن التقرير الخاص بالظروف الجوية السيئة تم حذفه من الرواية الرسمية في إيطاليا للأحداث، التي تجاهلت كذلك الحديث عن أن الطائرة رصدت "استجابةً حراريةً كبيرة" أسفل سطح القارب، ما يشير إلى "وجود عدد ركاب أكبر من المألوف على متنه".

كما صممت المنظمة نسخةً بالأبعاد الثلاثية من القارب لتوضيح نقاط ضعفه، التي كان من المفترض أن ترصدها الطائرة، ووجدت أن القارب الخشبي كان مصمماً لاستيعاب 16 راكباً، لكنه كان يحمل نحو 200 راكب على متنه.

بدوره، أوضح فان ديكين أن هذا الأمر كان سيظهر في لقطات المراقبة، التي يتم بثها من الطائرة إلى خفر السواحل بطول وسط حوض المتوسط، وإلى المقر الرئيسي لـ"فرونتكس" في وارسو أيضاً.

أضاف فان ديكين أن القارب كان "مكتظاً بأكثر من حمولته، وهو أمر كانت ستراه فرونتكس بوضوح. وكان الجميع على علمٍ بوضع القارب ولم يرسلوا سفينة إنقاذ.. وهو قرار كانت له تداعياته الوخيمة على ركاب القارب".

وكشف تصميم الأبعاد الثلاثية من المنظمة أن طابقي القارب كانا يحملان ما يفوق طاقتهما الاستيعابية، وبحسب فان ديكين فإنه "كان هناك 200 شخص في الأسفل، واضطروا جميعاً للصعود إلى الطابق العلوي عندما تحطّم القارب، وذلك عبر درجٍ ضيق للغاية، أي أن نجاة أكثرهم كانت مستبعدة".

كذلك تقدم شهادة شهود العيان التي جمعتها Sky News البريطانية، نظرةً مروعة على تحطُّم القارب، إذ تحدثت نيغينا (23 عاماً)، المرأة الأفغانية عن فقدان زوجها في الماء بعد أن جرفته موجة قوية بعيداً عنها. وقد وجدت حذاءه الرياضي الأسود على الشاطئ بعدها بأيام.

بينما وصفت رواية أخرى كيف توفي الطفل السوري سلطان أحمد الملقي من البرد، أثناء محاولة شقيقه لسحبه عبر المياه إلى بر الأمان، وقال فان ديكين: "هذه قصص لن تنساها أبداً".

أشار فان ديكين إلى أن السلطات الإيطالية قالت إنها لا تستطيع الرد على ادعاءات التقرير، نظراً لوجود تحقيق جارٍ في الواقعة بواسطة المدعي العام، بينما ردت "فرونتكس" قائلةً إنها اتبعت البروتوكولات، لكنها رفضت الرد على الادعاءات المرتبطة بالظروف الجوية في يوم تحطم القارب.

يلفت الموقع البريطاني إلى أن حوادث التحطم المشابهة قد تتحول إلى حدثٍ أكثر تكراراً في عهد رئيسة وزراء إيطاليا ميلوني، التي انتُخِبَت على وعدٍ بتقليل الهجرة.

في هذا الصدد، قال فان ديكين في حديثه إلى الموقع البريطاني: "ينصبّ تركيز إيطاليا وأوروبا على منع الناس من العبور إلى القارة، بدلاً من منحهم ممرات قانونية وآمنة لطلب اللجوء. إنها سياسة تهدر الأرواح، وهذه هي أحدث وأقذر نتائج سياستهم".