قال المفكر السويسري والباحث الإسلامي ذو الأصول العربية طارق رمضان، إن تهمتي الاغتصاب والإكراه الجنسي اللتين لاحقتاه هما نتيجة استهداف مبني على "ما يمثله من معتقدات وأفكار"، مشيراً إلى أن المشتكين ضده جميعهم على معرفة ببعضهم بعضاً؛ مما يعزز فرضية وجود "مكيدة"
جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول، كشف خلالها عن حياته بعدما برأته محكمة سويسرية في مايو/أيار المنصرم من اتهامات "الاغتصاب والإكراه الجنسي" في واقعة يعود تاريخها لعام 2008، حيث قضت بعدم وجود دليل ضده.
وحصل رمضان (60 عاماً) على حكم البراءة بعد 5 سنوات كانت قضيته مثار جدل دائم، لا سيما أنه لا يزال في انتظار محاكمة محتملة في فرنسا، حيث تتهمه 4 نساء أخريات بـ"الاغتصاب".
ووصف رمضان ما يواجهه بأنه "قضية سياسية قبل أن تكون قانونية"، وقال: "كان لدي انطباع في بعض الأحيان أنهم لا يحاكمونني باعتباري مجرد رجل، بل الأمر متعلق بما أمثله".
كما أوضح أن هذه القضية لو لم تكن مرتبطة باسم طارق رمضان "لما كان لها وجود من الأساس"، مبيناً أن المحكمة السويسرية التي مثل أمامها حرصت على الحكم عليه "كمواطن سويسري فقط، ونسيان اسمه".
وتحدث عن أن بعض الشخصيات التي وجهت له اتهامات شديدة "قريبة من اليمين المتطرف الذي يدعم مارين لوبان (زعيمة التيار اليميني في فرنسا)".
وعلى هذا النحو، رأى رمضان أنه يتم استهدافه باعتباره "شخصية مسلمة تقر بوجود أوروبيين يؤمنون بالعقيدة الإسلامية".
وسعى رمضان جاهداً طوال فترة محاكمته والإجراءات التي رافقتها إلى الكشف عما وصفه بـ"مكيدة" المدعيات ضده، وارتباطهن بالكاتبة الفرنسية كارولين فوريست، المدافعة عن التوجه العلماني، ومؤلفة كتاب ينتقد طارق رمضان بشكل خاص.
وتابع: "تبين أن جميع المدعيات يعرفن بعضهن بعضاً، وأنهن على اتصال بأعدائي الأيديولوجيين كارولين فورست، وآلان سورال، والمصور جان كلود ألفاسي، حيث يسعين إلى هدم حياتي المهنية وتشويه سمعتي".
ووفقاً للمفكر الإسلامي، اتضح خلال المحاكمة التي جرت أوائل مارس/آذار في مدينة جنيف، أن صاحبة الشكوى السويسرية "كانت على اتصال أيضاً بالمشتكين ضده في فرنسا وبكارولين فوريست"، وهو ما أنكرته الأخيرة في أحد اللقاءات التلفزيونية.
وكانت المدعية السويسرية التي تقول إنها تعيش في ظل التهديد وتستخدم اسم "بريجيت" المستعار، في الأربعين من العمر تقريباً عند حدوث الوقائع المزعومة قبل حوالي 15 عاماً.
العلاقة مع المجتمعات المسلمة
ومنذ حصوله على حكم البراءة، ضاعف رمضان من استخدامه لمنصات الإنترنت، وعاد مجدداً إلى حياته على الشبكات الاجتماعية، وحتى إلى الجلسات التدريبية التي توفر له قرباً معيناً من أولئك الذين يرغبون في الاستفادة من علمه.
وعند سؤاله عن طبيعة علاقته بالمسلمين، اعتبر أن الانتقادات التي كانت توجه له وتشكك من قيمه الأخلاقية وعلمه "كانت بمثابة استراتيجية سياسية واضحة من أجل تشويه سمعته وعزله عن المسلمين".
وشدد رمضان على أن هذه الاستراتيجية "فشلت" في إبعاده عن المجتمع المسلم، وأصابت داعميها بـ"خيبة أمل".
وبالفعل، يواصل رمضان الدروس بطريقة أكثر ثراء مما كانت عليه قبل ذلك، حتى وإن كان عدد الحاضرين للفعاليات والتجمعات التي يحضرها "أقل" من ذي قبل.
كما لفت إلى وجود حاجة ملحة لوجود شخصية إعلامية يمكن للمسلمين التعرف عليها والاستماع إليها، في ظل سياسة الدولة الفرنسية تجاه الأقلية المسلمة والتي وصفها بأنها "مقلقة" بشكل خاص.
وختم حديثه قائلاً: "لن أتوقف لأنني كرست حياتي لإيصال هذه الرسالة".
ويحمل رمضان شهادة دكتوراه من جامعة جنيف، كما كان أستاذاً في الدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وأستاذاً ضيفاً في جامعات أخرى في عدد من الدول.
يذكر أنه في إطار قضيته في فرنسا، حبس رمضان مؤقتاً مدة 9 أشهر في 2018، لكن أفرج عنه في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. ولا يزال خاضعاً لمراقبة قضائية منذ ذلك الحين.
ومن الشروط القضائية المفروضة عليه الإقامة في فرنسا، بيد أنه يحصل على أذونات استثنائية لمغادرتها للتوجه إلى سويسرا في إطار القضية التي انتهت ببراءته.