تُصر أوكرانيا على ضرورة تزويدها بطائرات "إف-16" الأمريكية على اعتبار أنها عامل تغيير محتمل في صراعها مع روسيا، لكن أشخاصاً حلقوا بتلك الطائرات في معارك قالوا إنَّ تلك المقاتلات، سيقتصر دورها على الدفاع أو النشر في عمليات شديدة الخطورة قد تنتهي بإسقاطها من قبل الصواريخ الروسية، وفق ما ذكره تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية الأحد 28 مايو/أيار 2023.
ستمثل قاذفات القنابل المقاتلة ترقية مهمة للطائرات التي تعود إلى الحقبة السوفييتية التي كان الطيارون الأوكرانيون يقاتلون بها حتى الآن. ومع ذلك، تمتلك طائرات "إف-16″، التي يُرجَح أنَّ الولايات المتحدة سترسلها إلى أوكرانيا، راداراً ذات نطاق أدنى، وصواريخ ذات مدى أقصر من أحدث الطائرات الروسية والدفاعات الجوية.
توقعات الجيش الأوكراني مبالغ فيها
يقول برين تينهيل، طيار سابق صمم محاكاة لطائرات "إف-16": "سيكون الأمر كما لو أنهم سلكوا طريقاً سهلاً أو تحولوا من قيادة سيارة لادا إلى هوندا أكورد"، مشيراً إلى سيارة لادا الشهيرة من الحقبة السوفييتية. لكنه أردف: "لا يمكنك التغلب على قوانين الفيزياء".
هذا يعني أنَّ الأوكرانيين قد يضطرون إلى كبح جماح توقعاتهم المُعلَنة بأنَّ طائرات "إف-16" ستُمكّنهم من فرض التفوق الجوي، وإسقاط صواريخ كروز وأحدث طائرات العدو النفاثة، وتدمير القوات والمدفعية في ساحة المعركة، وحتى إغراق الأسطول الروسي في البحر الأسود.
بينما قال وزير القوات الجوية الأمريكية فرانك كيندال، في إفادة صحفية يوم الإثنين، 22 مايو/أيار، إنَّ المقاتلات ستمنح أوكرانيا "قدرة إضافية ليست لديها الآن".
وفقاً لطيار مقاتلة "إف-16" السابق في القوات الجوية الأمريكية جون فينابل، إذا حلق الطيارون الأوكرانيون على الخطوط الروسية لإطلاق المدفعية أو الدفاعات الجوية أو الطائرات، فمن المحتمل أن يتلقى طيارو مقاتلات "إف-16" منهم تنبيهاً حول رصدهم من رادارات العدو قبل فترة طويلة من الاقتراب بما يكفي لإطلاق النار.
حيث قال فينابل، وهو الآن زميل باحث أول لسياسة الدفاع في مؤسسة هيريتيج الفكرية بواشنطن: "كل ما يمكنك فعله هو الاقتراب من التضاريس الجبلية، على أمل الوصول لتل بينك وأنظمة توجيه الصواريخ، فبدون هذا الغطاء، فرصك في البقاء على قيد الحياة ليست كبيرة".
من المحتمل أن يكون هذا هو الحال في السهول المفتوحة في جنوب أوكرانيا، حيث يعتقد الكثيرون أنَّ الهجوم المضاد الوشيك لأوكرانيا سيتركز.
كما أنه في التضاريس الجبلية في الشرق، يمكن للطيارين الاقتراب من الأرض حتى اللحظة الأخيرة ثم "الظهور فجأة"، تماماً كما يفعلون الآن مع طائراتهم "ميغ" و"سوخوي" العجوزة، وفقاً لفينابل. لكن فرص النجاح بصاروخ واحد محدودة وستنكشف طائرات إضافية بعد المفاجأة الأولية.
إسقاط صواريخ كروز
من جانبه، قال دان هامبتون، الذي حلق في 151 مهمة قتالية خلال حربي الخليج وكوسوفو، إنَّ بعض الأهداف الأوكرانية لطائرات "إف-16″؛ مثل إسقاط صواريخ كروز، هي في الواقع غير عملية؛ ذلك لأنه لا توجد سوى فترة قصيرة بين وقت اكتشاف الرادار لصاروخ كروز ولحظة وصوله إلى هدفه. ولكي تنجح طائرة "إف-16″، ستحتاج إلى قضاء ساعات طيران ثمينة في الانتظار.
لكنه أكثر تفاؤلاً بشأن الكيفية التي ستتصرف بها هذه المقاتلات ضد الدفاعات الجوية الروسية. إذ أشار هامبتون إلى أنه سيكون تحدياً صعباً، لكن الكثير يعتمد على مدى جودة اندماجها في خطة الدفاع الأوكرانية. وقد طُوِرَت منظومة "إس -400" الصاروخية لهزيمة طائرات الجيل الرابع مثل "إف -16″، "لكنها ليست سحرية".
إضافة إلى ذلك، سوف تحتاج طائرات "إف-16" إلى أحدث أسلحة صواريخ جو – جو متوسطة المدى المتطورة للحصول على فرصة للتفوق على مدى الصواريخ التي يبلغ طولها 200 كيلومتر (120 ميلاً) التي تستخدمها طائرات "سوخوي-35" المتفوقة الروسية ضد القوات الجوية الأوكرانية. وقد كلّفت الطائرة الواحدة 1.8 مليون دولار، في آخر إيضاح لميزانية البنتاغون لعام 2023.
هناك مصدر قلق آخر متمثل في أنَّ معدات الهبوط الخفيفة نسبياً لطائرة "إف-16" ومدخل الهواء غير المحمي المتدلي أسفل جسم الطائرة يعني أنَّ مدارج الهبوط يجب أن تكون سلسة وخالية من الحطام الذي قد يُسحَب داخل المحرك أثناء الإقلاع أو الهبوط. وهذه مشكلة لا تعاني منها طائرات ميغ وطائرات أخرى مثل غريبن السويدية.