تناولت عودة اللاجئين السوريين والتطبيع مع إسرائيل.. استئناف مفاوضات سرية بين دمشق وواشنطن في عمّان

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/27 الساعة 12:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/03 الساعة 11:24 بتوقيت غرينتش
مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا ركزت على اللاجئين والمختفين

كشفت مصادر لـ"عربي بوست" عن استئناف مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا في الأردن، رغم المواقف المعلنة للمسؤولين في إدارة جو بايدن الرافضة للتطبيع مع نظام بشار الأسد، والحديث عن استمرار العقوبات الأمريكية على النظام ومسؤوليه بعد استعادته مقعده في الجامعة العربية.

المفاوضات بين النظام السوري وأمريكا السرية كانت متوقفة بين الجانبين، وكان آخرها في سلطنة عُمان، قبل عقد لقاء استمر لثلاثة أيام مؤخراً في العاصمة الأردنية، عمّان، برعاية رسمية أردنية.

أشار مصدر دبلوماسي عربي رفيع المستوى، اطلع على مجريات اللقاءات، في حديثه لـ"عربي بوست"، إلى أن مسؤولين من الخارجية والاستخبارات في النظام حضروا المفاوضات، بالإضافة لمسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية.

وقال إن الجانبين أكدا خلال اللقاءات التي حصلت، بحضور مسؤولين أردنيين، على أهمية استمرار التواصل برعاية الدول الصديقة، وتحديداً سلطنة عمان، التي وفقاً للمصدر ذاته تستمر بلعب أدوار وساطة بين الدول العربية وإيران أيضاً، إضافة لدورها في استضافة مفاوضات الملف النووي الإيراني مع الدول الكبرى، من بينها الولايات المتحدة.

كذلك أكد مصدر دبلوماسي آخر في النظام السوري حصول اللقاء في عمّان، مشيراً إلى أنه يأتي "امتداداً لسلسلة لقاءات جرت مع الجانب الأمريكي سابقاً، برعاية سلطنة عمان، وكذلك الإمارات".

وقال إن السعودية من جانبها، أبدت استعدادها للدخول في وساطة مستقبلية بين الجانبين، بالإضافة لتسهيل مفاوضات أوروبية مع النظام السوري للمساهمة في رفع العقوبات.

أبرز ملفات المفاوضات

لفت المصدر الأول إلى أن الجانب الأمريكي كان واضحاً بشأن الحديث عن ضرورة إيجاد حل سريع لمسألة الرهائن الأمريكيين، وتحديداً الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا منذ عام 2012، أوستن تايس، والطبيب الأمريكي من أصل سوري مجد كم الماز، وذلك لأهمية هذا الملف لدى الإدارة الأمريكية التي توليه اهتماماً رئيسياً.

إلى جانب ذلك، ناقش الجانبان ملفات السجناء الأجانب من الجنسيات الأخرى، المحتجزين لدى النظام منذ عام 2012 إلى اليوم، في حين أبدى النظام استعداده للسير بشروط متعلقة بالقرار الدولي 2254، شريطة تخفيض العقوبات الأمريكية والأوروبية، بغية البدء ببرامج المساعدات للإغاثة وإعادة الأعمار.

عن مسار العلاقات بين الجانبين، أكدا خلال لقائهما أنه يحتاج لوقت طويل يمتد لسنوات، "بغية الوصول إلى تطبيع كامل، ورفع للعقوبات"، مشيراً المصدر إلى أن النقاش حول النقاط العالقة، أهمها دفع النظام لتبني إصلاحات سياسية تضمن مشاركة أوسع لأطراف المعارضة، وتوسيع صلاحيات الحكومة والبرلمان بما يضمن التوازن السياسي والطائفي في سوريا.

مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا تناولت الرفض الأمريكي للتواجد الإيراني بسوريا - رويترز
مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا تناولت الرفض الأمريكي للتواجد الإيراني بسوريا – رويترز

المسؤولون الأمريكيون الذين حضروا المفاوضات بين النظام السوي وأمريكا، أكدوا لمسؤولي نظام الأسد ضرورة الانسحاب التدريجي لإيران والميليشيات التابعة لها، وتحديداً حزب الله من سوريا، مشيرين إلى أن ذلك يمثل أيضاً عاملاً مساعداً في المصالحة الداخلية بين السوريين، إلا أن ممثلي النظام أكدوا أن الأمر مرتبط بشعور الدولة السورية بانتفاء الخطر على التركيبة السياسية للدولة والنظام، وأن هذا الأمر يحتاج لضمانات واسعة لا يمتلك أي طرف شروطها.

عودة آمنة للاجئين 

كشف المصدر أيضاً، عن أن "النظام السوري سعى خلال اللقاء لاتهام المسؤولين الأمريكيين بالدفع باتجاه منع اللاجئين السوريين في لبنان والأردن وتركيا للعودة إلى سوريا، بغية الضغط عليه من خلال تشديد العقوبات التي تمنع إعادة الإعمار والمساعدات، ليبقى ملف اللجوء ورقة ابتزاز أمريكي للضغط على الأسد، لا سيما أنه لا يمكن الشروع في إعادة الإعمار في حين أن الشركات تمتنع عن الدخول إلى سوريا، خوفاً من تعرضها لعقوبات أمريكية". 

بحسب المصدر ذاته المطلع على المفاوضات بين النظام السوري وأمريكا التي حصلت في عمّان، فإن ممثلي النظام السوري اتهموا واشنطن بالضغط على الحكومة اللبنانية بتسديد المساعدات الدولية بالدولار بدلاً من العملة اللبنانية، في ظل تصاعد الضغوط الداخلية على الحكومة للعمل على إعادة اللاجئين إلى بلادهم. 

اعتبر الوفد السوري أن في ذلك إشارة واضحة حول عدم حماسة واشنطن والمجتمع الدولي لعودة اللاجئين، لكن ممثلي الإدارة الأمريكية أكدوا أن بلادهم لم تلمس أي خطوة فعلية لتطمين اللاجئين، خاصة أن النظام السوري لا يزال يقوم بعمليات اعتقال وتجنيد بحق العائدين من لبنان والأردن، ما يعد خرقاً واضحاً لتعهدات النظام السوري، وهو ما يمنع اللاجئين من العودة الطوعية إلى مدنهم وقراهم.

خلاف وقع في مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا حول اللاجئين السوريين - رويترز
خلاف وقع في مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا حول اللاجئين السوريين – رويترز

أضاف الوفد الأمريكي في رده على نظيره السوري، أن وجود عناصر إيرانية وميليشيات من دول مختلفة موالية للنظام، يهدد الديموغرافيا التاريخية لسوريا، وهذا المسار يحتاج لخطوات أبرزها تخلي النظام عن عقلية الأمن والتجنيد الإجباري بحق السوريين، مؤكداً وفد واشنطن أنه لم يلمس تغيراً جدياً لدى النظام السوري، مؤكداً أن ملف عودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم ومناطقهم يشكل ملفاً مهماً بالنسبة للمجتمع الدولي والعربي، ويحتل حيزاً أساسياً في هذه مفاوضات النظام مع كل أطراف المنطقة. 

اتفاق سلام مع إسرائيل 

وفقاً للمصدر الدبلوماسي، فإن الجانب الأمريكي طلب من النظام السوري التجاوب مع المطالب العربية والإقليمية حيال البدء بمفاوضات سلام مع "إسرائيل"، تتضمن انسحاب حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله من سوريا، مقابل حل مبدئي لموضوع الجولان المحتل منذ عام 1967، في ظل وجود رغبة إسرائيلية باستكمال اتفاقيات التطبيع مع دول عربية جديدة.

لكن النظام السوري أكد تمسّكه والأسد بمبدأ "الأرض مقابل السلام"، وهذا المسار لم تكن إسرائيل جادة به خلال وجود مفاوضات سابقة في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، وخلال المفاوضات غير المباشرة التي رعتها تركيا سابقاً بين الجانبين السوري والإسرائيلي عام 2008.

أكد النظام أيضاً أن أي موقف متعلق بإسرائيل يحتاج لتفاهمات مع حلفائه، خاصة إيران، فيما أصرّ الجانب الأمريكي على مبدأ البدء بخطوات عملية للتطبيع، مقابل رفع تدريجي للعقوبات المفروضة.

مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا بعد عودة مقعد دمشق للجامعة العربية - الأناضول
مفاوضات بين النظام السوري وأمريكا بعد عودة مقعد دمشق للجامعة العربية – الأناضول

دور إماراتي- روسي

في سياق آخر، اعتبر المصدر أن دعوة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى قمة المناخ العالمية في الإمارات، التي سيحضرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع فريق عمله الحكومي، غير منفصل عن المفاوضات بين النظام السوري وأمريكا، والتي تناولت موضوع التطبيع مع إسرائيل.

لذا، فإن المصدر اعتبر أن أحد أبرز الأهداف المشتركة بين أبوظبي وواشنطن في المرحلة المقبلة هو الدفع باتجاه المفاوضات السورية-الإسرائيلية.

وعبر عن اعتقاده في حديثه لـ"عربي بوست"، عن أن "هذا الملف قد يدفع روسيا باتجاه سلوك المسار نفسه في مراحل قادمة، خاصة أنها حريصة على لعب هذا الدور بين الأسد ونتنياهو"، وفق قوله، لكنه أشار إلى أن "الأمر سيأخذ وقتاً طويلاً، نظراً للتحالف الاستراتيجي الإيراني-السوري مع إيران، وما يمكن أن يتمخض عنه اتفاق سلام من وقف دعم حزب الله، الذي يعتمد على سوريا كبوابة خلفية للتسليح والتدريب".

بناء على ذلك، ذهب المصدر بالقول إنه "لا يمكن الذهاب إلى أي خطوة تطبيع مع إسرائيل حالياً في ظل الموقف الإيراني الذي بات يعتبر سوريا مساحة أساسية لنشاطه الإقليمي موقعها في البحر المتوسط، إضافة لوجود إيراني متجذر في بنية النظام وأجنحته المتعددة والاستثمار الإيراني في مجالات حيوية اقتصادية وسياسية واستخبارية".

وحاول "عربي بوست" الحصول على تعليق رسمي أردني، إلا أنه لم يلقَ رداً بعد.

يُذكر أن مصادر دبلوماسية عدة، أكدت في وقت سابق لـ"عربي بوست" حدوث مفاوضات سرية عدة بين النظام السوري وواشنطن لحل ملفات متعلقة باللاجئين وعودتهم والعلاقة مع إيران، ورفع العقوبات عن دمشق.

تحميل المزيد