سجلت بريطانيا العام 2022 رقماً قياسياً للهجرة بلغ 606 آلاف شخص، وهو ما يضع الحكومة المحافظة التي وعدت بخفض تدفق المهاجرين و"استعادة السيطرة على الحدود" بعد بريكست، تحت الضغط، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية الخميس 25 مايو/أيار 2023.
يأتي ذلك بعدما نشر مكتب الإحصاء الوطني البريطاني هذه الأرقام الخميس، ورد رئيس الوزراء ريشي سوناك قائلاً على قناة "آي تي في" إن "الأرقام عالية جداً بكل بساطة، وأريد خفضها". وتتعرض الحكومة لانتقادات؛ إذ تتهمها المعارضة العمالية بأنها فقدت السيطرة على ظاهرة الهجرة.
مستويات قياسية للهجرة إلى بريطانيا
بحسب مكتب الإحصاء، فإن "أبرز عوامل هذه الزيادة هم الأشخاص القادمون إلى بريطانيا من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي للعمل أو الدراسة أو لأسباب إنسانية بينهم الوافدون من أوكرانيا وهونغ كونغ".
أضاف مكتب الإحصاء: "أدت سلسلة غير مسبوقة من الأحداث العالمية (…) ورفع القيود بعد وباء كوفيد إلى مستويات قياسية من الهجرة الدولية إلى بريطانيا". والسنة الماضية كان هناك 1.2 مليون وافد إلى بريطانيا فيما غادر البلاد 557 ألف شخص.
حسب الأرقام، فإن غالبية الوافدين في 2022 قدموا من دول خارج الاتحاد الأوروبي (925 ألفاً) وحل مواطنو الاتحاد الأوروبي وعددهم 151 ألفاً في المرتبة الثانية. وفي 2021 بلغ عدد المهاجرين 488 ألف شخص مقابل 606 آلاف في 2022.
قيود مشددة على لمّ شمل الطلاب الأجانب
قبل يومين من إعلان هذه الأرقام القياسية، أعلنت الحكومة فرض قيود مشددة على لم شمل الأسر للطلاب الأجانب. هذا الإجراء الذي سيدخل حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير يشمل كل الطلاب باستثناء باحثي الدراسات العليا.
خلال عام 2022، تم إصدار حوالي 136 ألف تأشيرة دخول لطلاب أجانب مقابل 16 ألفاً في 2019 بحسب الأرقام الحكومية. بالإضافة إلى ذلك فإن الطلاب الأجانب لن يكون بإمكانهم بعد الآن الانتقال من تأشيرة طالب إلى تأشيرة عمل قبل إكمال دراستهم.
بينما قال ريشي سوناك إن هذه الإجراءات "أكثر فعالية من أي شيء تم إعلانه سابقاً في مجال مكافحة الهجرة".
كما اعتبرت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان اليمينية الثلاثاء 23 مايو/أيار أن الإجراءات الجديدة تشكل "توازناً عادلاً" وستتيح "على المدى المتوسط" إعادة أرقام الهجرة إلى مستوى ما قبل كوفيد.
نقص اليد العاملة
سيطرت مسألة الهجرة ومراقبة الحدود على النقاش خلال حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العام 2016 والتي أدت إلى بريكست. وتبدو موضوعاً حساساً أيضاً في الانتخابات التشريعية المرتقبة العام المقبل. بينما فشلت الحكومات المحافظة المتعاقبة في الحد من الهجرة الشرعية أو غير الشرعية.
في 2022، عبر أكثر من 45 ألف مهاجر، في رقم قياسي أيضاً، المانش بشكل غير شرعي. وكان شعار "أوقفوا السفن" أحد البنود الخمسة بين أولويات ريشي سوناك.
فيما تريد الحكومة أيضاً أن ترسل إلى دول ثالثة مثل رواندا بعض طالبي اللجوء، لكن هذا المشروع الذي تم الطعن به أمام القضاء، بات في طريق مسدود. ولدى الحكومة أيضاً مشروع لمنع المهاجرين الواصلين بشكل غير شرعي من طلب اللجوء في بريطانيا وتسهيل اعتقالهم وإبعادهم.
في الوقت نفسه، تواجه بريطانيا نقصاً في اليد العاملة لا سيما في قطاعي الزراعة والصحة ما يثير توترات منتظمة داخل الغالبية.
إذ تطالب الشركات البريطانية من جهتها منذ أشهر بتخفيف سياسة منح التأشيرات في بريطانيا، لأن هناك فنادق ومطاعم وشركات نقل بري أو مزارع تعاني منذ بريكست وكوفيد-19 نقصاً خطيراً في اليد العاملة.
كما أقر ريشي سوناك مؤخراً بأنه سيكون عليه منح عشرات آلاف التأشيرات الموسمية للزراعة في تعارض كما يبدو مع موقف وزيرة الداخلية.
بينما تحدثت سويلا برافرمان منتصف أيار/مايو في مؤتمر للمحافظين المتشددين لتعلن أنها "لا ترى سبباً وجيهاً لعدم تمكن بريطانيا من تدريب سائقي شاحنات وقاطفي فاكهة من الداخل من أجل خفض الهجرة". ووعد سوناك على "آي تي في" بأنه سيتم تدريب أشخاص في بريطانيا للعمل في القطاعات التي تواجه صعوبات.