كشف تقرير صادر عن "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، أن نحو 14 مليون من اللاجئين السوريين يواجهون عقبة كؤوداً تحول دون عودتهم إلى ديارهم، بعد أن أصدر النظام السوري قوانين تمنح الدولة سلطة الاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم.
صحيفة The Guardian البريطانية أوضحت، في تقرير نشرته الخميس، 25 مايو/أيار 2023، أن التقرير حثَّ المفوضَ السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على تسليط الضوء على هذه القوانين بوصفها من أبرز العقبات أمام عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.
ما الذي يخشاه السوريون للعودة؟
يسلط التقرير الضوء على بعض المسائل المغفول عنها، باستقصائه التفصيلي لشبكة القوانين التي أقرّتها حكومة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قبل الانتفاضة السورية التي بدأت عام 2011 وبعدها، ويكشف التقرير كذلك عن كثير من القوانين التي لا غنى عن إعادة صياغتها إذا أرادت الجهات المعنية أن يجد النازحون سبباً للعودة إلى البلاد، وسبيلاً للعدالة والحصول على حقوقهم.
يأتي التقرير في وقت عادت فيه حكومة النظام السورية -المنبوذة منذ سنوات طويلة- إلى الساحة الدبلوماسية، إذ سُمح لبشار الأسد بحضور قمة جامعة الدول العربية يوم الجمعة 19 مايو/أيار، في خطوة نحو التطبيع مع نظامه، يخشى اللاجئون السوريون في تركيا ولبنان والأردن المجاورة أن تُفضي إلى إجبارهم على العودة عبر الحدود.
حيث قال فضل عبد الغني، المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان: "يخشى الناس العودة لأنه، حتى إذا كان معهم وثائق ومستندات من السجلات المدنية لإثبات ملكيتهم للعقار، فإن النظام السوري أصدر قوانين متعددة تحرم اللاجئين السوريين حقوقهم، فضلاً عن عدم وجود تعويض لهم على أرض الواقع. فالنظام السوري يستعمل القوانين كتفويضٍ مطلق للسيطرة على جميع المناطق الاستراتيجية والمهمة في سوريا".
كما قال عبد الغني إن هذه القوانين تمس عائلات 500 ألف مدني سوري لم يُسجَّلوا في سجلات الوفيات، لكن النظام السوري قتلهم بالفعل؛ و115 ألف مختفٍ قسرياً؛ علاوة على 12.3 مليون نازح داخل سوريا ولاجئين فروا إلى خارج البلاد.
قوانين تمييزية ضد اللاجئين السوريين
يسلط التقرير -وهو نتاج دراسة على مدى عام لقوانين الملكية التي أقرها مجلس الشعب السوري، أو صدرت بمراسم تنفيذ حكومية- الضوءَ على شبكة الصعوبات القانونية التي يتعين على عائلات اللاجئين السوريين مواجهتها إذا حاولوا استعادة أراضيهم وممتلكاتهم.
كما يشير التقرير إلى أن القوانين التمييزية بين المعارضين والموالين للنظام بدأت بالمرسوم رقم 66، الصادر عام 2012، والذي زعمت الحكومة أنه يهدف إلى إعادة تطوير العشوائيات في جميع أنحاء دمشق، لكن الواقع أنه استهدف معاقل المعارضة.
ثم جاء القانون رقم 23 لعام 2015، والذي سمي رسمياً "قانون التخطيط وعمران المدن"، فأعطى صلاحيات للوحدات الإدارية، مثل البلديات والمحافظات، لاستقطاع الأراضي مجاناً من الممتلكات الخاصة الواقعة خارج مناطق التقسيم العمراني.
الاستيلاء على عقارات السوريين
بينما صدر قانون آخر في أبريل/نيسان 2018 -عُدل لاحقاً في العام نفسه بعد احتجاجات شديدة عليه- يسمح للحكومة بتوسيع مخطط منطقة التطوير، الذي كان يقتصر في البداية على دمشق ليشمل جميع أنحاء البلاد، ويمنح أصحاب العقارات 30 يوماً لتقديم طلب استئناف لإثبات ملكية الأرض أو العقار.
يقول تقرير الشبكة السورية إن المهلة التي أقرها النظام -والتي كانت 30 يوماً في البداية، ثم مُددت إلى عام بعد ذلك- "لا تكفي أي شخص مهجَّر من داره، سواء كان لاجئاً في الخارج أم نازحاً في الداخل، للعثور على المستندات اللازمة وإعدادها" للعرض على السلطات.
كما قال التقرير إن الهدف المعلن للقانون رقم 10 هو تمكين النظام من إعادة بناء الممتلكات التي دمّرها الصراع العسكري، لكن النتيجة الحقيقية كانت تجريد المعارضين من ممتلكاتهم، وتوزيعها على النخب الموالية للنظام بالقوة.
أُعيد بالفعل إعمار بعض المناطق على مساحة 193 فداناً في حلب، إحدى المدن التي قصفها النظام السوري قصفاً مكثفاً بين عامي 2013 و2016.
من قوانين الملكية الأخرى التي أوردها التقرير، القانون رقم 19 الصادر عام 2012، والذي أجاز مصادرة ممتلكات الأشخاص الذين يُصنفهم النظام إرهابيين أو يهددون أمن الدولة.