تبدأ بإعادة ألف لاجئ! مبادرة عربية لإشراك الأسد في خطة تضمن عودة اللاجئين السوريين بمراقبة أممية

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/19 الساعة 09:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/19 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش
لاجئات سوريات مع أبنائهن/رويترز

تتزعم السعودية وحلفاؤها من الدول العربية حملةً إقليمية لاستئناف العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، وإشراكه في خطة تهدف إلى حثِّ اللاجئين السوريين الذين فروا من البلاد على العودة إلى ديارهم، وإقناع الغرب بتخفيف العقوبات المفروضة على النظام السوري المنبوذ.

كشفت صحيفة The Financial Times البريطانية، نقلاً عن دبلوماسيين عرب، أن حملة إقليمية تقودها السعودية وحلفاؤها من الدول العربية لتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإشراكه في خطة تهدف إلى حثِّ اللاجئين السوريين على العودة إلى ديارهم، وإقناع الغرب بتخفيف العقوبات المفروضة على النظام السوري المنبوذ.

بحسب الدبلوماسيين، فإن المبادرة ستشمل في البداية إعادة نحو 1000 لاجئ سوري من الأردن، والتطلع إلى أن تراقب وكالات الأمم المتحدة تلك العودة وتقتنع بضمانات معاملة اللاجئين العائدين معاملة حسنة.

وجاء تبني تلك الخطة في اجتماع لوزراء خارجية سوريا والسعودية ومصر والأردن والعراق في أبريل/نيسان الماضي، قُبيل موافقة الدول العربية على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والتوجه إلى تطبيع العلاقات مع دمشق.

ويمكن أن تُناقش هذه الخطة في القمة العربية التي تنعقد في السعودية، الجمعة 19 مايو/أيار 2023، ويحضرها بشار الأسد في أول ظهور له بالجامعة منذ أن جمدت الدول العربية عضوية سوريا عام 2011 رداً على الحملة العنيفة التي شنّها النظام على الانتفاضة السورية، وما أشعلته من حرب أهلية في البلاد.

ويأمل الدبلوماسيون العرب في أن يحث النجاح المرجو لخطة عودة اللاجئين مزيداً من السوريين على العودة إلى ديارهم، وتمكين الدول العربية من إقناع الولايات المتحدة وأوروبا بتخفيف العقوبات المفروضة على النظام السوري، والسماح بإعادة إعمار الدولة بعد أن دمرتها الحرب.

وقال مصدران مطلعان إن الخطة نوقشت بين مسؤولين من "أعلى المستويات" في الأمم المتحدة، لكنهما أشارا أيضاً إلى أن هناك خلافات داخلية بشأن الخطة بسبب اعتمادها على ضمانات أمنية من النظام السوري، واحتمال أن تتضمن الدفع باتجاه الإعادة القسرية لبعض اللاجئين.

وفرَّ ملايين السوريين من البلاد في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية قبل 12 عاماً، وتشرد عدد مماثل، حيث سحق نظام دمشق، المدعوم من إيران وروسيا، الانتفاضة السورية بوحشية، واستعاد السيطرة تدريجياً على جزء كبير من البلاد.

فيما تزعمت الرياض مساعي إعادة النظام إلى الجامعة العربية أملاً في إقناع دمشق باتخاذ الإجراءات اللازمة لخلق بيئة يشعر فيها السوريون الذين فروا بأن العودة إلى ديارهم آمنة، وكبح تجارة المخدرات المتنامية عبر الحدود من سوريا.

غير أن هذه التحركات أثارت مخاوف بين المدافعين عن حقوق الإنسان من أن مخطط إعادة اللاجئين، الذي طرحه الأردن في أول مرة منذ نحو عامين -ولكن تأخر تنفيذه بسبب ضغوط من واشنطن وعواصم غربية أخرى- يمكن أن يتحول إلى حقيقة، على الرغم من المخاوف بشأن سلامة العائدين.

في هذا السياق، قالت إيما بيلز، الزميلة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط، إن "أي استعجال بعمليات منظَّمة لإعادة اللاجئين قبل تلبية الظروف المناسبة لتلك العودة قد يكون سابقة خطيرة"، وهذه الإجراءات قد توفر غطاءً للدول التي تستضيف لاجئين سوريين في المنطقة وأوروبا لإعادتهم.

كانت المحاولات السابقة لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام قد شهدت مزاعم بوقوع انتهاكات بحقهم. فعلى الرغم من تراجع الصراع الدائر في سوريا، فإن الجماعات الحقوقية وثّقت تواصلاً مطرداً لعمليات الاعتقال والاختفاء القسري والتجنيد واضطهاد العائدين، فضلاً عن منع بعض العائدين من الذهاب إلى مناطقهم الأصلية، وإجبارهم على العيش في ملاجئ مؤقتة تديرها الحكومة وتسيطر عليها قوات الأمن.

يقول عاملون بمنظمات إغاثة إن النظام السوري منع وكالات الأمم المتحدة مراراً من مراقبة عمليات العودة. ولذلك يشكك العاملون بمنظمات الإغاثة وبعض الدبلوماسيين في استعداد نظام الأسد لتغيير سلوكه.

وقالت بيلز: "لم يغير النظام سلوكه المعهود، بل يواصل استخدام العنف والأجهزة الأمنية ذات النفوذ الممتد في البلاد لاستهداف من يراهم تهديداً، ومنهم العائدون".

في المقابل، قال دبلوماسيون عرب إن خطة إعادة اللاجئين طريقة لاختبار مدى جدية الأسد، وما إذا كان يمكن الوثوق به لإجراء إصلاحات. وشددوا على أن الدول العربية الداعمة للخطوة لم تناقش المساعدة الاقتصادية مع دمشق، وتريد أولاً رؤية الجهود التي سيبذلها النظام بشأن قضية اللاجئين.

وقال دبلوماسي عربي إن "الحكومة السورية ستستجيب لما اتُّفق عليه، وبعد ذلك سوف نقيّم هذه الاستجابة"، و"هناك رأي يذهب إلى أن الحكومة في سوريا ليست صادقة ولا جادة، لكن الطريقة الوحيدة لاختبار هذه الجدية هي المضي في هذه العملية الهادفة، وإلا فكيف سنتمكن من اختبارها؟".

وأشار دبلوماسيون عرب إلى أن الدول العربية تناقش هذه الخطط مع القوى الغربية، لكنها لن تضغط لتخفيف العقوبات حتى ترى تقدماً، "فهذا جهد تقوده الدول العربية بالتنسيق مع الأمم المتحدة وأصحاب المصلحة الدوليين". وقال دبلوماسي: "يجب أن نقيِّمها في وقت ما، ثم نمضي قدماً على أساس هذا التقييم".

تحميل المزيد