حذر علماء روس يعملون بتطوير الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت (الصواريخ الفرط صوتية) الحكومةَ الروسية من أن أبحاثهم قد تنهار بعد أن احتجزت الأجهزة الأمنية أكثر من زميل لهم بتهم الخيانة.
صحيفة The Telegraph البريطانية قالت إن العلماء أخبروا الكرملين أنهم لا يستطيعون مواصلة عملهم ما لم يتوقف "جهاز الأمن الفيدرالي الروسي" (FSB) عن اعتقال الباحثين في معهدهم بمنطقة سيبيريا.
وجاء هذا الاحتجاج النادر من نوعه في رسالة مفتوحة إلى السلطات الروسية، وأثار مزيداً من الشكوك حول قدرة روسيا على تطوير هذه الأسلحة عالية التقنية التي تحتاج إليها لحربها في أوكرانيا.
يأتي ذلك في الوقت الذي فشلت فيه بعض الصواريخ الروسية ذات السرعة الفرط صوتية في بلوغ التوقعات منها في ساحة المعركة؛ إذ تمكنت أوكرانيا من إسقاط ما لا يقل عن 6 صواريخ من نوع كينزال "التي زعمت روسيا أنه لا يُمكن إيقافها" في الأسابيع الأخيرة.
روسيا تحتجز 3 علماء!
وكانت السلطات الروسية احتجزت 3 علماء بارزين يعملون في برنامج الصواريخ الروسية الفرط صوتية في سيبيريا، واتهمتهم بالخيانة خلال الأشهر العشرة الماضية. على إثر ذلك، حذر باحثون من "معهد الميكانيكا النظرية والتطبيقية" الذي يقع مقره في مقاطعة نوفوسيبيرسك، من أن الاعتقالات تنال من قدرة المعهد على الاضطلاع بعمله البحثي في تكنولوجيا الأسلحة الفرط صوتية.
في الرسالة المفتوحة المنشورة على موقع المعهد، حثَّ العلماء الحكومةَ والشعب الروسي على "الدفاع عن أبحاث الديناميكا الهوائية الروسية واستنقاذ ثمار العمل الذي اضطلع به العلماء السوفييت والروس على مدار عقود مما يحيط به من انهيار وشيك".
كانت السلطات الروسية قبضت خلال صيف 2022 على أناتولي ماسلوف (76 عاماً)، وهو فيزيائي متخصص في الديناميكا الهوائية؛ واحتجزت بعدها بشهر واحد ألكساندر شيبليوك (56 عاماً)، رئيس مختبر نوفوسيبيرسك لتكنولوجيا الصواريخ الفرط صوتية، وأبقتهما في السجن منذ ذلك الحين؛ ثم اعتقلت الشهر الماضي عالِمَ الديناميكا الهوائية فاليري زفيغينتسيف. وهذه أول مرة يُعلن فيها عن اعتقال زفيغينتسيف.
وقال زملاؤهم إنهم "علماء عباقرة"، وتُتيح لهم "كفاءاتهم وسيرتهم المهنية أن يعثروا على وظائف مرموقة وذات أجور جيدة في الخارج" إن هم أرادوا ذلك، و"عهدنا بكل واحد منهم أنه وطني ومحترم وبعيد عن ارتكاب أي فعل يشتبه فيه".
وألقى العلماء كذلك الضوء على محنة عالم الفيزياء ديمتري كولكر المقيم في نوفوسيبيرسك، والذي توفي في السجن الصيف الماضي بعد يومين من اعتقاله بتهمة الخيانة. وقد جاء اعتقاله في وقت كان يصارع فيه من أجل حياته في المستشفى بعد إصابته بسرطان البنكرياس في المرحلة الرابعة.
الكرملين يعلق
في المقابل، قال متحدث باسم الكرملين يوم الأربعاء 17 مايو/أيار، إنه اطلع على العريضة التي تقدم بها العلماء، لكنه أصر على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يثق بوكالات إنفاذ القانون الروسية، وبقدرتها على التحقيق في تلك القضايا وملاحقتها.
كان بوتين قد تفاخر قبل الحرب الأوكرانية بمدة طويلة بصواريخ روسيا التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ووصفها بقوة الردع التي تجعل جيشه لا يقهر، ولا تزال بعض هذه الصواريخ في مراحل التطوير أو الاختبار، لكن القوات الروسية استخدمت إحداها -وهي صواريخ كينزال- في ساحة المعركة بأوكرانيا.
وعلى الرغم من ادعاءات بوتين، فإن أنظمة الدفاع الجوي التي حصلت عليها أوكرانيا من الغرب، تمكنت من إسقاط عدة صواريخ كينزال منذ مارس/آذار الماضي.
قال العلماء الروس في رسالتهم إنهم لم يعرفوا تفاصيل التهم الموجهة إلى الرجال الثلاثة لكنهم علموا من "مصادر مفتوحة" أن زملاءهم يعاقبون للتحدث في مؤتمر بالخارج؛ والمشاركة في مشروعات دولية؛ ونشر مقالات في دوريات علمية بارزة. وعلى الرغم من كون هذه الأمور عادية لأمثالهم من العلماء، فإنهم قد يعاقبون "بقضاء بقية حياتهم خلف القضبان" بسببها.
وقال مسؤول، لم يذكر اسمه، يعمل بفرع سيبيريا للأكاديمية الروسية للعلوم، لوكالة Interfax الروسية للأنباء يوم الثلاثاء 16 مايو/أيار، إن العالِم اعتقل قبل 3 أسابيع ويخضع للإقامة الجبرية منذ ذلك الحين، وقد احتُجز الرجل لنشره مقالاً "في دورية علمية أجنبية".
من جانب آخر، لم تعلق وكالات إنفاذ القانون الروسية على القضية.
وحذر العلماء من أن موجة الاعتقالات قد تدمّر مجالات أبحاثهم؛ لأن حملة المطاردات التي يقودها جهاز الأمن الفيدرالي تُرهب الباحثين الشباب، و"نحن لسنا خائفين فقط على زملائنا، وإنما لا نفهم كيف نؤدي عملنا" ونحن نعرف أن "أي مقال أو تقرير يمكن أن يُفضي بنا إلى الاتهام بالخيانة".