ترحّل السلطات اللبنانية بالإجبار لاجئين سوريين إلى بلدهم، على الرغم من الخطر الذي ينتظرهم هناك، وعلى الرغم من تسجيلهم في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وأصبح مصير لاجئين مجهولاً بعدما تم ترحيلهم، فيما يُصر سياسيون لبنانيون على ضرورة استمرار ترحيل اللاجئين.
صحيفة The Times البريطانية، تحدثت في تقرير لها 16 مايو/أيار 2023، عن أن لبنان قام بترحيل مئات اللاجئين السوريين، وأشارت إلى أن ترحيلهم تم بإجراءات موجزة وغير قانونية منذ بداية شهر أبريل/نيسان 2023، وسط غضب متصاعد ضد المهاجرين يغذيه السياسيون.
روت الصحيفة قصة شقيقين سوريين لاجئين في لبنان، أحدهما محمد الذي مرَّ أكثر من شهر منذ أن علم بمكان وجود أخيه، ففي المرة الأخيرة التي رأى فيها كل منهما الآخر، كانا يركضان للنجاة بحياتهما عبر الحدود اللبنانية السورية، محاولين الهروب من الجنود اللبنانيين الذين قاموا بترحيلهما.
سُجِّلَ الأخوان في وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لكن هذا لم يحدث فرقاً، وفي حوالي الساعة 4 صباحاً من يوم 10 أبريل/نيسان 2023، داهم الجيش المبنى الذي يسكن فيه محمد.
لم يكن هناك تفتيش في الشقق، ولا استجواب ولا أي إيحاء بارتكاب مخالفات، أُلقِيَ القبض عليه وآخرين واقتيدوا إلى ثكنة عسكرية، وبعد عدة ساعات نُقلوا إلى الحدود السورية وأُمِروا بالعبور، ولم يكن لديهم أي فكرة عن أنهم كانوا الأوائل، فيما سيصبح حملة ترحيل ضخمة للاجئين من جميع أنحاء لبنان.
تمكّن محمد من الهرب وفر عبر الجبال سيراً على الأقدام، محاولاً الحصول على إشارة هاتفية، في حين أُلقِيَ القبض على شقيقه، ولم يسمع عنه أو منه كلمة واحدة منذ ذلك الحين، وليس لدى الأسرة التي لجأت إلى محامٍ لحقوق الإنسان، أي فكرة عما إذا كان شقيق محمد في لبنان أم سوريا، وعما إذا كان مسجوناً أم ميتاً.
الصحيفة البريطانية، أشارت إلى أنه كما هو الحال مع الآخرين الذين قابلتهم الصحيفة، فإن تسجيل محمد وشقيقه في وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لم يؤثر على ترحيلهما، ولم تكن هناك فرصة للتحدث إلى محام أو الاستماع لقضيتهم.
اضطر محمد أن يعود إلى نفس المبنى الذي داهمه الجيش اللبناني، وهو يعيش في حالة ذعر من أن ذلك سيحدث مرة أخرى، وقال إنه سيكون من المستحيل تقريباً العثور على مالك يؤجر شقةً لسوري الآن.
تقول The Times إنه لطالما استخدمت السلطات اللبنانية اللاجئين السوريين ككبش فداء لمواجهة المشاكل الاقتصادية في البلاد، ويقول اللاجئون إن الحملة الحالية ضدهم هي واحدة من أسوأ الحملات منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، والتي تحولت لحرب تسببت بفرار أكثر من مليون شخص عبر الحدود إلى الجار الصغير المجاور.
بدورهم، قال مراقبو حقوق الإنسان المحليون إن بعض اللاجئين "اختفوا" بالفعل في مجمع سجون الأسد.
وعلى الرغم من إعادة دول عربية لعلاقاتها مع نظام بشار الأسد، إلا أن خبراء يحذرون السوريين من أن عودة اللاجئين ليست آمنة، فيما تواصل جماعات حقوق الإنسان توثيق عمليات الاعتقال والتعذيب والإخفاء والاعتداء الجنسي على العائدين.
تُشير الصحيفة البريطانية إلى أنه في لبنان وتركيا، البلدان الرئيسيين اللذين يستضيفان اللاجئين السوريين، وكذلك بعض الدول الأوروبية، هناك رغبة سياسية كبيرة لإعادة ملايين اللاجئين إلى الوطن بعد 12 عاماً، فيما يخشى اللاجئون من مصير مشؤوم في حال عودتهم لبلدهم بالوقت الحالي.