تُحيي الأمم المتحدة رسمياً، للمرة الأولى، ذكرى هروب مئات الآلاف من الفلسطينيين مما تُعرَف الآن بإسرائيل، في الذكرى الخامسة والسبعين لخروجهم الجماعي، وهو إجراء ناجم عن تقسيم الأمم المتحدة لفلسطين الخاضعة للحكم البريطاني إلى دولتين منفصلتين؛ واحدة يهودية، وأخرى عربية.
ويشارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإحياء الذكرى في مقر الأمم المتحدة، الإثنين 15 مايو/أيار 2023، في ما يطلق عليه الفلسطينيون ذكرى "النكبة"، بحسب وكالة The Associated Press الأمريكية.
فلسطين ترحب
بدوره، وصف رياض منصور، سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة، احتفال الأمم المتحدة بأنه "تاريخي" ومهم؛ لأنَّ الجمعية العامة كان لها دورٌ أساسي في تقسيم فلسطين.
إذ قال منصور لمجموعة من مراسلي الأمم المتحدة، مؤخراً، إنَّه من خلال إحياء الذكرى "تُقرّ الأمم المتحدة بمسؤوليتها عن عدم قدرتها على حل هذه الكارثة على الشعب الفلسطيني طوال 75 عاماً".
وصرح منصور بأنَّ "الكارثة لا تزال مستمرة على الشعب الفلسطيني: فالفلسطينيون ما زالوا لا يملكون دولة مستقلة، وليس لديهم الحق في العودة إلى ديارهم كما دعا إلى ذلك قرار الجمعية العامة المُعتمَد في ديسمبر/كانون الأول 1948".
إسرائيل تندد
من جانبه، أدان سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، الاحتفال، ووصفه بأنه "حدث مقيت ومحاولة سافرة لتشويه التاريخ". وقال إنَّ الحاضرين سيتغاضون عن معاداة السامية ويعطون الضوء الأخضر للفلسطينيين "لمواصلة استغلال الأجهزة الدولية للترويج لروايتهم التشهيرية".
وتُخلِّد النكبة ذكرى فرار 700000 فلسطيني أو إجبارهم على ترك منازلهم في عام 1948.
ولا يزال مصير هؤلاء اللاجئين وأحفادهم -الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من 5 ملايين في الشرق الأوسط- من القضايا الرئيسية المُتنازَع عليها في الصراع العربي – الإسرائيلي.
وترفض إسرائيل المطالب بالعودة الجماعية للاجئين إلى ديارهم المفقودة منذ زمن طويل، قائلة إنَّ ذلك سيهدد الطابع اليهودي للبلاد.
وقبل مدة قصيرة من حلول الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، وافقت الجمعية العامة المكونة من 193 عضواً على قرار في 30 نوفمبر/كانون الثاني الماضي، في تصويت بنتيجة 90 صوتاً مؤيداً مقابل 30 معارضاً مع امتناع 47، يطلب من لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف تنظيم اجتماع رفيع المستوى يوم 15 مايو/أيار لإحياء ذكرى النكبة.
وكانت الولايات المتحدة من بين الدول التي انضمت إلى إسرائيل في التصويت ضد القرار، وقالت البعثة الأمريكية إنه لن يحضر أي دبلوماسي أمريكي احتفال يوم الإثنين 15 مايو/أيار.
وتوضيحاً لسبب استغراق وقت طويل لحين إحياء الأمم المتحدة لذكرى النكبة، قال السفير الفلسطيني رياض منصور، لوكالة The Associated Press، يوم الجمعة 12 مايو/أيار، إنَّ الفلسطينيين تحركوا بحذر في الأمم المتحدة منذ رفعت الجمعية العامة وضعهم في عام 2012 من مراقب غير عضو إلى دولة مراقبة غير عضو.
وفي الذكرى السبعين للنزوح الجماعي عام 1948 قبل خمس سنوات، قال منصور: "استخدمت كلمة النكبة في قرار للجمعية العامة لأول مرة"، ثم أعطى الرئيس محمود عباس تعليمات بالحصول على تفويض من الأمم المتحدة للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين.
ويأتي إحياء ذكرى النكبة في الوقت الذي يشتد فيه القتال الإسرائيلي، ولم تظهر الاحتجاجات على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية وخطتها لإصلاح القضاء الإسرائيلي أية علامة على التراجع، إضافة إلى أنَّ الاستقطاب الإسرائيلي والمواقف المتطرفة لحكومة نتنياهو أثارا قلقاً دولياً متزايداً.
والجمعة 13 مايو/أيار، صرح السفير منصور بأنَّ اللاجئين الفلسطينيين "يُطرَدون من منازلهم ويُنقَلون قسراً على يد إسرائيل بمعدل غير مسبوق"، يذكرنا بعام 1948.
وفي خطاب أمام مجلس الأمن الدولي في 25 أبريل/نيسان، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: "حان الوقت لإنهاء النكبة"، مشدداً على أنَّ الفلسطينيين عانوا من أزمة اللاجئين الأطول عهداً في العالم و"الاحتلال الأطول مدة لمنطقة بأكملها في التاريخ الحديث".