تقاوم الرابطة الإسلامية الكندية، وهي واحدة من أكبر المنظمات الإسلامية في البلاد التي تضم أكثر من 10 فروع، عمليات التدقيق والإغلاق من قبل وكالة الإيرادات الكندية، من خلال تقديم طعن قانوني لفت انتباه الدولة بأكملها، وذلك بعد عقدين من الاستهداف الممنهج الذي يواجه الجمعيات الخيرية الإسلامية، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء، 10 مايو/آيار 2023.
الموقع البريطاني أشار إلى أن الجمعيات الخيرية الإسلامية في كندا تواجه تمييزاً كبيراً، حيث كشفت عمليات تدقيق عشرات المؤسسات الخيرية أن معظمها مُنح متسعاً من الوقت والمساحة للتدقيق والاعتراض القانوني على قرار الإغلاق، فيما لم تُمنح أي من المؤسسات الخيرية الإسلامية الفرص نفسها.
وعلى أثر ذلك، قدّمت الرابطة الإسلامية الكندية طعناً قانونياً ضد وكالة الإيرادات الكندية في محكمة العدل العليا في أونتاريو في أبريل/نيسان 2022.
إذ قال نبيل سلطان، مدير الاتصالات والمشاركة المجتمعية في الرابطة الإسلامية الكندية، إن الصراع القانوني، الذي تدعو فيه الرابطة إلى وقف تدقيق وكالة الإيرادات، هو تتويج لسنوات من تعرّض المجتمع المسلم للاستهداف والتمييز غير المبرر، دون أن يكون لدى الرابطة القدرة أو المعرفة للدفاع عن نفسها.
ما أدى إلى تأثير مخيف في المجتمع، أصبح الآن قصة صمود للمجتمع المسلم في كندا.
على مدى سنوات، حفَّز استهداف وكالة الإيرادات للجمعيات الخيرية الإسلامية الخوف بين مسلمي كندا، مما أدى إلى انخفاض الدعم والتبرعات لهذه المنظمات الإسلامية، كما أخبر الخبراء والممارسون في القطاع الخيري موقع ميدل إيست آي البريطاني سابقاً.
التحدي القانوني
ومع ذلك، فإن التحدي القانوني الذي أقدمت عليه الرابطة الإسلامية الكندية مؤخراً قد تلقى الآن دعم المجتمع المسلم، وكذلك مجموعات المجتمع المدني الأخرى من خارج الجماعة الدينية.
إذ قال سلطان لميدل إيست آي: "إنه الآن نظراً لأن المجتمع المسلم أكبر حجماً وأكثر رسوخاً، وبعد أن تعلم عدداً لا يحصى من الدروس بعد استهداف المجتمع بعد 11 سبتمبر/أيلول، فهو مستعد للرد في المحاكم".
في عام 2015، تلقت الرابطة الإسلامية إشعاراً من وكالة الإيرادات بأنها ستخضع للتدقيق. عمليات التدقيق هي إجراء روتيني في القطاع الخيري، لذلك لم يكن لدى المنظمة أي مخاوف بشأنها.
وقال سلطان: "عندما تلقينا الدعوة في البداية لإجراء تدقيق، رحّبنا بها. تماماً كما نرحب بالضرائب كل عام، فهي جزء من النظام والعملية مع الحكومة". لكنه أضاف: "في ذلك الوقت، لم نكن على علم بالتمييز المنهجي في عملية التدقيق".
ومع ذلك، سرعان ما اتضح هذا التمييز. على مدى 13 شهراً، بحثت وكالة الإيرادات في مئات المكاتب والخزائن، وقام بتنزيل أكثر من مليون معاملة مالية وما يقرب من 200 غيغابايت من بيانات البريد الإلكتروني، وما يقرب من 500 ألف رسالة بالبريد الإلكتروني.
وبعد مرور وقت طويل من عملية التدقيق، أدركت الرابطة الإسلامية أن العملية أُجرِيَت من قِبَلِ قسم التدقيق والتحليل في وكالة الإيرادات -وهو ذراع سرية للوكالة المكلفة باستكشاف تمويل الإرهاب في القطاع الخيري في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول. ويقول خبراء إن القسم يميل إلى التركيز بشدة على الجمعيات الخيرية الإسلامية.
ووفقاً لسلطان، لم تُخبَر الرابطة قط بأن قسم التدقيق والتحليل يقود عملية التدقيق. لم يتمكنوا من معرفة ذلك إلا من خلال تحقيق أجراه محامو الرابطة.
أشارت استنتاجات التدقيق إلى عدد من المخاوف بشأن المؤسسة الخيرية. وأفادت بأن عملية التدقيق ينتابها القلق بشأن حيازة الرابطة للأراضي والعقارات، وتنظيم مهرجانات العيد، مثلما حددت العديد من رسائل البريد الإلكتروني التي تلقتها الرابطة الإسلامية الكندية من مجموعات أجنبية والتي لم ترد عليها.
تلقت المؤسسة الخيرية الإسلامية خطاب الإنصاف الإداري، وهو خطاب ترسله وكالة الإيرادات إلى المؤسسات الخيرية يوضح سبب عدم أهليته للحصول على حالة خيرية. عند النظر إلى المصادر المستخدمة في خطاب الإنصاف الإداري لتبرير منطقهم، كان من بين الخبراء المستشهد بهم خبراء معروفون بالإسلاموفوبيا والميول اليمينية المتطرفة والذين يكنون مشاعر معادية للمسلمين.
استهداف واضح
قصة الرابطة الإسلامية الكندية ليست فريدة من نوعها. كانت هناك تقارير مكثفة في السنوات الأخيرة حول استهداف وكالة الإيرادات الكندية للجمعيات الخيرية الإسلامية.
إذ رصد موقع ميدل إيست آي سابقاً في 63 مؤسسة خيرية تلقت إشعار نية الإلغاء بين عامي 2015 و2019 ووجد أنه في حين أن 60% من المنظمات مُنِحَت فرصة لحذف الإشعار، فإن جميع المؤسسات الخيرية الإسلامية التي راجعها خلال تلك الفترة كانت لم تعطَ نفس الفرصة.
ومع ذلك، في ذلك الوقت، لم يكن الكثير من هذا معروفاً، لأن الجمعيات الخيرية الإسلامية التي استُهدِفَت احتفظت بتفاصيل القضايا الخاصة بها خوفاً من حدوث مزيد من الأعمال الانتقامية أو العواقب.
وبدلاً من انتظار نتائج التدقيق، والتي يمكن أن تؤدي إلى إشعار نية الإلغاء من وكالة الإيرادات الكندية، قرر سلطان وبقية قيادة الرابطة الإسلامية الكندية مكافحة عملية الاستحواذ على الدفاتر في الوكالة بأكملها.
في أبريل/نيسان 2022، قدّمت الرابطة الإسلامية الكندية ملفاً إلى محكمة العدل العليا في أونتاريو في كندا، وعلى مدار الأشهر العديدة التالية، وحضرت الرابطة بعدد من جلسات الاستماع في المحكمة لمناقشة القضية القانونية للمؤسسة الخيرية الإسلامية.
وتجادل الرابطة في تحديها بأن تدقيق وكالة الإيرادات الكندية ينتهك عدة أقسام من ميثاق الحقوق والحريات الكندي، بما في ذلك حرية الدين والتعبير وتكوين الجمعيات.
طلبت الحكومة الكندية رفض القضية، بحجة أن اختيار وكالة الإيرادات للرابطة الإسلامية من أجل التدقيق والتحقيق الذي أجرته لا ينتهك أي حقوق.
في جلسة استماع أخيرة في أبريل/نيسان الماضي، قال قاضي المحكمة إنه سيصدر حكماً في غضون عدة أشهر.
إذا انتهى الأمر بالمحكمة إلى حكم لصالح الرابطة الإسلامية الكندية، فقد يكون لذلك تأثير كبير على الطريقة التي تجري بها وكالة الإيرادات تدقيقاتها على الجمعيات الخيرية، ولا سيما المؤسسات الخيرية الإسلامية. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التدقيق في ممارسات الوكالة عندما يتعلق الأمر بكيفية تعاملها مع المنظمات الإسلامية، وربما يدفع الجمعيات الخيرية الأخرى للطعن في عمليات التدقيق أو إشعارات الإلغاء.
لقد أقر رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، بالفعل بانتشار الإسلاموفوبيا في تدقيق المؤسسات الخيرية، وقد بذلت حكومته محاولات للنظر في الشكاوى المقدمة ضد وكالة الإيرادات. وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت وكالة مراجعة الأمن القومي والاستخبارات، وهي هيئة رقابية حكومية مستقلة، عزمها على التحقيق في قسم المراجعة والتحليل التابع لوكالة الإيرادات.
ليس من الواضح ما هي النتيجة النهائية للدعوى القضائية، ولكن بغضّ النظر عن النتيجة، تتمتع المؤسسة الخيرية الآن بدعم قوي من داخل المجتمع المسلم وخارجه.
وقعت أكثر من 130 مجموعة، مسلمة وغير مسلمة، على رسالة تطالب بوقف عمليات تدقيق وكالة الإيرادات للمؤسسات الخيرية الإسلامية.