نائبة بالبرلمان الأوروبي: لا إجماع أوروبي على دعم كليجدار أوغلو، ورفع الشنغن عن الأتراك غير وارد

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/11 الساعة 13:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/11 الساعة 16:07 بتوقيت غرينتش
الطاولة السداسية المعارضة في تركيا / رويترز

على بُعد أيام قليلة من الانتخابات التركية المقرر إجراؤها يوم 14 مايو/آيار الجاري، يراقب الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه عن كثب مسار تطور العملية الانتخابية واحتمالات ما يمكن أن تسفر عنه، خصوصاً الرئيس القادم لتركيا، لما سيرتبط به من مستقبل القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل مسألة الانضمام إلى الاتحاد والتعاون العسكري في حلف شمال الأطلسي، ثم العلاقة مع روسيا والحرب في أوكرانيا وملف الهجرة واللجوء وقضية قبرص، وكذلك مستقبل العلاقة مع اليونان.

وفي ضوء التصريحات التي ظهرت خلال الحملة الدعائية لمرشحي المعارضة التركية بخصوص الانضمام للاتحاد الأوروبي، وتوفير ميزة دخول دول الاتحاد الأوروبي للمواطنين الأتراك دون تأشيرة الشنغن كما وعد رئيس الوزراء التركي السابق وزعيم حزب "الديموقراطية والتقدم" المعارض، علي باباجان، بالإضافة لموضوع ترحيل اللاجئين السوريين، كون الاتحاد الأوروبي طرفاً في اتفاقية منذ عام 2016 مع أنقرة، كان لا بد من التوجه لأحد نواب البرلمان الأوروبي لفهم مدى إمكانية تحقيق هذه الوعود.

توجّه "عربي بوست" إلى النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي، ماكسيت بيرباكاس، لسماع وجهة نظرها فيما صرح به أطراف السباق الانتخابي بخصوص الاتحاد الأوروبي، وتوضيح رؤيتها لتأثير ورهانات الاستحقاق الانتخابي التركي بالنسبة لأوروبا.

كما تستعرض النائبة رؤية البرلمان الأوروبي للمعارضة التركية، وتستشرف العلاقة بين الطرفين وموقف الاتحاد الأوروبي إزاء عدد من الملفات، مثل قضية قبرص وترحيل اللاجئين السوريين وصفقة السلاح مع روسيا.

ماكسيت بيرباكاس
النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي، ماكسيت بيرباكاس

وهذا نص الحوار:

من أين تأتي المعارضة التركية بهذه الثقة للقطع بمدة زمنية قصيرة جداً لدخول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة؟ وهل الاتحاد الأوروبي وعد المعارضة بذلك؟ 

لا تنطبق قواعد اتفاقية شنغن سوى على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، باستثناء رومانيا وبلغاريا وأقاليم ما وراء البحار الفرنسية، وعدد قليل من الدول الأوروبية غير الساحلية وغير الأعضاء.

حسب معرفتي، لا توجد أي خطط لتوسيع فضاء شنغن كي يشمل تركيا. لذلك من غير المحتمل إلى حد كبير، كي لا أقول من المستحيل، أن يتمكن المواطنون الأتراك من التنقل بحرية في المستقبل القريب داخل المنطقة الأوروبية.

سيواصل الاتحاد الأوروبي اتباع نهج براغماتي في إصدار التأشيرات للمواطنين الأتراك في إطار الاتفاقات المبرمة.

هل يمكن إعادة إحياء ملف عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي؟ وهل المشكلة في عضوية تركيا مرتبطة بأنقرة أم ببروكسيل؟

كانت مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في البداية مشكلة أوروبية إلى حد كبير، لأن الأوروبيين، ولأسباب مختلفة مشروعة، لا يريدون فتح باب اتحادهم أمام تركيا.

اليوم، بات رفض هذه العضوية شائعاً، كما يبدو أن الرأي العام التركي لم يعد يؤيدها. بنفس الطريقة، فإعادة توجيه السياسة الخارجية التركية، وهو ما يُنظر إليه الآن كقوة عالمية تمارس دبلوماسية ندية، ساهمت في البعد السياسي عن الاتحاد الأوروبي.

عندما يكون الطلاق بالتراضي، لا أرى كيف يمكن إنقاذ الزوجين. يبدو أن ملف العضوية مجمد بالنسبة لي على المدى القصير والمتوسط.

هل من الممكن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم خلال عامين؟

بذلت تركيا جهوداً جبارة للترحيب باللاجئين السوريين. من جانب إنساني، يمكن شكر الشعب التركي على كرمه الكبير.

لكن يجب أن يكون وضع اللاجئ من حيث المبدأ مؤقتاً، وقت الحرب أو خلال كارثة طبيعية. أحترم حق كل دولة في تنظيم سياسة الهجرة وفق منظورها الخاص، وبالتالي يمكنها إعادة المهاجرين إلى بلادهم عندما تقدر أن قرارها له ما يبرره. وأعتقد أن تركيا سيكون لها كل الحق في القيام بذلك.

فيما يتعلق بما إذا كان ذلك ممكناً، فإن السؤال هو قبل كل شيء ما إذا كان ذلك ممكناً في ظل ظروف إنسانية مقبولة، وآمل أن تتأكد من ذلك تركيا قبل الشروع في عودة أعداد هائلة من السكان إلى بلدهم الأصلي.

ما رأيكم في وعد المعارضة بمراجعة اتفاق 2016 بين تركيا والاتحاد الأوروبي بخصوص توطين

اللاجئين؟

يمكن إعادة التفاوض على أي اتفاقية دولية أو التشكيك فيها إذا تغير الوضع. اتفاقية 2016 ليست استثناء ويمكن لتركيا قانونياً طلب إعادة النظر فيها من جديد.

تزداد احتمالية التفاوض حول التحويلات المالية القادمة من الاتحاد الأوروبي والمضمونة فقط حتى عام 2024، وما لم يتم حل مشكلة اللاجئين السوريين بحلول ذلك الوقت، سيتم تمديد المدة أكثر.

كيف ترون مستقبل الخلاف اليوناني التركي حول ترسيم الحدود البحرية؟ 

أولاً أريد أن أقول إن منطقة بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط الشرقي تحتاج إلى يونانٍ وتركيا مستقرتين تتعاونان حول مواضيع ذات أهمية كبيرة، مثل الهجرة.

بشكل دقيق، فمشكلة الحدود البحرية معقدة للغاية ولم يتم حلها قط بما أنه يكاد يكون من المستحيل ذلك. القانون البحري الدولي لا يفيد كثيراً عندما يتعلق الأمر بالجزر التي لا تسمح بتطبيق200 ميل كقاعدة معترف بها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982، والتي لا تعترف بها تركيا حتى.

الحل الوحيد سيكون بالنسبة لليونان وتركيا هو التوافق على ترسيم الحدود البحرية، لكن على ما يبدو فهذا الطرح مستبعد حالياً، خاصة وأن المشكلة السياسية والقانونية تنتج رهانات اقتصادية حيوية اعتباراً لوجود كميات من الهيدروكربونات.

مسألة قبرص… هل يمكن أن نقترب من حل توحيد الجزيرتين؟

إذا كان لا بد من إعادة التوحيد، فلا يمكن أن يتم ذلك إلا على أساس فكرة الإبقاء على الجزء التركي (الذي لا أحد يعترف به كحق دولي باستثناء أنقرة) لجمهورية قبرص، والتي من شأنها أن تتحول إلى جمهورية فيدرالية تضمن التمثيل السياسي العادل لكلتا الدولتين.

أود أن تستمر المحادثات في هذا الاتجاه بين الطرفين. بالنسبة لي، فإن على القبارصة اليونانيين والأتراك، وحدهم دون غيرهم، التوصل إلى اتفاق.

ليس لقوى خارجية أن تتدخل في هذه العملية؛ كل ما على المجتمع الدولي القيام به هو خلق مساحات ملائمة للحوار البناء والسماح للطرفين التفاوض فيما بينهما.

كيف تنظر أوروبا إلى صفقة S400 بين روسيا وأنقرة؟

من خلال شراء معدات عسكرية الروسية بدلاً من التعامل مع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، تكون تركيا قد أقدمت على عمل قوي يشي بالاستقلالية، بل أقول إنه كان أكثر شجاعة بما أن الولايات المتحدة قدمت عروضا مالية كبيرة في محاولة لثني أنقرة.

شخصياً، كامرأة فرنسية ومعجبة بالجنرال ديغول، أحترم هذا الاختيار. لكني أرى أن هذا من الأشياء التي ستساهم في إبعاد تركيا عن الكتلة الغربية، وهو انسجام مع إعادة التوجيه الجغرافي الاستراتيجي لتركيا الذي أراده الرئيس أردوغان.

السؤال الآن هو ما إذا كان لتركيا الإمكانات السياسية والاقتصادية لهذا النهج الطموح والمحفوف بالمخاطر في نفس الوقت، وهذا ما أشك فيه بقوة. رأيي هو أن تركيا ستضطر قريباً إلى إعادة الاصطفاف مع الناتو واعتماد موقف جيوستراتيجي أكثر حذراً.

تتحدث المعارضة التركية عن اتباع المعايير الأوروبية في الإدارة والحُكم.. ما المعايير التي يطلبها الاتحاد الأوروبي من المعارضة؟

الاتحاد الأوروبي "لا يطلب" شيئاً من المعارضة؛ لأنه لا يتدخل في العمليات الانتخابية. من ناحية أخرى، من المؤكد أن من بين أسس الاتحاد مبدأ "الحكامة الجيدة"، أي احترام شكل الديمقراطية من خلال ضمان انتخابات حرة، وآلياتها الأساسية مثل فصل السلطات، وسيادة القانون، ثم احترام حقوق المواطنين.

كان الامتثال لهذه المعايير أحد الشروط الأساسية في مفاوضات اندماج تركيا في الاتحاد الأوروبي. لذلك إذا كان الاتحاد الأوروبي "لا يطلب" شيئاً من تركيا، فقد أعرب برلمانه مراراً عن قلقه بشأن تدهور هذه المعايير وعبر عن رغبته في أن تعود تركيا إلى أسلوب عمل أكثر انسجاما مع المعايير الديمقراطية التي يتم الترويج لها من قبل أوروبا.

هل ستكون تركيا في عهد أردوغان مختلفة عن تركيا في عهد كمال كليجدار أوغلو؟

المواطنون الأتراك هم من يقررون بشكل سيادي كيف سيكون مستقبلهم. لكن يبدو واضحاً لي أن وجه تركيا سيكون مختلفاً تبعاً للائتلاف والشخص الذي سينتصر، لا سيما وأن اثنين من المرشحين الرئيسيين يظهران رغبة في التغيير.

إذا كنا نعرف مشروع السيد أردوغان، فإن مشروع السيد كليجدار أوغلو الأقل اطلاعاً عليه لدى أوروبا، كما أن كثيرين يشككون في جدوى تحالفه بسببه عدم تجانس كبير حاصل فيه.

مهما كانت نتيجة التصويت، فإن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي ستُطرح أمام الرئيس المقبل ستكون هائلة، وستتطلب بعض التفاهم مع الاتحاد الأوروبي الذي يظل الشريك الاقتصادي الرئيسي لتركيا.

هل تراهن القارة الأوروبية على فوز كمال كليجدار أوغلو في انتخابات الرئاسة التركية؟

ليس للاتحاد الأوروبي أي رهانات بهذا الخصوص، إنه يتمنى فقط أن تكون تركيا شريكاً موثوقاً به.

على حدِّ علمي، مستشارو الدول الأوروبية والمؤسسات الأوروبية ليس لديهم أي تفضيل في هذه العملية الانتخابية التي يجب أن تظل حرة ومستقلة.

هل هناك إجماع أوروبي على دعم كمال كليجدار أوغلو؟

داخل النخب الأوروبية، ينظر كثيرون بإيجابية إلى هذا الاحتمال من خلال تيسير إمكانية العمل في تركيا. لكن هذه مواقف فردية، وهي لا تعكس بالضرورة وجهات نظر عامة الناس والحكومات.

لذلك لا يوجد إجماع أوروبي على دعم ترشيح السيد كليجدار أوغلو، ببساطة لأنه لا توجد إرادة أوروبية لدعم علني عام لهذا الرجل. سيواصل الأوروبيون العمل في احترام تام لاختيارات الأتراك، كما فعلوا دائماً.

تحميل المزيد