كشفت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، تجنَّب عقدَ اجتماع لمجلس الوزراء الأمني (الكابينت الأمني) قبل بدء ضرباته الجوية على غزة، فجر الثلاثاء 9 مايو/أيار 2023، وذلك بعد مشاورات مع كبار مسؤولي وزارة الدفاع وبموافقة المدعية العامة غالي باهراف ميارا.
الصحيفة أشارت إلى أن نتنياهو رجّح أن تُتخذ قرارات العملية بمشاورات محدودة، وعدم إشراك مجلس الوزراء الأمني الذي يفتقر معظم أعضائه إلى أي خبرة أمنية أو عسكرية كبيرة.
على أن المشاورات بشأن العملية التي سماها جيش الاحتلال "عملية الدرع والسهم"، وبدأها بسلسلةٍ من الغارات الجوية على قطاع غزة، جرت الجمعة 5 مايو/أيار، في مقر الشاباك بين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، ومعهم مجموعة من كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن.
انفراد نتنياهو باتخاذ القرار
خلال المشاورات، وافقت المدعية العامة باهراف ميارا على العملية، وأوضحت أن القانون لا يشترط عقد مجلس الوزراء الأمني لشنِّ مثل هذه العمليات بعد أن قدم لها المسؤولون العسكريون تقاريرهم.
ولا تشترط "القوانين الأساسية" لحكومة الاحتلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني قبل شن العمليات العسكرية، إلا إذا كان الغرض من الاجتماع إعلان قرار الحرب، أو خلال العمليات العسكرية التي يكون احتمال تحولها إلى حرب أمراً في حكم المؤكد، وفق الصحيفة.
وأفادت بأن المسؤولين الأمنيين خلصوا إلى أن نطاق القتال في أعقاب اغتيال الجيش الإسرائيلي لقادة "الجهاد الإسلامي" سيكون ضيقاً، وأن الرد سيكون محدوداً. لذلك، وافقت المدعية العامة على انفراد رئيس الوزراء ووزير الدفاع باتخاذ قرار العملية وموعدها.
ومنذ فجر الثلاثاء 9 مايو/أيار، شنّت طائرات الاحتلال غارات مكثفة على غزة، أسفرت عن استشهاد 3 من قيادات "سرايا القدس"، الجناح المسلح لحركة "الجهاد الإسلامي"، فضلاً عن مدنيين بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى 64 إصابة، بحسب وزارة الصحة في القطاع المحاصَر.
لم يشاركوا في الموافقة على خطط العملية
وقد عقد نتنياهو اجتماعاً لمجلس الوزراء الأمني المصغر بعد ظهر الثلاثاء؛ لإطلاعهم على المستجدات ودراسة التطورات المحتملة للعملية. فعلى الرغم من أن الوزراء لم يشاركوا في الموافقة على خطط العملية، فإنهم أُبلغوا قبل شهرٍ بالخطوط العريضة للعملية المحتملة ضد قادة بارزين بحركة "الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة.
خلال الاجتماع الأخير، الذي عُقد بعد إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل من لبنان في أبريل/نيسان الماضي، قدَّم المسؤولون العسكريون للوزراء قائمة بالأهداف المحتملة في حركة الجهاد الإسلامي، ومنهم القادة الثلاثة الذين اغتيلوا.
وقيل لهم إن الاغتيالات ستنفذ بمجرد أن تكون الظروف ملائمة، ولم يُتخذ قرار نهائي بشأن أيٍّ من الأشخاص المدرجين في القائمة سيكون المستهدف عندما يحين الوقت.
كما طُلب من الوزراء في الاجتماع السابق، التوقيع على اتفاق الحفاظ على سرية المعلومات التي اطلعوا عليها، لكن ذلك لم يقلل من مخاوف التسريب التي كان يمكن أن تحول دون تنفيذ العملية.
يبدو أن المقربين من نتنياهو رأوا أن التشاور مع أعضاء مجلس الوزراء الأمني لن يفيد في الاستعداد للعملية العسكرية. حيث قال مسؤول كبير معنيّ بعملية صنع القرار، إنه لا يوجد مبرر لعقد مجلس الوزراء الأمني، لأن مجلس الوزراء أقرَّ بالفعل في اجتماعات سابقة، "السياسات المقرر اتباعها من حيث المبدأ".
استبعاد بن غفير
وكان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، قد أعرب خلال الأيام الماضية، عن استيائه من إبعاده عن الاجتماعات الأمنية، رغم أن عومر بارليف، الذي كان وزيراً للأمن العام خلال العملية التي شنتها إسرائيل على غزة في أغسطس/آب 2022، كان يُسمح باطِّلاعه على التفاصيل فور حدوثها.
وانتقد بن غفير، هذا الأسبوع، قرار نتنياهو ألا يعقد منتدى بديلاً لمجلس الوزراء المصغر يمكن للوزراء أن يعبروا فيه عن آرائهم بشأن الرد الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.
وقال مصدر سياسي: "لا يوجد تفسير منطقي لإبعاد وزارة الأمن القومي عن المناقشات بشأن حوادث معينة يمكن أن تؤثر في الجبهة الداخلية"، وفق الصحيفة ذاتها.
ومع ذلك، فقد ذهب مسؤول كبير آخر مشارك في عملية صنع القرار، إلى أنه لا يوجد مبرر لعقد مجلس الوزراء الأمني، لأنه "لم تكن هناك حوادث مفاجئة ولا ردود غير متوقعة من حماس أو المنظمات [الفلسطينية] في غزة" منذ الاجتماع الأخير.
وأكد مسؤول كبير مقرب من نتنياهو أن التوتر بين رئيس الوزراء وبن غفير يلقي بظلاله على الترتيبات المتبعة عادةً في عملية صنع القرار.
فيما قال المسؤول إن الأمر ازداد صعوبة بعد أن عجز نتنياهو عن إثناء بن غفير عن قراره إلقاء خطاب في فعالية "يوم أوروبا" التي يقيمها الاتحاد الأوروبي، والتي ألغيت في النهاية؛ اعتراضاً على المشاركة المتوقعة لـ"بن غفير".