أشارت تقارير التشريح الخاصة بجثث أعضاء طائفة كينية جوّعوا أنفسهم حتى الموت، إلى أنهم ربما كانوا ضحايا لعصابة تهريب أعضاء، بعد أن انتشلت الشرطة 112 جثة، معظمها لأطفال، من 30 موقعاً في كينيا منذ القبض على قسيس كان يعمل سائق أجرة، الشهر الماضي، بزعم أنه حرض أتباعه على الصوم لـ"مقابلة يسوع"، حسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
وسلَّم القسيس، الذي يُدعى بول نثينجي ماكنزي، وأسَّس كنيسة Good News International عام 2003، نفسه للشرطة بعد العثور على أولى الجثث في غابة نائية على بُعد 80 كم شمال بلدة ماليندي السياحية المطلة على ساحل المحيط الهندي.
وقال مارتن مونيني، كبير مفتشي الشرطة، في بيان: "أظهرت تقارير التشريح أن أعضاءً في بعض جثث الضحايا مفقودة. ويعتقد أن سرقة هذه الأعضاء تمت بمشاركة أطراف عديدة. ويُشتبه في أن جثثاً أخرى لا تزال مدفونة في الأرض الشاسعة التي تغطي مساحة تزيد عن 1000 فدان".
واستؤنفت عمليات انتشال الجثث بعد توقف دام أسبوعاً جراء هطول أمطار غزيرة.
وألقت الشرطة القبض أيضاً على حزقيال أوديرو، الواعظ التلفازي، الذي اُتهم في وثائق المحكمة بتلقي أموال من أتباع ماكنزي بعد أن باعوا ممتلكاتهم بناء على طلب زعيم الطائفة.
ويواجه ماكنزي تهماً من ضمنها الإرهاب والاتجار بالأطفال. وقالت الشرطة إنها حققت معه سابقاً بتهمة تحريض أتباعه على الجماعات الدينية غير المسيحية. ونفى هو وأوديرو ارتكاب أي مخالفات.
ودفعت القضية الرئيس روتو، أول زعيم مسيحي إنجيلي في كينيا، إلى تشديد الإجراءات المنِّظمة للكنائس والطوائف الدينية.
هذا ولا يزال المعالجون التقليديون يستخدمون أعضاء الجسم في كينيا، لكنها أيضاً مطلوبة في الطب الحديث. وعام 2020، أفادت منظمة الصحة العالمية (WHO) بأن الاتجار غير المشروع بالأعضاء يتزايد في جميع أنحاء العالم.
وأدى ارتفاع حالات الإصابة بمرض السكري وغيره من الأمراض غير المعدية إلى زيادة الطلب على الأعضاء السليمة.
وقدرت منظمة الصحة العالمية بأن ما يقرب من 10 آلاف عضو يُتاجر بها بشكل غير قانوني كل عام. والكلى هي العضو الأكثر تداولاً في هذه التجارة غير القانونية، حيث تمثل 75% من إجمالي تجارة الأعضاء.
الطائفة الكينية تستنفر السلطات!
وفي وقت سابق قالت الشرطة إنها عثرت على عشرات الجثث، ومعظم الضحايا من الأطفال، لكن بعضهم لم يمت جوعاً. وقالت جمعية الصليب الأحمر الكينية إن أكثر من 213 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين.
وتزايدت الانتقادات الموجهة للدولة الكينية بشأن السماح لهذه الكنيسة بمواصلة العمل ودعوة الأتباع رغم علامات التحذير المتوالية والشكاوى العديدة والبلاغات المقدمة إلى الشرطة بشأنها على مدار سنوات.
اكتسبت كنيسة ماكنزي نفوذاً كبيراً في منطقة هامشية من الساحل الكيني وتشتهر بارتفاع معدلات الأمية وسوء الخدمات الصحية والفقر.
أخبرت رزيكي وأتباع سابقون للكنيسة صحيفةَ The Telegraph أن ماكنزي كان يغلب عليه الطهارة والتواضع والكرم عندما وصل إلى المنطقة.
وقالت رزيكي: "في البداية، لما سمعته يعظ الناس لأول مرة اقتنعت بكلامه، وكان يقتبس دائماً من الكتاب المقدس ويفسره. وظننا أنه قادر على التنبؤ، وإخراج الشياطين وشفاء المرضى بالمعجزات"، "صرت أشك الآن في أنه كان يستخدم قوة أخرى، ولكن في ذلك الوقت كنا نعتقد أنه خادم مخلص للرب".
بدأ ماكنزي يحث الناس على هجر التعليم وترك الطب، ثم أصر على عدم ذهاب أتباعه إلى المدارس، والامتناع عن الاستعانة بالطب الغربي. وفجأة أصدر مرسوماً يحظر على الأتباع من النساء وضع المكياج. و"أمرنا بإحضار أقراطنا وقلائدنا وغيرها من الجواهر وأدوات الزينة التي قال إنها مدعاة للفجور وأضرم فيها النار".
كانت رزيكي من أتباع بول ماكنزي نثينجي، القسيس وزعيم الطائفة الذي قبض عليه للاشتباه في حثِّه أتباعه على تجويع أنفسهم حتى الموت تقرباً إلى الله. ثم تركت رزيكي كنيسة "جود نيوز إنترناشونال" لانزعاجها الشديد من تعاليمها المتطرفة، لكن ابنتها وصهرها، وأحفادها الثلاثة، ظلوا من أتباع الكنيسة.
قالت رزيكي البريطانية: "لقد سمعنا تقارير عن أن بعض الصغار ماتوا جوعاً، أو خنقاً، وأن رجالاً احتجزوا زوج ابنتي ولم يسمحوا له بالمغادرة".
اعتقلت الشرطة ماكنزي وآخرين في عام 2017 بعد بلاغات ضده بأنه يحرض الناس على ترك التعليم. وبعد الإفراج عنه، سارع ماكنزي بنقل كنيسته من مكانها في بلدة ماليندي إلى مكان ناء في قرية شاكهولا.