خطاب متشابه بصحف غربية لإثارة القلق قبل انتخابات تركيا! ركزت مهاجمتها لأردوغان بـ5 قضايا وحذرت من فوزه

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/10 الساعة 12:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/11 الساعة 09:23 بتوقيت غرينتش
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - الأناضول

تبرز 5 قضايا بشكل واضح وتمثل محوراً رئيسياً في مواقف وسائل إعلام غربية تجاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجميعها تحمل تخويفاً للناخب التركي فيما لو أُعيد انتخاب أردوغان لخمس سنوات أخرى، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية يوم 14 مايو/أيار 2023، والتي تشهد منافسة حادة، على وجه الخصوص بين أردوغان وزعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو. 

"عربي بوست" رصد وحلل بعض المواد التي نشرتها وسائل إعلام غربية واسعة الانتشار، والتي تضمنت خطاباً متشابهاً من قبلها في انتقادها لأردوغان، وحمل معاني ورسائل متشابهة، وأحياناً نفس العبارات، الأمر الذي أثار غضب الرئاسة التركية والحزب الحاكم.

الديكتاتورية

تصور وسائل إعلام غربية أردوغان على أنه زعيم ديكتاتوري يستأثر بحكم البلاد، وأنه الشخص الذي يرفض التنازل عن السلطة مهما كان الثمن، وأن بقاءه بالسلطة سيزيده في "الديكتاتورية"، وأن الرجل يقمع معارضيه في البلاد (التي تضم 122 حزباً سياسياً).

مجلة "الإيكونوميست" البريطانية من بين أكثر وسائل الإعلام الغربية التي تتبنى موقفاً مناهضاً لأردوغان أعلنت عنه بشكل صريح.

بدأت المجلة حملتها ضد أردوغان في وقت مبكر جداً عن الانتخابات، فمثلاً ربطت في مقال نشرته في 19 يناير/كانون الثاني 2023، بين "سلوك أردوغان والديكتاتورية"، وقالت: "كلما طال بقاء أردوغان في السلطة، زاد استبداده".

تزعم المجلة أن أردوغان استولى على مؤسسات الدولة، وأحكم قبضته عليها، وهو ما أدى إلى "إحداث خلل في التوازنات"، وتدعو المجلة صراحةً القادة الغربيين إلى أن يُظهروا انزعاجهم من أردوغان قبل الانتخابات. 

مع اقتراب موعد الانتخابات، تبنت المجلة موقفاً أكثر حدة تجاه أردوغان، ووضعت على غلاف عددها في الأسبوع الأول من مايو/أيار 2023، دعوة صريحة إلى ضرورة رحيل أردوغان عن السلطة والتصويت لمعارضيه، وبدلت غلاف صفحتها على تويتر، ووضعت تصميماً يقول: "أردوغان يجب أن يذهب".

أثار غلاف المجلة انتقادات من أنقرة، وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو: "إنهم يتخذون قراراتٍ نيابة عن الشعب التركي أو يحاولون إرشاد الأمة التركية"، فيما قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، رداً على المجلة، ومخاطباً الأتراك: "كونوا هادئين، فقد ولّت الأيام التي كانت تعطى التعليمات فيها لبلدي، الكلمة الأخيرة للشعب في صندوق الاقتراع". 

Image
غلاف مجلة الإيكونوميست البريطانية – مواقع التواصل

مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أظهرت جلياً تخليها عن حياديتها في تغطية الانتخابات التركية، ووصفت أردوغان، يوم الثلاثاء 9 مايو/أيار 2023، بأنه "رجل مستبد، وصاحب الحكم المطلق".

في رواية مشابهة، تتحدث صحيفة "واشنطن بوست" -التي يُنظر لها على أنها من أعرق الصحف الغربية- عن وجود خيبة أمل بين الأتراك من "الاستبداد" الذي أوجده أردوغان، والذي قالت إنه "مبني على القمع، وإخضاع آراء معارضيه"، واعتبرت أن الانتخابات هي اختبار لقدرة الديمقراطية في التخلص من "حكم الرجل الواحد"، بحسب وصفها. 

بعض وسائل الإعلام الفرنسية صارت على نفس النهج بالادعاء باستبدادية الرئيس التركي ورددت أوصاف "الاستبداد والديكتاتورية" في الخطاب المعادي لأردوغان؛ إذ وصفت مجلة "ليكسبرس" أردوغان بـ"المستبد" في مقال عنونته بـ"أردوغان – بوتين.. ميثاق الحكام المستبدين"، وبنفس السياق شبهت صحيفة "التايمز" البريطانية أسلوب حكم أردوغان بأسلوب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان – الأناضول

أردوغان والفوضى

"إذا خسر أردوغان الانتخابات، فإن تركيا أمام خطر الفوضى"، هذه الجملة وما تحمله من معانٍ مشابه تصدر حالة من الفزع والخوف، تناقلتها وسائل إعلام غربية مناهضة للرئيس التركي، محذرةً من أن تركيا أمام المجهول في حال فازت المعارضة، في إشارة من قبلها إلى أن أردوغان سيفعل ما يستطيع حتى يبقى متمسكاً بالسلطة. 

مجلة "دير شبيغل" الألمانية، نشرت الثلاثاء 9 مايو/أيار 2023 مقالاً حذرت فيه من فوضى قد تشهدها تركيا سببها قرارات قد يتخذها أردوغان، وأشارت إلى أنه قد لا يقبل الهزيمة، ولوحت باحتمال أن يحاكي أردوغان "سيناريو الفوضى" الذي تسبب به الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عقب خسارته بالانتخابات عام 2021، وأن يدفع بأنصاره للاحتجاج، بحسب قولها. 

غلاف المجلة أثار أيضاً جدلاً وانتقادات، عندما وضعت صورة قاتمة لأردوغان وكتبت عليها: "القيامة أم الفوضى.. ماذا سيحدث إذا خسر أردوغان؟"، وظهر أردوغان في الصورة جالساً على كرسي بذراعين، مصنوع من ورق الذهب مكسور من أجزاء مختلفة، في حملة غربية للتحريض على إسقاطه، كما أظهرت الهلال العثماني مكسوراً.

كان من اللافت أيضاً تصدير صحيفة "التايمز" البريطانية نفس حالة الفزع بالتحذير من الفوضى بتركيا بسبب أردوغان، ونشرت الصحيفة قبل 10 أيام من بدء الانتخابات مقالاً تحدثت فيه عن أن أردوغان قد يفتعل الفوضى بالبلاد إذا خسر، وزعمت أنه بحال فشل بالفوز فقد يتبع نفس تكتيكات بوتين للبقاء في السلطة، دون أن تقدم المعطيات التي اعتمدت عليها للوصول لهذا الاحتمال.

ليس بعيداً عن خطاب "التايمز"، تحدثت أيضاً صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عما اعتبرته معطيات تشهدها تركيا "تثير مخاوف من استراتيجية الفوضى لترويع الناخبين"، وطرحت الصحيفة تساؤلاً: "هل سيكون أردوغان قادراً على القبول بفقدان عرشه؟".

هذا التساؤل يعيد للذاكرة تحذيرات أطلقتها المعارضة من حدوث تلاعب بالانتخابات، ونصح كليجدار أوغلو أنصاره من باب الحذر بـ"البقاء في منازلهم" في حال فوزه خوفاً من العنف، على حد قوله، فيما اعتبر مراقبون أن هذه المواقف "تُعد محاولة استباقية من المعارضة لتبرير خسارتها".

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال لقاء مع أنصاره – الأناضول

أردوغان وتراجع الاقتصاد

سردية أخرى رصدها "عربي بوست" خلال تتبعه لما نشرته الصحافة الغربية مؤخراً، وهي اتهام الرئيس التركي بشكل صريح بالمسؤولية عن تراجع الاقتصاد.

وكان من اللافت ترديد عدد من الصحف نفس الاتهامات واعتبار الإجراءات التي اتخذها الرئيس هي السبب الوحيد في انهيار الليرة وتراجع الوضع الاقتصادي. 

وبالفعل تعاني تركيا من انخفاض في قيمة الليرة، وارتفاع في مستوى التضخم، في وضع مشابه لاقتصادات العديد من الدول حول العالم، مثل بريطانيا، وفرنسا، وحتى الولايات المتحدة. 

وتأثرت تركيا كغيرها من الدول بتداعيات أزمة جائحة كورونا وتأثيرها على الاقتصاد، وبنتائج الحرب الروسية – الأوكرانية، التي رفعت أسعار النفط، ونسب التضخم. 

وكالة رويترز البريطانية، والمعنيّة بتقديم تغطيات ينبغي أن تكون متوازنة ومحايدة لأحداث العالم، هاجمت في تحليل نشرته يوم 8 مايو/أيار 2023 السياسة الاقتصادية لأردوغان، ووصفتها بأنها "خرقاء".

مجلة "دير شبيغل" الألمانية اعتبرت أن أردوغان و"بسبب قمعه لمنتقدي الحكومة"، فإنه تسبب بتخويف المستثمرين، وقالت إن تركيا تفتقر إلى رأس المال لإقامة مشاريع البنية التحتية الجديدة، وذلك بالمخالفة للواقع، فقد تزامنت مزاعم المجلة مع تنفيذ الحكومة لعملية إعادة إعمار كبيرة في المناطق التي ضربها الزلزال بتركيا. 

تقارير لوسائل إعلام غربية نشرت معلومات تشيع حالة من الخوف بحدوث تدهور أكبر للاقتصاد في حال أعيد انتخاب أردوغان لفترة رئاسية جديدة. 

كذلك زعمت وكالة "بلومبيرغ" أن أردوغان يواجه ناخبين غاضبين من سنوات "الفوضى الاقتصادية"، وقالت إن  المزاج السائد بين العديد من الناخبين الأتراك ضد أردوغان، من الممكن أن يحبط محاولة إعادة انتخابه.

زعيم المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو – الأناضول

القصر الرئاسي والمطبخ

ولا تخلو تقارير صحف غربية من إجراء مقارنات بين أردوغان ومنافسه كليجدار أوغلو، تصب في صالح الأخير، ليس في رؤية كل منهما للسياسة، والاقتصاد، والمجتمع، بل حتى في مقر إقامة كل منهما وطريقة عيش كل منهما.

مجلة "دير شبيغل" الألمانية تتحدث في مقال لها نُشر يوم 9 مايو/أيار 2023، عن أن أردوغان يعيش في قصره بأنقرة الذي يتألف من 1000 غرفة، وفي نفس الوقت تنقل تصريحاً ليوسف كليجدار أوغلو، شقيق كمال، يقول فيه: "كمال لا يحتاج إلى الرفاهية". 

كذلك تطرقت مجلة "الإيكونوميست" للحديث عن "قصر أردوغان الشاسع"، وقالت إنه يجلس في قصره ويعطي الأوامر لرجاله، زاعمة أنهم  يخافون من إخباره بأنه يفعل خطأً.

في الحديث عن قصر أردوغان، تُبرز صحف غربية طريقة مخاطبة أوغلو للناخبين الأتراك، متحدثة عن مطبخه المتواضع، فمثلاً تقول وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية: "بخلاف أردوغان، الذي تتيح له السيطرة على وسائل الإعلام الرئيسية أن يستحوذ على الأخبار المنقولة عبر المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، فإن كليجدار أوغلو يسعى إلى استمالة الناخبين بمقاطع الفيديو المسجلة من مطبخه المتواضع".

في نفس السياق، أجرت مجلة "بولوتيكو" مقارنة بين أردوغان وأوغلو، بالإشارة إلى أنه بينما يعيش الرئيس التركي في قصره، فإن أوغلو يعيش في شقة متواضعة، تضم أجهزة قديمة وأثاثاً "عفا عليه الزمن". 

المعارضة التركية توحدت في الانتخابات في محاولة لهزيمة الرئيس التركي – الأناضول

مهاجمة أردوغان بسبب المثلية

تمثل قضية المثلية الجنسية أحد أبرز الأسباب التي تدفع صحفاً غربية لانتقاد مواقف أردوغان، الذي يعتبر أن مجتمع المثليين يتناقض مع القيم التركية، ويؤكد أنه حريص على المحافظة على قدسية العائلة.

موقع "المونيتور" الأمريكي تطرق لتصريحات أردوغان ومسؤولين في حكومته حول قضية المثليين، وقالت إن اللهجة الرافضة للمثليين والمتحولين جنسياً تثير مخاوف بين مجتمع المثليين بتركيا، وإنه "يغذي العنف ضد أفراد مجتمع الميم". 

كذلك تبرز مواقع وسائل إعلام أجنبية تصريحات أردوغان ومواقفه من قضية المثلية الجنسية، خلال حديثها عن الانتخابات الرئاسية في البلاد؛ إذ تحدثت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن المواقف المناهضة للحكومة من المثليين، وأشارت في ذات الوقت إلى أن أحزاب المعارضة الأخرى التي تنافس أردوغان ليس لديها نفس الموقف حيال المثليين.

وسط هذا الحشد الإعلامي الضخم، ستتجه الأنظار في 14 مايو/أيار 2023، إلى تركيا، التي تشهد انتخابات رئاسية وبرلمانية، هي الثانية بعد تعديل الدستور من برلماني إلى رئاسي، وينظر إلى هذه الانتخابات على أن نتائجها لن تبقى مقتصرة على تركيا، بل حتى على المنطقة.

تحميل المزيد