قال موقع The Times of Israel الإسرائيلي في تقرير نشره الثلاثاء 9 مايو/أيار 2023 إن نُسخة مُحدثة من كتاب يتناول الاتفاقات الإبراهيمية، كشفت عن المساعدة متعددة الأوجه التي قدمتها إسرائيل إلى الإمارات، عندما تعرضت الدولة الخليجية لسلسلة من الهجمات الصاروخية عن طريق المتمردين الحوثيين في اليمن خلال العام الماضي.
بحسب ما ورد في فصل جديد بكتاب Trump's Peace (سلام ترامب) للصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، كانت إسرائيل ثاني دولة ترسل وفداً من مسؤولي الاستخبارات لمساعدة الإمارات في التحقيقات حول أولى الهجمات الحوثية التي شُنَّت في مطلع عام 2022. نقلت إسرائيل أيضاً شحنة من منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية "سبايدر" إلى الإمارات.
دعم إسرائيل للإمارات أثار أزمة مع أمريكا
يكشف الفصل الجديد أن الإمارات ارتأت أن استجابة إسرائيل تتناقض تناقضاً صارخاً مع استجابة الولايات المتحدة. وأوضح أن استشعار ضعف الدعم الأمريكي صار مصدر توتر هائلاً بين الحكومة الإماراتية وإدارة بايدن.
نُشر كتاب Trump's Peace باللغة العبرية في ديسمبر/كانون الأول 2021، وتصدر عناوين الصحف لاحتوائه على مقابلة أجراها رافيد مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي تبجح خلالها ترامب بكلام بذيء ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي اعتُبر حتى ذلك الوقت أحد أقرب حلفاء الرئيس الأمريكي السابق.
فصل حول الاتفاقات الإبراهيمية
تُرجم الكتاب بعد عامين إلى الإنجليزية، والنسخة الجديدة منه تحتوي على فصل إضافي حول وضع الاتفاقات الإبراهيمية منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى منصب الرئيس.
في الفصل الجديد، يكشف رافيد كيف تأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي في عام 2021 نفتالي بينيت رويداً رويداً من أهمية الانخراط بصورة شخصية في تعزيز العلاقات مع الإمارات. خلال رحلة خاضها في ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى أبوظبي، عقد بينيت لقاءً طويلاً مع ولي العهد آنذاك محمد بن زايد، الرئيس الحالي للإمارات، اقترح خلاله تطوير ما يعرف بـ"تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط (ميد)"، وهو عبارة عن شبكة من الرادارات التي ستنشر حول المنطقة وتعمل تحت مظلة القيادة المركزية الأمريكية.
اكتسبت الفكرة معنى جديداً في الأسابيع اللاحقة، عندما ضربت صواريخ باليستية وطائرات كاميكازي المسيرة، عدداً من المواقع حول الإمارات.
بعد ساعات من الهجوم، اتصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بنظيره الإماراتي عبد الله بن زايد للتعبير عن تضامنه وتقديم تعازيه. استغل عبد الله بن زايد، الذي كان محبطاً بالفعل من السياسة الأمريكية في اليمن، الفرصة لمطالبة إدارة بايدن بإعادة تصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية.
قال عبد الله في مقابلة مع رافيد من أجل الكتاب: "هذه أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الخاصة بنا"، مشبهاً الهجمات التي تسببت في مقتل ثلاثة أشخاص بتفجيرات 2001 التي وقعت في الولايات المتحدة وتسببت في مقتل حوالي 3000 شخص.
أمريكا ترفض تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية
رفضت إدارة بادين الاستجابة للطلب، وسط مخاوف من أن إعادة الحوثيين إلى قائمة الجماعات الإرهابية سوف تُصعِّب وصول المساعدات الدولية إلى مستحقيها في اليمن. حاول المسؤولون الإسرائيليون الضغط على واشنطن للتفكير مجدداً في الأمر، وذلك وفقاً لما قاله مسؤولان مطلعان على المسألة خلال حديثهما مع موقع The Times of Israel في فبراير/شباط.
من جانبه، أرسل بينيت وفداً من ضباط الموساد ومن شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بالجيش الإسرائيلي لتقديم المساعدة في تحقيقات الطب الشرعي المتعلقة بالهجوم، كما نُقل عن مسؤول إماراتي في الكتاب، قوله: "نقدر ذلك حقاً".
عندما كان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في زيارة إلى أبوظبي، وقع هجوم حوثي ثالث. ولما أيقظه معاونوه في الليل ونصحوه بالإجلاء واللجوء إلى ملجأ من القنابل، رفض الرئيس الإسرائيلي. وفي الصباح التالي، تحدث هرتسوغ مع بن زايد، وسأله الزعيم الإماراتي ما إذا كان الهجوم قد أيقظه.
ذكر الكتاب أن هرتسوغ رد قائلاً: "لا أعرف ما الذي تتحدث عنه. تعرف أني أشعر بالأمان هنا"، في محاولة واضحة لتجنب التسبب في إحراج لبن زايد.
منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية
طلبت الإمارات الحصول على منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي لحمايتها من أية هجمات أخرى من الحوثيين. اقترحت إسرائيل بدلاً من ذلك أن يجري مسؤولوها الأمنيون مراجعة للتأكد من أن القبة الحديدية سوف تقدم المزايا الملائمة لاحتياجات الدفاع الخاصة بأبوظبي.
قادهم هذا التقييم إلى استنتاج أن منظومة سبايدر، التي تستطيع اعتراض المسيرات وصواريخ كروز والذخائر دقيقة التوجيه، ستكون ملائمة أكثر.
في حين وافقت الإمارات على شراء منظومة سبايدر، لكن إسرائيل أدركت أن البطاريات الوحيدة التي لديها في المخازن كان من المقرر لها أن تُشحن إلى الفلبين. تواصلت إسرائيل مع مانيلا، التي وافقت على السماح للإمارات بالحصول على هذه البطاريات، وانتظار وصول شحنتها في وقت لاحق.
أما في أبريل/نيسان 2022، أُرسلت 8 شحنات من بطاريات سبايدر إلى الإمارات من قاعدة نفاطيم الجوية في إسرائيل، وذلك وفقاً لما ورد في الكتاب.
في أعقاب الهجوم الحوثي الأول، وافقت الولايات المتحدة على طلب إماراتي تزود بموجبه أمريكا بالوقود جواً المقاتلات الإماراتية التي تنشر لمراقبة أجواء البلاد على مدار الساعة. وبعد الهجوم الثاني، التقى الملحق العسكري في السفارة الأمريكية بأبوظبي مع المسؤولين الإماراتيين وسلمهم فاتورة الوقود، وهو ما تسبب في استياء عميق لدى الإماراتيين، وفقاً لما ورد في الكتاب.
من جهة أخرى، زار قائد القيادة المركزية الأمريكية الفريق أول فرانك ماكنزي الإمارات في فبراير/شباط 2022، لكن محمد بن زايد رفض مقابلته. نقل الكتاب عن مسؤول إماراتي بارز قوله: "لم نصدق أن الأمر استغرق من الأمريكيين 22 يوماً كي يرسلوا شخصاً إلى أبوظبي لإبداء تضامنهم أمام الهجمات".
استغرق الأمر من بن زايد أشهراً طويلة قبل أن يرمي هذه الحلقة وراء ظهره. وخلال ذلك الوقت، شارك بلينكن في أولى قمم النقب الوزارية واستغل الفرصة لطمأنة حلفاء الولايات المتحدة الخليجيين في العموم بأن إدارة بايدن لن تتخلى عنهم.
في حين التقى حينها بمحمد بن زايد في المغرب واعتذر شخصياً من استجابة الولايات المتحدة لهجمات الحوثيين. ذكر الكتاب أن بلينكن قال: "لقد تعاملنا مع الأمر بطريقة خاطئة، وأنا آسف لذلك".
لقاء سابق بين بايدن وبن زايد
من جهة أخرى، التقى بايدن أخيراً ببن زايد في يوليو/تموز 2022 على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي. وأبلغ محمد بن زايد بايدن بإحباطه من استجابة الولايات المتحدة لهجمات الحوثيين، معرباً عن شعوره بالتخلي من جانب واشنطن.
وفقاً للكتاب سأل بايدن فريقه: "لماذا لم يطلعني أحد على ذلك؟" وطمأن الرئيس الأمريكي بن زايد، بأنه سيعمل على رأب الصدع.
كذلك أمر الرئيس الأمريكي فريقه بالمضي قدماً في اتفاق يمنح الإمارات ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، مع أن الاتفاقية لم تُستكمل بعد.