شنّت روسيا، الإثنين 8 مايو/أيار 2023، أكبر موجة من الضربات على أوكرانيا منذ شهور، باستخدام طائرات مسيّرة، وذلك في إطار تكثيف الهجمات قبيل عطلة يوم النصر الذي تحتفل فيه موسكو، الثلاثاء، بهزيمة ألمانيا النازية عام 1945، وهي مناسبة احتفلت بها أوكرانيا قبل موعدها بيوم، في انفصال جديد عن موسكو.
رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، قال إن روسيا أطلقت 60 طائرة مسيرة انتحارية إيرانية الصنع على أهداف أوكرانية، منها 36 في العاصمة، وتم إسقاطها كلها، ومع ذلك أصاب الحطام عدداً من المباني بينها مبانٍ سكنية، ما أدى إلى إصابة 5 أشخاص على الأقل.
كذلك شبّ حريق في مستودع مواد غذائية بمدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود، حيث أفاد مسؤولون بأن 3 أشخاص أصيبوا.
بحسب وكالة رويترز، فإن هذا هو أكبر عدد للطائرات المسيرة في موجة من هجمات روسيا على الإطلاق؛ إذ كثّفت هجماتها مجدداً منذ 10 أيام، بعد فترة هدوء منذ أوائل مارس/آذار 2023.
دوي الانفجارات استمر طوال الليل في كييف، وقال كليتشكو عبر تطبيق تليغرام، إن 3 أشخاص أصيبوا جراء انفجار في منطقة سولوميانسكي بالمدينة، وأصيب اثنان آخران عندما سقط حطام طائرة مسيرة على منطقة سفياتوشين، وتقع المنطقتان إلى الغرب من وسط العاصمة.
من جانبها، قالت الإدارة العسكرية في كييف إن حطام طائرة مسيرة سقط على مدرج في مطار جولياني، أحد مطاري الركاب بالعاصمة، ما أدى إلى طلب خدمات الطوارئ هناك، على الرغم من عدم وجود حريق.
أضافت الإدارة العسكرية أن حطام الطائرة المسيرة أصاب على ما يبدو مبنى من طابقين في منطقة شيفتشينكيفسكي بوسط المدينة، ما تسبب في أضرار، وأظهرت صور نشرها سيرهي براتشوك المتحدث باسم الإدارة العسكرية في أوديسا ناراً مشتعلة في مبنى كبير، قيل إنه مستودع مواد غذائية.
وبعد إطلاق إنذارات من الضربات الجوية لساعات على ما يقرب من ثلثي الأراضي الأوكرانية، قالت وسائل الإعلام إن هناك دوي انفجارات في منطقة خيرسون في الجنوب وزابوريجيا جنوب شرق البلاد.
الاحتفال بعيد النصر
تأتي هذه الهجمات العنيفة على أوكرانيا، بينما تستعد موسكو لاستعراض يوم النصر، غداً الثلاثاء، في المناسبة الأهم للرئيس فلاديمير بوتين، الذي استحضر روح الانتصار السوفييتي على ألمانيا النازية لتبرير غزو أوكرانيا.
لمزيد من التأكيد على انفصال أوكرانيا عن ماضيها السوفييتي، أحيت كييف ذكرى استسلام ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، اليوم الإثنين 8 مايو/أيار 2023، تماشياً مع نهج حلفائها الغربيين.
في هذا الصدد، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه وقّع مرسوماً لتغيير التاريخ رسمياً في المستقبل.
كان استسلام ألمانيا النازية غير المشروط قد دخل حيز التنفيذ في وقت متأخر من مساء الثامن من مايو/أيار عام 1945، عندما بدأ بالفعل يوم التاسع من مايو/أيار في موسكو وفقاً لتوقيتها المحلي، وهو التاريخ الذي صار عطلة في الاتحاد السوفييتي.
تكبدت أوكرانيا التي كانت في ذلك الوقت جزءاً من الاتحاد السوفييتي الذي اجتاحه النازيون خسائر تزيد -على أساس نصيب الفرد- على ما تكبدته روسيا في الحرب العالمية الثانية، وكانت واحدة من معاقل يهود أوروبا الذين تعرضوا للمحرقة (الهولوكوست).
في خطاب إلى شعبه من فوق تل يطل على العاصمة كييف، قال زيلينسكي: "وإذ نُذَكر ببطولة ملايين الأوكرانيين في تلك الحرب ضد النازية، نرى البطولة نفسها في تصرفات جنودنا اليوم".
أضاف زيلينسكي أن "الشر القديم" عاد، وهذه المرة أطلقته "روسيا الحديثة" التي تسعى لتحقيق هدف النازيين نفسه، المتمثل في "الاستعباد والدمار"، مضيفاً أنها لن تنجح في ذلك.
من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في إفادة صحفية، اليوم الإثنين: "نحن على قناعة بأن هذا اليوم (9 مايو/أيار) مقدس للكثيرين في أوكرانيا… هناك أيضاً محاربون قدامى شاركوا في الحرب الوطنية العظمى وأقاربهم ممن سيظل هذا اليوم مقدساً بالنسبة لهم".
وألغت روسيا أو قلّصت بعض العروض العسكرية الضخمة التي تصاحب عادة يوم النصر، وتقول دول غربية إن هذا القرار نجم من ناحية عن مخاوف أمنية، ومن ناحية أخرى لأن موسكو فقدت الكثير من المعدات العسكرية في هجومها الشتوي الفاشل إلى حد كبير في أوكرانيا، التي شهدت أعنف قتال بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
يُذكر أنه في 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا تبعها رفض دولي وعقوبات اقتصادية على موسكو، التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلاً" في سيادتها.