في محاولة لوقف التصعيد بشأن أزمة المهاجرين مع إيطاليا، دعت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن روما، الجمعة 6 مايو/أيار 2023، إلى "التشاور والحوار الهادئ" بعد ساعات من طلب إيطاليا الاعتذار عن "إهانة" رئيسة حكومتها جورجيا ميلوني، من قبل وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
ولقيت تصريحات دارمانان التي قال فيها إن ميلوني "عاجزة عن حل مشاكل الهجرة" في بلادها، انتقاداً حاداً من إيطاليا، التي ألغى وزير خارجيتها أنطونيو تاياني زيارة كانت مقررة للعاصمة الفرنسية باريس.
بورن قالت للصحفيين "أكرر أن إيطاليا شريك أساسي لفرنسا، وأن علاقتنا تقوم على الاحترام المتبادل، وأننا سنعطي الأولوية للتشاور والحوار الهادئ لمواصلة العمل معاً".
أتى ذلك رداً على سؤال عن إمكان تقديم اعتذار لإيطاليا، عقب لقائها في باريس رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، وأكد الأخير بعد الرد المقتضب لنظيرته "أوافق بنسبة 100 بالمئة، بالنسبة لنا أيضاً إيطاليا شريك رئيسي".
تهدئة فرنسية
وفي محاولة لوقف التصعيد، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية توضيحاً قالت فيه إنها "تأمل" أن يُحدَّد موعدٌ جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي، وكتبت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بالإيطالية على تويتر "لقد تحادثت هاتفياً مع زميلي أنطونيو تاياني".
وأضافت "أكدت له أن العلاقة بين إيطاليا وفرنسا تقوم على الاحترام المتبادل".
بدوره، قال تاياني "لقد اتصلت بي كاترين كولونا مرتين لتعبر عن أسفها، كانت ودودة جداً"، معتبراً أن التوضيحات التي قدمتها باريس ما زالت "غير كافية".
وتابع تاياني "إنه هجوم بارد، طعنة في الظهر من عضو بارز في الحكومة الفرنسية، هناك أمور لا يمكن تجاهلها، ومع ذلك من المؤكد أن بقية أعضاء حكومة (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لا يفكرون مثل دارمانان".
إيطاليا غاضبة من تصريحات فرنسية
وأتى ذلك بعد ساعات من اعتبار وزير الخارجية الإيطالي أن تصريحات الوزير الفرنسي "إهانة" غير مبررة لميلوني، وقال أنطونيو تاياني في مقابلة مع صحيفة "إل كورييري ديلا سيرا"، "إنها إهانة لا مبرر لها ومبتذلة، موجهة إلى دولة صديقة وحليفة"، و"عندما يسيء شخص ما لشخص آخر بدون مبرر، فإن الحد الأدنى هو أن يعتذر".
ولم ترغب وزارة الداخلية الفرنسية بالتعليق على موضوع طلب الحكومة الإيطالية من الجانب الفرنسي الاعتذار، كما أن ميلوني نفسها لم تدلِ بعد بأي تعليق على هذه الأزمة منذ اندلاعها.
يشار إلى أن موضوع الهجرة يعد شديد الحساسية في العلاقات الفرنسية-الإيطالية منذ سنوات، وفي نوفمبر/تشرين الثاني، شهد البلدان ازدياداً كبيراً في عمليات عبور المهاجرين، حين رفضت حكومة ميلوني بعيد تسلمها السلطة السماح برسو السفينة الإنسانية التابعة لمنظمة "إس أو إس المتوسط"، التي انتهى بها الأمر أن استقبلتها فرنسا في تولون مع 200 مهاجر على متنها.
ملف الهجرة في العلاقات الفرنسية الإيطالية
وأثارت هذه الحادثة غضب فرنسا، التي دعت إلى اجتماع على المستوى الأوروبي، لكي لا يتكرر هذا السيناريو غير المسبوق.
منذ ذلك الحين، ازدادت عمليات العبور السرية بالقوارب، مع ظهور ممر بحري جديد بين تونس وإيطاليا، التي تعد من أبرز بوابات أوروبا للمهاجرين غير النظاميين.
وتقول وزارة الداخلية الإيطالية إن أكثر من 42 ألف شخص وصلوا إلى إيطاليا هذا العام عبر البحر المتوسط، مقابل نحو 11 ألفاً خلال الفترة نفسها من العام 2022.
لكن حوالي نصف هؤلاء يأتون من بلدان ناطقة بالفرنسية (ساحل العاج وغينيا وتونس والكاميرون وبوركينافاسو ومالي)، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية.
واعتبر مدير المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج، ديدييه ليشي، أن "هذا هو السبب في أن التوترات بين البلدين قوية".
وحاول الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران، الجمعة، تهدئة النفوس، قائلاً "ليست هناك رغبة في نبذ إيطاليا". وأضاف "الإيطاليون يناقشون، يحبون السياسة، لكنهم يتحملون مسؤولية الخيارات التي اتخذوها، ويريدون أن نتركهم يتحملون مسؤولية خياراتهم، وهذا أمر جيد لأننا لا نعتزم القيام بأي شيء آخر".