مؤلف “فرانكشتاين تونس” ينفي ادعاءات سعيد، ويكشف لـ”عربي بوست”: السلطات تلاحق مشتري الكتاب وتحظر بيعه

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/05 الساعة 08:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/05 الساعة 08:38 بتوقيت غرينتش
مؤلف "فرانكشتاين تونس" كمال الرياحي أكد أن هناك ملاحقة لمشتري كتابه في تونس - عربي بوست

كشف مؤلف كتاب "فرانكشتاين تونس"، الروائي التونسي كمال الرياحي، في مقابلة خاصة مع "عربي بوست"، عن ملاحقة السلطات في تونس مشتري الكتاب، موضحاً تفاصيل متعلقة بذلك، ومتهماً الرئيس قيس سعيد بـ"الكذب" بما يتعلق بأسباب منع عرض كتابه في معرض تونس الدولي.

شدد الرياحي على أن كتابه كان مدرجاً على قائمة تكميلية للقائمة الأولية التي قدمتها دار النشر لمعرض تونس الدولي للكتاب، وأن ذلك جرى كما هو معتاد في المعرض، نافياً بذلك صحة ما قاله سعيد لوسائل الإعلام التونسية حول أسباب منع عرض الكتاب وإغلاق الجناح الذي عرض فيه.

وكان سعيّد قال في تصريح تلفزيوني وهو يحمل الكتاب داخل أحد فروع مكتبة الكتاب: "الحديث عن منع الكتاب كذب وافتراء، بل ما حصل أنه لم يوضع على قائمة الكتب التي ستعرض بالجناح الذي جرى إغلاقه بسبب ذلك، ولا مجال للحديث عن منع أي كتاب، والقول إن الحريات مهددة الآن في تونس كذب".

رداً على ذلك، قال الرياحي، إن الكتاب لا يزال محظوراً، على عكس ما يقوله سعيّد، وإن عرضه في مكتبة الكتاب يأتي تحدياً منها، بل إنها عرضته على واجهة فروعها وعليه سلاسل حديدة، إشارة إلى ملاحقة السلطات له، مشيراً كذلك إلى أن السلطات الأمنية طلبت عناوين وأسماء من قاموا بشراء الكتاب.

إلى نص المقابلة:

بشأن ما حصل من منع عرض كتابك "فرانكشتاين تونس" في معرض تونس الدولي للكتاب وإغلاق جناح دار الكتاب، خرج الرئيس قيس سعيد ينفي أن يكون الأمر استهدافاً للرواية بعينها وأن الحريات لن تهدد، ما حقيقة ذلك وتعليقكم عليه؟

فرانكشتاين تونس سُحب من معرض الكتاب في يوم الافتتاح بعد أن افتتحه الرئيس قيس سعيد بخمس دقائق فقط، ووقع إغلاق الجناح وسحب الكتاب، وهو مصادَر إلى اليوم في معرض الكتاب.

التصريحات التي قام بها سعيد كانت هروباً نحو الأمام؛ لأن الرئيس قيس سعيد بحراسته والعسكر وبوزير الداخلية هاجموا مكتبة الكتاب التي أعلنت منذ أن صدر الكتاب أنها تتحدى الرقابة بشأنه، وأنها ستبيع الكتاب.

مكتبة الكتاب قامت بوضع نسخ من الكتاب في واجهة فروعها مسلسلة بسلاسل حديدية إشارة للمنع، ووضعت لافتات ضد منع الكتاب وتحدت السلطة لبيعه، فهي معروفة بتاريخها النضالي ضد منع الكتّاب والكتب منذ عهد نظام زين العابدين بن علي، الذي لم ينجح بمنع هذه المكتبة من بيع الكتب الممنوعة.

مكتبة الكتاب وضعت سلاسل حديدية على نسخ كتاب
مكتبة الكتاب وضعت سلاسل حديدية على نسخ كتاب "فرانكشتاين تونس" للإشارة إلى حظره من السلطات – عربي بوست

لذلك عندما صارت الفضيحة عالمية، وظهرت انتقادات المنظمات الثقافية حول العالم بشأن منع كتاب "فرانكشتاين تونس"، نزل الرئيس إلى المكتبة ليقوم عبر إعلامه بلملمة الفضيحة، والاستشهاد بأن المكتبة تعرضه، رغم أنها هي أصلاً أصدرت بياناً عارضت فيه قراره بمنع الكتاب.

إلى جانب ذلك، فالرئيس سعيّد لم يأمر بعرض الكتاب في المعرض إلى الآن رغم الضجة الإعلامية.

هل ما يزال هناك استهداف لكتابك في تونس؟

نعم، فالسلطات تلاحق الآن من يقوم بشراء الكتاب، وقامت بطلب عناوينهم أيضاً من دار النشر، الأمر الذي رفضته الأخيرة.

هذا نفسه ما نشرته مديرة مكتبة الكتاب التي ذهب إليها الرئيس سعيد، مرتين في تدوينتين، أكدت فيهما أن هناك فرقة أمنية مسلحة اقتحمت فروع المكتبة، وطالبت بالكتاب، وبقائمة عناوين القراء الذين اشتروا الكتاب. وهذا أمر خطير جداً.

الرئيس عندما ذهب إلى المكتبة لم يطلب تحقيقاً في هذه الواقعة، بل ظل يشتم ويخوّن، ويدعي أن الكتاب لم يصادر، في حين أن مديرة المكتبة تقول إن فرق الأمن هاجمت المكتبة، وهذا أمر تريد السلطة أن تخفيه في تونس.

سعيد حمل كتاب
سعيد حمل كتاب "فرانشكتاين تونس" ونفى أمام وسائل الإعلام حظره – قنوات محلية

هل الكتاب في تونس محظور بشكل عام أم أنه فقط مُنع من العرض في المعرض الدولي؟

الكتاب لا يزال محظوراً، ولم يُسمح ببيعه إلا في مكتبة الكتاب، وذلك بسبب تحديها للسلطات بهذا الأمر.

والآن ننتظر هل ستسمح المطابع أصلاً بإعادة طباعة كتاب "فرانكشتاين تونس" وتوزيعه، أم أنها سترفض ذلك بتوصيات من السلطة.

تقول دار النشر إن الكتاب كان على قائمة تكميلية أرسلت لإدارة المعرض، وإن القول بأنه غير مصرح به مجرد عذر غير حقيقي، فما صحة ذلك؟

الكتاب تم تقديمه عبر قائمة تكميلية بالفعل، تضمنت كتاب "فرانكشتاين تونس"، يوم 25 أبريل/نيسان 2023، أي قبل أيام من المعرض.

هذا الأمر تعترف به مديرة المعرض، التي تقول إنها لم تجد الوقت لتنظر بالقائمة التكميلية، وإنها اطلعت على القائمة الأولية فقط، وهذا عذر أقبح من ذنب.

برأيكم ما هو السبب الحقيقي لمنع عرض كتابكم؟

لا سبب آخر للمنع غير منع حرية التعبير في تونس، لأن الكتاب كتاب نقدي لشخصية قيس سعيد السياسية والنفسية، وتشريح لهذه الشخصية وأثرها ودورها في تحطيم الديمقراطية والثورة التونسية، وتستهدف العودة بنا إلى مربع الديكتاتورية والقضاء على حرية التعبير.

الكتاب سياسي بحت موجه بشكل واضح نحو سلطة الانقلاب، وهذا ما جعل الأخيرة تنتفض بشكل كبير ضد الكتاب، وبأنصار سعيّد الذين يهاجمونني طوال الوقت بطريقة افتراسية عجيبة على حساباتي، ويقومون بالتشهير بي بكل مكان، فبالطبع أنت تحارب الرئيس.

مكتبة الكتاب وضعت لافتات تشير إلى محاولة السلطات حظر
مكتبة الكتاب وضعت لافتات تشير إلى محاولة السلطات حظر "فرانكشتاين تونس" – عربي بوست

لمن يريد أن يقرأ كتاب "فرانكشتاين تونس"، ما تصنيفك له هل هو رواية أم ماذا؟

الكتاب هو سياسي بحت، وليس رواية، ولا علاقة له بالتخييل، بل عبارة عن مجموعة من المقالات، تروي سيرة انهيار الديمقراطية في تونس، وتسلط الضوء على نظام حكم قيس سعيد الحالي.

هل سبق أن منع لكم كتاب بهذا الشكل من قبل في تونس؟ 

آخر كتاب منع لي كان لوقت قصير في معرض الكتاب عام 2006، لرواية كتبتها بعنوان "المشرط" المترجم إلى خمس لغات على الأقل وعدت حينها رواية جريئة تعالج هموم وشواغل الواقع التونسي، ومنعت حينها تماماً، ولم يسمح ببيعها إلا في اليوم الأخير من معرض تونس الدولي للكتاب، بعد حملة تضامن كبيرة من الإعلام العربي لفك الحصار عن الرواية.

منذ ذلك الوقت لم يصادر لي كتاب إلا في عهد سعيّد الآن.

ما أوجه الشبه والاختلاف بين كتابكم وكتاب "فرانكشتاين في بغداد"، وهل تعمدتم التشابه في العنوان، ولماذا اخترت هذه الشخصية تحديداً لتمثيل الرئيس سعيّد؟ 

استخدامي لشخصية فرانكشتاين لا علاقة له برواية صديقي أحمد سعداوي. كنا نمزح دائماً بيني وبينه بشأن هذا التناص بين كتابي الفكري وروايته.

المنطلقات التي انطلقت أنا منها في العنوان، تعود لفكرة فلسفية أطلقها جيل دولوز وفيليكس غوتاري وهما فيلسوفان فرنسيان تحدثا عما سمياه بالشخصيات المفاهيمية التي يمكن أن تقرأ من خلالها كل شيء، من الواقع السياسي والثقافي والفني وغيره، وسبق أن كتبت مقالاً طويلاً عن هذه الشخصيات سابقاً من بينها فرانكشتاين نفسه.

ما حدث في تونس دفعني إلى اختيار فرانكشتاين بالذات، بسبب أن الفكرة لدي تقول إن هذا الوحش والديكتاتور صنعه الشعب ولم يصنعه غيره، وهو الآن ضحيته، بعد أن قام بسلبه كل مكتسبات الثورة والحرية.

المثال مستوحى من الواقع التونسي، وأحمد سعداوي لديه فكرة عن العنوان لكتابي، إلى جانب أن تركيب العنوانين مختلف، فهناك فرق بين أن فرانكشتاين هذا الوحش موجود في بغداد، وبين فرانكشتاين تونس الذي صنع هناك، وهي صياغة نحوية مختلفة.

فرانكشتاين شخصية يمكن أن نقرأ بها الكثير، وهناك الكتب الكثيرة التي استخدمت هذا الاسم في عناوينها، للشخصية التي اختلقتها ماري شيلي، كما استعان بها أحمد سعداوي استعنت بها أنا في هذا الكتاب. (فرانكشتاين هو الوحش الذي تم صنعه من شخص عبقري يحمل هذا الاسم ذاته، أراد أن يبعث الحياة بجثث ميتة، ليكتشف أنه صنع وحشاً قبيحاً يقوم لاحقاً بقتل أخيه).

ما رأيكم في الوضع الحالي للحريات في تونس؟

الوضع الحالي في تونس خطير جداً، وهذه سابقة فظيعة في الاعتداءات على حرية التعبير والصحافة.

أنا يعتدى عليّ بوجهين، لأنني أحمل قبعتين، قبعة الصحفي وقبعة الكاتب الأديب والناقد، فالهجوم على كتابي هذا الذي هو مقالات صحفية من ناحية ومكتوبة بشكل ثقافي من ناحية أخرى، اعتداء على المثقف والصحفي، وهذا خطير.

تونس وإعلامها والإعلام العربي والدولي انتفضوا لأن ما حصل يعد آخر طعنة يوجهها نظام الانقلاب إلى الثورة التونسية التي يجهز عليها بالكامل.

ما هي الجوائز الأدبية التي حصلتم عليها كأديب وروائي؟

مؤلفاتي تجاوزت 15 كتاباً، ولدي جوائز عدة، هي: جائزة القصة القصيرة في القاهرة عام 2005، وجائزة الكومار الذهبي للرواية التونسية بالعربية عن رواية "المشرط" عام 2007.

وكذلك اخترت من بين أفضل 39 كاتباً عربياً تحت الـ40 سنة، من قبل مشروع بيروت 39 في إطار عاصمة الكتاب العالمية، في عام 2009.

يضاف إلى ذلك جائزة أكاديمية من جامعة منوبة لأفضل برنامج ثقافي في التلفزيونات التونسية عن برنامج "بيت الخيال" على القناة الوطنية 1، في عام 2015. وأيضاً، جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في عام 2018.

مؤلف كتاب فرانشكتاين تونس كمال الرياحي - عربي بوست
مؤلف كتاب فرانشكتاين تونس كمال الرياحي – عربي بوست
تحميل المزيد