“تونس المستقبل”.. تفاصيل خاصة عن مبادرة جديدة لاتحاد الشغل يعتزم عرضها على سعيّد، فهل يتجاوب معها؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/05/04 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/04 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش
الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي / Getty images

يعتزم اتحاد الشغل في تونس بالإضافة إلى 3 منظمات أخرى، عرض مبادرة جديدة على الرئيس التونسي قيس سعيد، تذكّر بـ"رباعي الحوار الوطني" عام 2013، وهذه المرة تحت مسمى "تونس المستقبل".

كشفت مصادر لـ"عربي بوست" تفاصيل حول المبادرة التي كانت تحمل اسم "الإنقاذ الوطني" سابقاً، إلا أن الرئيس سعيد رفض التعامل معها حينها، وقال إن الحوار يكون في البرلمان.

لكن المبادرة الجديدة يشارك فيها إلى جانب اتحاد الشغل كل من عمادة المحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهي المنظمات ذاتها التي أطلقت مبادرة 2013، التي نجحت حينها في تحقيق توافق بين الأطراف السياسية الرئيسية في البلاد.

تفاصيل عن المبادرة

كشف الصحفي في "جريدة الشعب" الناطقة باسم اتحاد الشغل في تونس، صبري الزغيدي، لـ"عربي بوست"، عن أن "المبادرة لا يزال يتم العمل عليها الآن، وستتضمن 3 ورقات، تهتم بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي".

أفاد الزغيدي بأن "المبادرة تتضمن مقترحات إصلاحات سياسية خاصة، بالنظر إلى الوضع المتوتر كثيراً، في ظل الانتهاك الكبير للحريات العامة والفردية في الصحافة والحق النقابي".

سبق أن أحالت السلطات في تونس العديد من الصحفيين إلى القضاء وفق المرسوم 54، الذي يتضمن عقوبات تصل 10 سنوات سجناً، وإحالة العديد من النقابيين أيضا، ومنهم من صدرت بحقهم عقوبات بالسجن بالفعل.

اتحاد الشغل في تونس صعد من خطابه مؤخرا ضد سعيد ويضغط باتجاه عمل حوار وطني - رويترز
اتحاد الشغل في تونس صعد من خطابه مؤخرا ضد سعيد ويضغط باتجاه عمل حوار وطني – رويترز

عن موعد تقديم المبادرة، قال الزغيدي إنه "لا يمكن القول بتاريخ محدد"، موضحاً أن "موعد تقديمها سيكون بعد توسعها أكثر بمشاركة المنظمات والجمعيات والقوى السياسية وشخصيات وطنية ضمن منتدى سيضع اللمسات الأخيرة للإصلاحات المقترحة".

أضاف أنه "عندما ينتهي المنتدى من التحضير للمبادرة، سترسل للرئيس، وذلك في غضون أيام"، مشدداً على أن "المبادرة لا تضع نفسها بديلاً للسلطة، وإنما هي تعديل لأوتار مسار 25 يوليو الذي يشهد انتكاسات وانزلاقات بعد وضع كل السلطات بيد الرئيس".

الورقة السياسية

عن تفاصيل الورقة السياسية ضمن المبادرة، وما تقدمه من مقترحات حلول، قال الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (إحدى المنظمات المشاركة في المبادرة) رمضان بن عمر: "هي إصلاحات سياسية تشمل تعديلات دستورية لبعض النصوص التي هي في حاجة للمراجعة، وإصلاحات تتعلق بالهيئات الدستورية".

وقال لـ"عربي بوست" إن الورقة السياسية "تتضمن إصلاحات قانونية تشمل أساساً الحقوق والحريات، وتركيبة هيئة الانتخابات، ومقترحات أخرى".

عن التقدم بمقترحات بخصوص النظام الرئاسي أو البرلماني، أجاب بأن "هذا الأمر يجب تركه للنقاش عند تقديم المبادرة للرئيس، ليكون بالتوافق".

لكن رمضان بن عمر كشف أيضاً عن أن "المبادرة صراحة لم تحسم في بعض النقاط التي فيها نقاش وآراء مختلفة، وجار العمل على حسم الملفات التي فيها خلاف من بينها اعتبار المبادرة أن الدستور الحالي فيه تركيز للسلطات بصفة مطلقة بيد رئيس الجمهورية".

تشاؤم من تفاعل سعيد مع المبادرة

حول موقف الرئيس التونسي من المبادرات السياسية التي تصدر من اتحاد الشغل والمنظمات الأخرى، كشف مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية، أن الرئيس قيس سعيد  "لن يتفاعل مع المبادرة التي يعتزم اتحاد الشغل ومنظمات وطنية تقديمها له خلال الأيام القليلة القادمة".

وسبق أن قال الرئيس قيس سعيد بكل وضوح، في رد عن مبادرة الحوار الوطني لاتحاد الشغل في 6 أبريل/نيسان 2023: "لماذا انتخبنا برلماناً إذاً؟ وعم سنتحاور؟ الحوار يكون في البرلمان فقط".

لم تكن هذه المرة الأولى التي يرفض فيها سعيّد الحوار، حيث تقدم اتحاد الشغل وكذلك أحزاب سياسية وشخصيات سياسية بمبادرات عدة سابقاً (بلغت 5 مبادرات تقريباً)، ولكن لم يتفاعل معها الرئيس التونسي.

حتى مبادرة الحوار التي تعود لسنة 2013، التي حصل فيها الرباعي الذي قادها على جائزة نوبل للسلام، انتقدها سعيّد بشدة، قائلاً: "إنه ليس حواراً، وليس وطنياً".

الرئيس التونسي قيس سعيد سبق أن رفض مبادرات للحوار /رويترز
الرئيس التونسي قيس سعيد سبق أن رفض مبادرات للحوار /رويترز

وكانت تونس قد عرفت بداية عام 2012 وحتى سنة 2013 أزمة سياسية خانقة نتيجة الاغتيالات السياسية وتزايد الإضرابات والاضطرابات الاجتماعية، ولكن تم تجاوز ذلك بحوار وطني انتهى إلى حكومة جديدة برئاسة مهدي جمعة.

في رده عن سؤال في حال رفض سعيد من جديد مبادرة الحوار، قال الزغيدي لـ"عربي بوست": "تأمل المنظمات أن يتعاطى رئيس الدولة إيجابياً مع مبادرة الحوار التي ستكون بين يديه خلال أيام".

وتابع: "لكن في حال رفض الرئيس سعيد، سيكون هناك بدائل، فهناك منظمات ومجتمع مدني وأحزاب قائمة ولكل حادث حديث، وسيعطي الاتحاد الرئيس مهلة، وعليه أن يتحلى بإرادة سياسية، فلا بديل عن الحوار".

في مقابل ذلك، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، لوسائل الإعلام المحلية، إن "استمرار غياب الحوار لن يزيد سوى من حالة الانقسام".

حركة الشعب ترفض المبادرة قبل إطلاقها

في مقابل ذلك، جاء موقف مبكر معارض من عضو المكتب التنفيذي لحركة "الشعب" أسامة عويدات، قائلاً: "المطبخ السياسي الحقيقي هو برلمان الشعب، والرئيس لن يتفاعل معها فقد كان حاسماً في هذا الموضوع".

تعد حركة الشعب أبرز مساندي الرئيس قيس سعيد في إجراءاته الاستثنائية التي تصفها المعارضة بأنها "انقلاب على ديمقراطية البلاد"، وكانت الحركة من أكبر مساندي اتحاد الشغل سابقاً قبل موقف الأخيرة من سعيد بتصعيد كلامي ضده.

شدد عويدات في تصريح خاص لـ"عربي بوست " على أن "البلاد ليست في حاجة لحوار سياسي، بل لحوار اقتصادي اجتماعي، لأن العملية السياسية تدار اليوم من داخل مؤسسات الدولة".

اعتبر أيضاً أن "المعارضة لا يمكن أن تشارك في العملية السياسية اليوم، لأن النظام الانتخابي لم يمنع أحداً من الترشح، ولكن من أقصى نفسه فليتحمل مسؤوليته".

وأضاف أنه "من غير المعقول اليوم أن يكون هناك تحايل سياسي لعودة من أقصى نفسه".

وقال: "اتحاد الشغل يقول ما يحب، وما يقوله الاتحاد لا يمكن أن نقول عليه آمين"، على حد تعبيره.

اتحاد الشغل حذر من تفرد سعيد بالسلطات كاملة في تونس - الأناضول
اتحاد الشغل حذر من تفرد سعيد بالسلطات كاملة في تونس – الأناضول

في رده عن سؤال عن عمق الخلاف بين حركة الشعب والاتحاد، اكتفى بالقول: "توجد تقديرات مختلفة، والحديث عن مبادرة للحوار الآن أمر تأخر كثيراً، ولن يتم قبولها".

يشار إلى أن فكرة مبادرة الحوار بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2022، بين الاتحاد والهيئة الوطنية للمحامين ومنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية لحقوق الإنسان وعدد من الخبراء في القانون والبيئة، لكن الغائب الأبرز عنها هي منظمة الأعراف، التي كانت عنصراً أساسياً ولعبت دوراً محورياً في مبادرة حوار 2013، وحاول "عربي بوست" التواصل معها، إلا أنه لم يتلق رداً.

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.

تحميل المزيد