كشف الجيش السوداني أن الرئيس المعزول، عمر البشير، موجود في مستشفى علياء التابع للقوات المسلحة تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية، إلى جانب بعض رموز النظام السابق، وفق ما جاء في بيان للجيش الأربعاء 26 أبريل/نيسان 2023، بعد أنباء عن فرار البشير ومقربين منه من سجن "كوبر".
حيث قال الجيش السوداني في البيان: "توضح القوات المسلحة أن جزءاً من متهمي 30 يونيو من العسكريين كانوا محتجزين بمستشفى علياء التابع للقوات المسلحة نسبة لظروفهم الصحية وحسب توصيات الجهات الطبية بسجن كوبر قبل اندلاع التمرد، ولا يزالون بالمستشفى تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية".
كما أوضح أن الأمر يتعلق بكل من الرئيس المعزول عمر البشير إلى جانب كل من بكري حسن صالح وعبد الرحيم محمد حسين وأحمد الطيب الخنجر ويوسف عبد الفتاح، إلى جانب مدني واحد وهو د. علي الحاج محمد محتجز لتلقي العلاج بمستشفى "أحمد قاسم".
من جهتها، قالت وزارة الداخلية السودانية، في بيان الأربعاء، إن قوات الدعم السريع "اقتحمت 5 سجون وأطلقت سراح نزلاء في الفترة من 21 إلى 24 أبريل"، وأضافت أنها اقتحمت سجن كوبر؛ مما تسبب في مقتل وجرح عدد من منسوبي إدارة السجون، واستطاعت إطلاق سراح جميع النزلاء.
"الحرية والتغيير" تنتقد النظام السابق
من جهتها قالت قوى الحرية والتغيير، الأربعاء 26 أبريل/نيسان 2023، في بيان لها، إن خروج قادة النظام المعزول "دليل على أنه يقف خلف الحرب في السودان".
بيان "الحرية والتغيير" يأتي بعدما أعلن الوزير السابق في حكومة البشير، علي هارون، الثلاثاء 25 أبريل/نيسان 2023، أنه غادر السجن مع مسؤولين سابقين آخرين، وأنهم سيوفرون الحماية لأنفسهم، وأضاف أنه مستعد هو والمسؤولون السابقون الآخرون للمثول أمام القضاء عندما يضطلع بدوره.
دعت القوى السودانية، في بيان، الشعب إلى توحيد الصفوف للتصدي لمخططات الفلول الشريرة، وجددت الدعوة لقيادة القوات المسلحة والدعم السريع لوقف هذه الحرب التي تهدد وطنهم بالتمزق وتعصف بأمنه وسيادته ووحدته.
جاء في البيان: "أطل على الشعب السوداني، مساء أمس، القيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول، والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية أحمد هارون، ببيان صوتي مسجل إنابة عن مجرمي نظام الإنقاذ الموقوفين بسجن كوبر، بعد إخراجهم من السجن".
أضاف بيان قوى الحرية والتغيير: "ذلك البيان أكد الحقائق التي ظللنا نرددها في قوى الحرية والتغيير الآونة الأخيرة أن النظام المباد وحزبه المحلول، ومن خلال عناصرهم الموجودة داخل القوات المسلحة والقوات النظامية، هم من يقفون خلف الحرب الدائرة الآن منذ صباح السبت 15 أبريل/نيسان الجاري بهدف عودة الطغمة الفاسدة المستبدة للحكم مجدداً بأي شكل من الأشكال".
بينما لفت البيان إلى أن "وجودهم في مشهد الأحداث، وخروجهم من السجن في هذا التوقيت بوصفهم مجموعة مارست من قبل أبشع الجرائم والحروب، وقسمت البلاد وقتلت وشردت الملايين من أهلها يعني زيادة اشتعال الحرب".
فيما ختمت قوى الحرية والتغيير بيانها: "إننا نتوجه بالنداء لجماهير شعبنا بأن ترص الصفوف للتصدي لمخططات الفلول الشريرة التي تكشفت الآن أكثر من أي وقت مضى، بعدما باتت تهدد وطننا بالتمزق وتعصف بأمنه وسيادته ووحدته".
غموض حول مصير عمر البشير
منذ بدء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" في 15 أبريل/نيسان الجاري، تضاربت الأنباء حول مصير الرئيس المعزول عمر البشير، خاصة بعد اقتحام سجن كوبر.
فقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع محلية سودانية لقطات فيديو توثق خروج العشرات من المساجين من سجن كوبر الواقع شمالي السودان، الأحد 23 أبريل/نيسان، ويضم السجن عدداً من السجناء من قادة النظام السابق وعلى رأسهم عمر البشير الرئيس المعزول ونائبه علي عثمان محمد طه.
بينما قال صحفي سوداني تحفظ على ذكر اسمه لـ"عربي بوست" إن الحديث عن خروج عمر البشير من سجن كوبر أمر غير صحيح، إذ إن الجيش السوداني لن يقدم على هذه الخطوة خوفاً من اتهامه باللجوء إلى الإسلاميين وفلول النظام السابق لدعمه في مواجهة حميدتي.
كما أشار الصحفي إلى أن من خرج من سجن كوبر هم السجناء الجنائيون فقط، وأن سجن كوبر خاضع للمخابرات العسكرية، ومن ثم فمن يتحكم في السجن هو الجيش السوداني، مشدداً على أن أطرافاً إقليمية ودولية تنتظر أي خطوة من جانب البرهان تخص تقاربه مع الإسلاميين أو نظام البشير من أجل "تجييش" النظام الدولي ضده؛ ما يرجح معه كفة دقلو في الصراع الدائر حالياً.
فيما قالت تقارير إعلامية سابقة إن عمر البشير نُقل إلى مكان آمن في العاصمة السودانية الخرطوم، كشفت وكالة رويترز الأربعاء نقلاً عن مصدرين بمستشفى عسكري بالعاصمة السودانية أن الرئيس السابق عمر البشير نُقل من سجن كوبر إلى المستشفى قبل اندلاع القتال العنيف في 15 أبريل/نيسان.
كما قال مسؤولون عسكريون لوكالة "أسوشيتيد برس" إن البشير وعبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون، نُقلوا إلى منشأة طبية يديرها الجيش في الخرطوم في ظل إجراءات أمنية مشددة، وتحدث المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين لمناقشة الأمر مع وسائل الإعلام.
الجيش السوداني يوضح
من جهته، قال الجيش السوداني إن سلطة الإشراف على سجون البلاد هي خارج نطاق اختصاصه وتقع تحت مسؤولية وزارة الداخلية، وأضاف أن بعض السجون شهدت اضطرابات خلال الأيام السابقة، بدأت باقتحام الميليشيا المتمردة لسجون الهدى وسوبا والنساء بأم درمان.
كما زعم الجيش السوداني أن قوات الدعم السريع أجبرت شرطة السجون على إطلاق سراح النزلاء "بعد قتل وجرح بعض منسوبي الشرطة، بجانب تصرف إدارة سجن كوبر بإطلاق سراح نزلائه بسبب انقطاع خدمات المياه والكهرباء والإعاشة، ما خلق تهديداً إضافياً على الأمن والطمأنينة العامة بمدينة الخرطوم".
كما أضاف الجيش في بيان، الأربعاء، أن ما وصفه بـ"تمرد ميليشيا الدعم السريع" كان سبباً رئيساً في خلق هذا الوضع المعقد، خاصة ما يتعلق بعدم استمرار الخدمات، ويعتبر تسبب المتمردين في هذه الأحداث إحدى جرائمهم الكبرى التي يجري رصدها.
كما قال الجيش إنه غير معني بأية بيانات تصدر من أي جماعة أو أفراد خرجوا من هذه السجون بتلك الطريقة، بما فيها بيان أحمد هارون المحتجز على خلفية بلاغات سياسية.
بيان صوتي من أحمد هارون
إذ قال أحمد هارون المسؤول السوداني السابق في نظام عمر البشير والمطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، إنه غادر سجن كوبر مع مسؤولين سابقين آخرين، وإنهم سيوفرون الحماية لأنفسهم.
كما أضاف في بيان صوتي بثته قناة طيبة التلفزيونية، الثلاثاء 25 أبريل/نيسان، أنه مستعد هو والمسؤولون السابقون الآخرون للمثول أمام القضاء عندما يضطلع بدوره.
جدير بالذكر أن أحمد هارون كان وزيراً للشؤون الاجتماعية في ولاية جنوب كردفان، ثم جرت ترقيته بعد ذلك؛ حيث تم تعيينه منسقاً عاماً للشرطة الشعبية، بعدها قرر الرئيس السوداني السابق عمر البشير تعيينه وزير دولة بوزارة الداخلية في عام 2003 بعد اشتداد أوار التمرد في إقليم دارفور.
تلا ذلك إعفاؤه من منصبه بوزارة الداخلية، ثم تحول بعد ذلك إلى منصب وزير الدولة بوزارة الشؤون الإنسانية في سبتمبر/أيلول 2005، في حكومة الوحدة الوطنية التي شُكلت بموجب اتفاق السلام في جنوب البلاد.