تدور تساؤلات منذ توقيف السلطات الإسرائيلية النائب الأردني عماد العدوان، بسبب ما قالت إنه "محاولة تهريب أسلحة وذهب"، بشأن كيفية التعاطي القانوني معه كونه برلمانياً، وإن كان يتمتع بالحصانة أم لا، وكيف يمكن التعاطي مع قضيته قانونياً ودبلوماسياً.
للإجابة عن هذه الأسئلة، تواصل موقع "عربي بوست" مع خبراء ومحامين مختصين، أشاروا إلى أن القضية بالمعلومات التي ظهرت حتى الآن، تجعل هناك تشكيكاً بدقة الرواية الإسرائيلية، بما يتعلق بقضية النائب الأردني.
الأحد، 23 أبريل/نيسان 2023، أعلنت وسائل إعلام عبرية أنه جرى توقيف النائب العدوان "خلال محاولته تهريب أسلحة وكميات من الذهب عبر جسر الملك حسين الحدودي"، دون وجود رواية ثانية حتى الآن.
جريمة جنائية؟
أنيس القاسم، الخبير في القانون الدولي قال لـ"عربي بوست": "إذا كانت الرواية الإسرائيلية صحيحة رغم عدم اقتناعي بها، فإن القضية جنائية بالفعل، بسبب محاولة تهريب أسلحة وذهب، وبالتالي يمكن محاكمته وفق القانون الإسرائيلي".
أوضح أنه "من الناحية القانونية البحتة، فإنه في حال ثبوت قيام النائب العدوان بمحاولة التهريب، فإن ما حصل يوصف بجريمة عادية، وهي تخضع لقانون الدولة التي ارتُكبت فيها، وهي هنا داخل الأراضي المحتلة، التي رغم أنها غير تابعة رسمياً لإسرائيل، فإنها تحت السلطة الأمنية الإسرائيلية".
لكنه قال إن الرواية الإسرائيلية غير مقبولة له كمحامٍ، موضحاً أسباب ذلك:
أولاً، أن كمية الأسلحة لا تتسع لها السيارة المرسيدس التي كان يستقلها النائب، وإنما هي بحاجة إلى سيارة "Minitruck" على الأقل أو بالعامية (بيكم).
ثانياً، أنه هل يُعقل أن يحمل شخص في سيارته 14 كيلو ذهباً؟
ثالثاً، فالإجراءات الأمنية الإسرائيلية على جسر الملك حسين معروفة، وهي غاية في الشدة، ولا يوجد من هو بكامل قواه العقلية يقوم بمحاولة تهريب الأسلحة من هذا المعبر، وليس من المناطق القابلة لمحاولات شبيهة على الحدود، بعيدا عن الجسر الحدودي المعروف شديد الحراسة.
رابعاً، فإن الاحتلال الإسرائيلي لم يشرك سلطات التحقيق الأردنية في القضية حتى الآن، ما يضع علامات تساؤل كبيرة. وأخيراً، فإن الروايات الإسرائيلية في تاريخها لطالما كانت تحت التشكيك.
ماذا عن حصانة النائب؟
عن حصانة النائب الأردني، أوضح القاسم أنها تكون داخل بلده فقط، وهي تحميه من الإجراءات الجزائية بحقه، بما يضمن حريته في التعبير والقيام بدوره النيابي، وهذه الحصانة لا يتمتع بها خارج حدود دولته.
وأوضح أن العدوان ليس عضواً بفريق دبلوماسي أردني، ولا يتمتع بصفة دبلوماسية كوزير للخارجية مثلاً، بالتالي ليس له حصانة دبلوماسية تمنع اعتقاله خارج البلاد.
أما النائب الأردني ونقيب المحامين الأسبق، صالح العرموطي، فقال إنه بحسب القانون الدولي، فإسرائيل لديها صفة الكيان المحتل، لذا فلا يجوز تطبيق قانونها على الزميل العدوان، بالتالي فإن توقيفه يعد اعتداءً".
أشار كذلك إلى أن النائب العدوان "يحمل جواز سفر دبلوماسياً لدولة ذات سيادة، لكنه يدفع اليوم ثمن مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية".
تطرق كذلك إلى الأوراق السياسية التي يمكن للأردن استخدامها من أجل الضغط للإفراج عن النائب العدوان، موضحا أن من بينها "طرد السفير الإسرائيلي، واستدعاء السفير الأردني، والموافقة على مشروع القانون الموقع من عدد من النواب لإلغاء اتفاقية وادي عربة، وإلغاء التنسيق الأمني مع إسرائيل".
من جانبه، لم يستبعد الخبير في القانون الدولي أنيس القاسم حصول اتفاق بين الجانبين الأردني والإسرائيلي لإطلاق سراح النائب العدوان، مشيراً إلى أن الأردن سبق أن تعامل مع إسرائيل على مبدأ المجاملة، بحيث أطلق قاتل أردنيين اثنين قبل سنوات، بالتالي يجب على الإسرائيليين أن يتعاملوا بنفس الروح، كون أن الموقوف نائب يمثل الشعب الأردني.
سوابق في الأردن
سبق أن أفرج الأردن مراراً عن إسرائيليين متورطين في قضايا كبيرة، وتالياً ما رصدته "عربي بوست" من حوادث مشابهة، قامت فيها السلطات الأردنية بالإفراج عن إسرائيليين متورطين في قضايا كبيرة:
– في 2021، تم الإفراج عن يخيل شاييفي، وهو رجل أعمال إسرائيلي اتهم بعملية احتيال.
– في 2019، تسلل إسرائيلي بحوزته مخدرات إلى الحدود الأردنية، وقامت السلطات في الأردن بإعادته.
– في 2017، قتل حارس أمن في السفارة الإسرائيلية أردنيين، وتم الإفراج عنه، واستقبله حينها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
– في 1997، تم الإفراج عن فريق الموساد الإسرائيلي الذي حاول اغتيال القيادي في حركة حماس خالد مشعل.
بسبب هذه الخلفية في التعامل الأردني مع المتهمين الإسرائيليين، تتعرض الحكومة الأردنية إلى انتقادات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يطالب الأردنيون حكومتهم بإلزام الجانب الإسرائيلي بالتعامل بالمثل وإرجاع النائب الأردني واستقباله رسميا.
من جانبه، قال النائب الأردني عمر العياصرة لـ"عربي بوست"، إن هناك مفاوضات جارية على الصعيد الرسمي بين الجانبين الإسرائيلي والأردني، وإنه يتوقع التوصل إلى صفقة سياسية للإفراج عنه، بسبب البوادر الأردنية السابقة.
شدد كذلك على أن هناك اتصالات لا تزال جارية للإفراج عنه، معلقاً على عدم إشراك إسرائيل السلطات الأردنية بالتحقيق مع النائب، بأن ذلك يعد شرعنة لعملية اعتقاله، فالأردن يتعامل مع القضية حتى الآن على أنها "مزاعم".
المطلب الرئيسي بحسب العياصرة، هو إطلاق سراح النائب الأردني فوراً، وإعادته إلى المملكة، وليس أن يكون هناك مشاركة أردنية في التحقيقات قبل وصوله إلى بلاده.
حول تحركات مجلس النواب في التعاطي مع قضية أحد أعضائه المعتقل لدى إسرائيل، قال النائب العياصرة إن البرلمان يتحرك بالتناغم مع مؤسسات الدولة كون ما جرى حدث خارج أراضي المملكة.
التحركات الرسمية الأردنية
هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، قالت إن وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، رفض تلقي مكالمة هاتفية من نظيره الإسرائيلي، إيلي كوهين، عقب عملية التوقيف.
يعكس ذلك تصاعد التوتر بين الأردن وإسرائيل، إذ يحاول كل طرف الضغط على الآخر بالخيارات المتاحة.
العلاقات بينهما ساءت بصورة ملحوظة منذ أواخر 2022، مع تولي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية السلطة، وهي الأكثر تطرفاً بتاريخ إسرائيل وفق الإعلام العبري، علماً أن الطرفين يرتبطان باتفاقية سلام موقعة بينهما عام 1994 يطلق عليها اسم اتفاقية وادي عربة التي تلقى غضباً شعبياً أردنياً حتى اليوم.
أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، الثلاثاء، 25 أبريل/نيسان 2023، أن سفير المملكة لدى تل أبيب غسان المجالي، التقى النائب عماد العدوان.
ذكر بيان عن متحدث الخارجية الأردنية سنان المجالي، أن " العدوان أكد للسفير أنه بصحة جيدة، وأنه لا يتعرض لأي ممارسات مسيئة جسدياً أو نفسياً، وأنه طلب من السفير طمأنة أسرته بأنه في صحة جيدة".
أشار كذلك إلى أن السفير الأردني تحدث بشكل "مفصل" مع النائب العدوان حول ظروف توقيفه وإجراءات التحقيق معه، وتأكد منه أن ظروف توقيفه "تحترم حقوقه القانونية والإنسانية".
يشار إلى أن العدوان من النواب الأصغر سناً داخل مجلس النواب الأردني، فهو من مواليد عام 1988، ويحمل درجة الماجستير في القانون.
لطالما دعا العدوان عبر خطاباته تحت قبة البرلمان إلى دعم المقاومة الفلسطينية، وإلى طرد السفير الإسرائيلي من المملكة. و"العدوان" من خلفية عشائرية ذات جذور ممتدة في الأردن.