نقل موقع Axios الأمريكي، الجمعة 21 أبريل/نيسان 2023، عن مصدر سوداني مطلع على المفاوضات، أن العداء قد اشتد بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في الأسابيع الأخيرة، لدرجة أنهما توقفا عن إلقاء السلام على بعضهما البعض أو تبادل أي كلمات، حتى أثناء المحادثات.
وبحسب الموقع فقد انفجرت تلك التوترات في الأسبوع الماضي، عندما عجز الجنرالان عن التوصل إلى حل وسط، وذلك فيما يتعلق بآخر النقاط اللازمة لإتمام صفقة إعادة تنصيب الحكومة المدنية.
تسلسل القيادة العسكرية
وتمحور الخلاف حول الشكل الذي سيبدو عليه تسلسل القيادة العسكرية في السودان تحت قيادة حكومة مدنية، بحسب تصريحات مسؤول أمريكي بارز ومصدر سوداني لموقع Axios.
إذ قال المسؤول الأمريكي إن البرهان أراد أن يكون القائد العسكري الأعلى والوحيد الذي يرفع تقاريره إلى الحكومة المدنية مباشرةً، بينما طالب حميدتي بأن تكون له قناة اتصال خاصة بالقادة المدنيين للبلاد، دون الاضطرار للمرور عبر قائد الجيش.
فيما قال المصدر السوداني إن المفاوضات شهدت نقاش فكرة آلية لتقاسم السلطة بين الجنرالين، بحيث يتمتع كل منهما بحق الاعتراض على القرارات.
وأوضح المصدر السوداني أن الاتفاق كان جاهزاً للتوقيع في الأسبوع الماضي. وأردف أن المجموعة "الرباعية من أجل السودان"، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية والإمارات، "قدّمت مقترحاً للطرفين. وكنا على وشك توقيع الاتفاق".
واتصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالبرهان ليحثه على حل نقطة الخلاف الأخيرة، ثم ذكّره بالتزامه أن يُعيد البلاد إلى مسار التحول المدني بحسب أحد المسؤولين الأمريكيين.
انهيار المحادثات
لكن المحادثات بين الجنرالين كانت قد انهارت بحلول ذلك الوقت، بينما بدأ الجانبان في الاستعداد للمواجهة المسلحة، بحسب تصريح مصدر منفصل ومطلع على الموقف، للموقع الأمريكي.
المصدر المنفصل قال إن البرهان بدأ يأمر بإرسال التعزيزات إلى الخرطوم، مطلع الأسبوع الماضي، وذلك خشية التعرض لهجوم من حميدتي.
وفي الوقت ذاته، بدأ حميدتي في إرسال قواته إلى قاعدة مروي الجوية شمال العاصمة. بينما رأى البرهان تحرك جنود قوات الدعم السريع إلى القاعدة الجوية، ثم إلى الخرطوم، بمثابة عملٍ استفزازي.
وبعدها بيومين، اندلعت الاشتباكات داخل الخرطوم وما حولها، بالإضافة إلى بعض المدن والقرى الأخرى، لتتعطّل بذلك عملية التحول الديمقراطي في البلاد مرةً أخرى.
بينما قال أحد المسؤولين الأمريكيين: "لقد انهارت العلاقات فعلياً بين رجلين يحتجزان بلدهما بالكامل كرهينة، وقد ألحقا ضرراً ودماراً بالغين ببلدهما لأنهما عجزا عن الاتفاق على شكل تسلسل القيادة".
فيما قال المسؤول الأمريكي البارز: "لا نركز على مختلف الاتهامات المتبادلة بين الطرفين لأنها مجرد وسيلة إلهاء. أما المشكلة التي نواجهها فهي الدور الذي لعباه في عرقلة عملية التحوّل… وهناك الكثير من الاتهامات في الوقت الحالي، لكن تركيزنا ينصب بنسبة 100% على وقف القتال في هذه المرحلة".
وقد رحّب بلينكن بإعلان وقف إطلاق النار من جانبه، لكنه قال: "من الواضح أن القتال مستمر، وأن هناك انعدام ثقة كبيراً بين قوات الجانبين".
وفي حال تطبيق الهدنة، فسوف تتمكّن المنظمات الدولية من توفير المساعدة الإنسانية التي يحتاجها الشعب السوداني بشدة، بعد أن علقوا في منازلهم نتيجة القتال، كما تحتاجها المستشفيات التي تعرضت لضغط كبير في مواجهة النقص الحاد في الإمدادات الطبية.
كما ذكر المسؤول الأمريكي البارز في تصريحه: "يتمثّل الهدف الآن في ضم أكبر عدد ممكن من الأصوات إلى المحادثات، وإشراك أكبر عدد ممكن من مصادر النفوذ في الخليج وإفريقيا والمنظمات الدولية والولايات المتحدة، من أجل مناشدة كلا الجانبين لوقف القتال، ولو بصفةٍ مؤقتة، وذلك حتى نتمكن من العودة إلى المفاوضات التي ستُسفر عن قيادة المدنيين للسودان".
لكن المصدر السوداني، الذي يعرف برهان وحميدتي، شكّك في إمكانية إقناع الجنرالين بوقف القتال، قبل أن يُعلن أحدهما عن انتصاره، مشيراً إلى أن البرهان وحميدتي قد اجتازا نقطة العودة في علاقتهما.