دعا رئيسا مصر عبد الفتاح السيسي وجنوب السودان سلفاكير ميارديت، في اتصال هاتفي بينهما الأحد، 16 أبريل/نيسان 2023 إلى وقف فوري للقتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، معربين عن استعدادهما للعب دور وساطة، في حين شهد مقر الجامعة العربية بالقاهرة بدء اجتماع عربي طارئ، لبحث الوضع في السودان، بدعوة من مصر والسعودية.
إذ إن مصر هي الجارة الشمالية للسودان، بينما جنوب السودان هي جارتها الجنوبية. وأكد الرئيسان، خلال الاتصال "خطورة الأوضاع الحالية والاشتباكات العسكرية الجارية، مؤكدين كامل الدعم للشعب السوداني الشقيق في تطلعاته نحو تحقيق الأمن والاستقرار والسلام".
السيسي ورئيس جنوب السودان يدعوان لوقف القتال
السيسي وسلفاكير ميارديت وجها "نداءً للوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، مناشدين الأطراف كافة بالتهدئة، وتغليب صوت الحكمة والحوار السلمي، وإعلاء المصلحة العليا للشعب السوداني"، بحسب تصريح للمتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي.
كما أعرب الرئيسان عن "استعداد مصر وجنوب السودان للقيام بالوساطة بين الأطراف السودانية، حيث إن تصاعد العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة".
اشتعال القتال بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني
يذكر أنه في يوم السبت، تبادل الجيش وقوات "الدعم السريع" اتهامات ببدء كل منهما هجوماً على مقار تابعة للآخر، بالإضافة إلى ادعاءات بالسيطرة على مواقع تخص كلاً منهما، فيما وصف الجيش "الدعم السريع" بـ"المتمردة".
كما أنه في عام 2013 جرى تشكيل تلك القوات لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور (غرب)، ثم تولت مهام منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن.
وفقاً للجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية)، في بيان فجر الأحد، فإن الاشتباكات أودت بحياة 56 مدنياً وأصابت 595، بينهم عسكريون، ومنهم عشرات الحالات الحرجة.
فيما اندلعت الاشتباكات قبل ساعات من لقاء كان مرتقباً بين قائد الجيش رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه في المجلس وحليفه السابق قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي).
خلافات بين البرهان وحميدتي
في حين أن هناك خلافاً بين البرهان وحميدتي بشأن دمج مقترح لقوات "الدعم السريع" في الجيش، حيث يريد البرهان إتمام العملية خلال عامين هي مدة مرحلة انتقالية مأمولة، بينما يتمسك حميدتي بعشر سنوات، وهو خلاف يرى مراقبون أنه يخفي أطماعاً في الحكم.
جراء خلافهما، تأجل مرتين التوقيع على اتفاق بين العسكريين والمدنيين، آخرهما كان مقرراً في 5 أبريل/نيسان الجاري، لإنهاء الأزمة التي يعيشها السودان منذ أن فرض البرهان في 2021 إجراءات استثنائية اعتبرها الرافضون "انقلاباً عسكرياً"، بينما قال هو إنها تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية".
قلق عربي ودولي
من جهة أخرى، أعربت عواصم ومؤسسات دولية وعربية وإقليمية عن قلقها من تداعيات القتال في السودان، ودعت إلى وقف فوري للاشتباكات وتغليب الحوار لمعالجة الأزمة الراهنة.
في سياق متصل، قال مندوب السودان بالجامعة العربية السفير الصادق عمر عبد الله، الأحد، إن "متمردي الدعم السريع هم من بدأ الهجوم وتكبدوا خسائر فادحة"، مرحباً بدور عربي للتهدئة وحل الأزمة.
جاء ذلك في كلمة لعبد الله وهو أيضاً سفير السودان بمصر، خلال اجتماع طارئ بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، دعت له مصر والسعودية، وفق ما بثته قناة "القاهرة" الإخبارية الخاصة، وتابعته الأناضول.
يأتي الاجتماع، غداة اشتباكات متصاعدة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" لليوم الثاني على التوالي بمناطق متفرقة بالسودان. وأوضح السفير السوداني بمصر، أن "الدعم السريع هو من بدأ الهجوم على المقر السكني لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في القيادة العامة للجيش في التاسعة من صباح السبت، علماً بأنه كان هناك اجتماع مع الرئيس عبد الفتاح البرهان في اليوم ذاته؛ مما يعني أن الهجوم كان به نوع من الغدر".
أضاف: "قام الجيش السوداني بتحركات لدحر الهجوم وطرد الدعم السريع الذي انتشر بكثافة في المؤسسات الحكومية كالإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري ومطار الخرطوم معتمدين على عنصر المباغتة". واستدرك عبد الله: "لكن القوات المسلحة كانت لهم بالمرصاد وتصدت لهم وتمكنت من السيطرة على الأوضاع وطرد القوات المعتدية".
أردف: "تمكنت القوات المسلحة من إلحاق خسائر فادحة بالمتمردين ولا تزال تمشط بعض المناطق والجيوب علماً بأن أعداداً كبيرة منهم هربوا إلى ولايات مجاورة للخرطوم". وأوضح أن السلطات السودانية "أعلنت الدعم السريع متمردة"، مؤكداً أن "وساطات عديدة فشلت سابقاً في إقناع الدعم بالاندماج في الجيش الوطني".
في كلمته، قال عبد الله: "يجب التأكيد على أن ما يجري في السودان شأن داخلي، وأن جهود الدول العربية الشقيقة مطلوبة للمساعدة في تهدئة الأحوال بالبلاد". ودعا السفير السوداني، الاجتماع إلى "التوصية بترك الأمر للسودانيين لحله دون تدخل دولي".
كان اجتماع عربي قد بدأ الأحد، بمقر الجامعة العربية في القاهرة؛ لبحث الوضع في السودان، بدعوة من مصر والسعودية. جاء ذلك بحسب ما نقلته وكالة الأنباء المصرية الرسمية، غداة اشتباكات متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع بمناطق متفرقة بالسودان.
أفاد المصدر ذاته بـ"بدء اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الطارئ برئاسة مصر (رئيسة الدورة الحالية للمجلس) لمناقشة الوضع في السودان". وأضاف: "يعقد الاجتماع بناء على دعوة من كل مصر والسعودية".
في حين يعقد الاجتماع الطارئ على مستوى المندوبين الدائمين (21 دولة مع تجميد عضوية سوريا)، وفق بيان للخارجية المصرية مساء السبت.