يظهر جاك تيكسيرا، الذي ينتمي للحرس الوطني في القوات الجوية الأمريكية، والبالغ من العمر 21 عاماً، والذي حُدِّد على أنه المشتبه به الرئيسي في تسريب وثائق استخباراتية سرية، نحيلاً في زي سلاح الجو الأزرق الداكن، من خلال الصور المتداولة له.
ومساء الخميس، 13 أبريل/نيسان 2023، اعتقل مكتب التحقيقات الفدرالي تيكسيرا وقام بتفتيش منزله. وأظهرته لقطات فيديو من محطة تلفزيونية محلية وهو مُكبَّل بالأصفاد.
حددت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تيكسيرا كشخصية رائدة في مجموعة دردشة عبر الإنترنت تحمل اسم Thug Shaker Central، على الشبكة الاجتماعية "ديسكورد".
كان تيكسيرا ضمن جناح الاستخبارات رقم 102 في الحرس الوطني الجوي في ولاية ماساتشوستس، وكان أيضاً عضواً رئيسياً في مجموعة تضم حوالي 30 شخصاً شاركوا اهتماماتهم بالأسلحة وألعاب الفيديو والميمات العنصرية.
الصحيفة الأمريكية أشارت إلى أن تيكسيرا هو الشخص المعروف لأعضاء المجموعة باسم OG، والذي حُدِّدَ في اليوم السابق بواسطة صحيفة Washington Post الأمريكية باعتباره هو المسؤول عن التسريب.
تشكَّلت مجموعة Thug Shaker Central في ذروة جائحة كوفيد في عام 2020، وكانت عبارة عن غرفة دردشة مخصصة للمدعوين فقط.
ويبدو أنه منذ البداية، سعى تيكسيرا إلى إثارة إعجاب أعضاء مجموعته من الشباب، وكتابة رسائل مليئة بالمختصرات والمصطلحات، ونشر المستندات السرية، في البداية بكتابة النصوص الحرفية ثم تسريب المستندات الفعلية، التي يبدو أنها استُخلِصَت من مكانٍ آمن والتُقِطَت صور لها.
وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن OG أخبر الأعضاء الآخرين أن هذه كانت وثائق أحضرها إلى المنزل من "قاعدة عسكرية"، حيث كان يعمل أحياناً في منشأة آمنة تحظر الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية الأخرى.
وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الشكوك التي تشير إلى أن الشخص ربما كان تيكسيرا، وقالت إن التفاصيل الداخلية لمنزل طفولته، المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي في صور عائلية، تتطابق مع التفاصيل الموجودة على هوامش بعض صور الوثائق السرية المسربة.
وفي مقابلة مع الصحيفة، أكدت والدة تيكسيرا، داون، أن ابنها كان عضواً في الحرس الوطني الجوي، وقالت إنه كان يعمل مؤخراً في نوبات ليلية في قاعدة في كيب كود، وفي الأيام الأخيرة قام بتغيير رقم هاتفه.
من هو جاك تيكسيرا؟
نشأ تيكسيرا في نورث دايتون بولاية ماساتشوستس، وسط عائلة تضم قدامى المحاربين على ما يبدو. وكانت والدته تنشر صوراً لأفراد عائلته في الجيش عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
على خطاهم، انضم الشاب إلى الجيش بعد تخرجه في مدرسة دايتون-ريهوبوث الثانوية الإقليمية في صيف عام 2020، وغاب عن حفل تخرجه لحضور التزاماته التدريبية الأساسية في قاعدة لاكلاند الجوية في تكساس. أنهى تدريبه الفني في العام التالي ودخل الخدمة الفعلية رسمياً مع جناح المخابرات رقم 102 التابع للحرس الجوي الوطني لماساتشوستس في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
نشرت صفحة شركة والدته على "فيسبوك" منشوراً عن تيكسيرا في يونيو/حزيران 2021، حيث قالت: "جاك في طريقه إلى المنزل اليوم، أكمل مدرسة التكنولوجيا، وعلى استعداد لبدء مسيرته المهنية في الحرس الجوي الوطني".
تقدمت مسيرة تيكسيرا في الحرس الوطني. هنأته صورة نُشرت على صفحة "فيسبوك" للجناح 102 في المخابرات بالحرس الجوي الوطني لماساتشوستس في يوليو/تموز 2022 على ترقية واضحة إلى رتبة طيار من الدرجة الأولى.
دوافع التسريب
ونظراً لتتبُّع المسار وصولاً إلى منزل تيكسيرا، فقد أصبح السؤال عما قد يكون دافعاً له في التسريب أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. انتشرت أصداء التسريب من كييف إلى سيول وعواصم عالمية أخرى، وتسببت في صدمة من ضخامة الوثائق المسربة والأدلة على أن الولايات المتحدة كانت تتجسس على حلفائها.
كان التفسير الذي قدمه أعضاء مجموعة الدردشة غريباً، إذ يصرون على أن المسرِّب لم يكن يرغب في كشف فضائح، بل كان شاباً أراد التباهي لأصدقائه الصغار بالوثائق، ولم يكن ينوي أبداً الخروج بها من مجموعة الدردشة.
إلى ذلك، قال أحد أعضاء المجموعة لصحيفة "واشنطن بوست": "لم تكن هذه تسريبات عرضية من أي نوع. إنه شخص ذكي. كان يعرف بالطبع ما يفعله عندما نشر هذه الوثائق". لكن بعدما تسربت، تم نشر الوثائق عبر قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى، ثم التقطتها القنوات الروسية.
وأضاف: "إن الشاب كان يلقي عليهم محاضرات حول الشؤون الدولية والعمليات الحكومية السرية"، بينما أوضح أحد معارفه: "كان هذا الرجل متديناً ومناهضاً للحرب، وأراد فقط إبلاغ بعض أصدقائه بما يجري. لدينا بعض الأشخاص في مجموعتنا موجودون في أوكرانيا. نحب ألعاب القتال، نحب ألعاب الحرب".
وكان OG طلب من الأعضاء الآخرين في مجموعة "ديسكورد" عدم نشر الوثائق وتوسيعها، مؤكداً أنه لا يريد أن يكون مبلّغاً عن المخالفات. لكنه انتقد الدولة، مندداً بـ"استغلال السلطة"، وكذلك الشرطة والاستخبارات.
ولكن كان هناك جانب أكثر قتامة لـOG أيضاً. في مقطع فيديو شاهدته صحيفة Washington Post، شوهِدَ رجل حُدِّدَ على أنه OG في ميدان رماية ببندقية كبيرة، وهو يتلفَّظ بإهانات عنصرية ومعادية للسامية على الكاميرا.
ووسط ذلك، تم طرح أسئلة جدية حول أحدث تسريب محرج للغاية للمخابرات الأمريكية.
ربما يكون على رأس قائمة التساؤلات: كيف يمكن لشخص صغير السن وغير آمن عاطفياً، ولديه آراء عنصرية، أن يُسمح له بالوصول إلى موقع يحتوي على معلومات سرية للغاية؟!
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.