قال شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الخميس 13 أبريل/نيسان 2023، إن جمهور أئمة مذاهب أهل السنة قاطبةً ذهبوا إلى عدم اعتبار الإشهاد في وقوع الطلاق، وأن الأمر بالإشهاد على الطلاق المستوفي لكل الشروط ليس على سبيل الوجوب واللزوم، ولكن على سبيل الاستحباب والندب، وأن مَن يُطلِّق زوجته طلاقاً بدون إشهاد، فطلاقه واقع.
ليحسم بذلك شيخ الأزهر الجدل الذي أثير حول قضية الطلاق الشفهي في ظل الحديث عن قانون جديد للأحوال المدنية في مصر، وما قد يثيره من جدل، وحديث الرئيس المصري عن قانون جديد يقره البرلمان لتوثيق الطلاق الشفهي، وأن الطلاق دون توثيق لن يعتد به.
السيسي يخالف الأزهر في الطلاق الشفهي
حيث عاود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الإثنين 20 مارس/آذار 2023، الحديث عن قانون توثيق الطلاق في مصر، مؤكداً أن الدولة لا يمكن أن تتخذ أي إجراء يخالف الشرع، وهو القانون الذي أثار جدلاً كبيراً في الفترة الماضية، وكان سبباً للخلاف بين السلطة وشيخ الأزهر أحمد الطيب.
في كلمته خلال احتفالية المرأة المصرية والأم المثالية لعام 2023، الإثنين، ذكر السيسي وفق ما نشرته وسائل إعلام مصرية، أن الأمر تتم مناقشته أمام البرلمان من قبل رجال وسيدات وشباب، موضحاً أن هناك أموراً بها ضرر وأخرى أكثر ضرراً، معقباً: "أنت تشيل الأكثر ضرراً حتى لو كان بضرر.. دي قواعد فقهية".
كما قال السيسي: "اتكلمت في الموضوع ده قبل كده، وقلت عاوزين نعمل توثيق للطلاق من 4 أو 5 سنين، ومهم نعمله دلوقتي، طيب ليه؟ عمرنا ما هنعمل إجراء يخالف شرعنا، لكن الكلام بقى في مجتمع.. مفيش ضبط للكلام، ويبقى فيه ضبط للتصرف، وفي النهاية لما أعمل قانون إن الطلاق هو اللي بيتم موثق لو فيه إثم مين هيشيل الذنب يا معالي المستشار؟".
شيخ الأزهر يرد على السيسي
من جانبه، قال الطيب عبر سلسلة تغريدات ومقاطع فيديو تحت عنوان "فوضى الطلاق"، إن جمهور أئمة مذاهب أهل السنة قاطبةً ذهبوا إلى عدم اعتبار الإشهاد في وقوع الطلاق، وإن الأمر بالإشهاد على الطلاق المستوفي لكل الشروط ليس على سبيل الوجوب واللزوم، ولكن على سبيل الاستحباب والندب، وإن مَن يُطلِّق زوجته طلاقاً بدون إشهاد، فطلاقه واقع.
أضاف شيخ الأزهر أن القول بعدم وقوع الطلاق الشفهي المستوفي لشروطه مخالف لما استقرَّ عليه جمهور فقهاء أهل السنة، بل جمهور المسلمين، مؤكداً أن هذا هو الرأي الذي اعتمدته هيئة كبار العلماء بالأزهر بإجماع أعضائها حينما ناقشت الأمر مناقشة تفصيلية على مدى 6 أشهر.
تابع: "هيئة كبار العلماء بالأزهر أكدت أنه يجب على المطلِّق في كل الأحوال والظروف أن يسارع إلى توثيق طلاقه فورَ وقوعه، ولولي الأمر شرعاً أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لسنِّ قانون يلزم الزوج بالتوثيق وإيقاع عقوبة تعزيريةٍ رادعةٍ على مَن يمتنع عنه أو يماطل فيه".
في السياق ذاته، أكد الطيب أنه إذا أراد المجتمع مناقشة مسألة الطلاق الشفهي بغية الوصول إلى رأي جديد شرعاً فإنه "لا مفر من عقد مؤتمر عالمي جامع يضم علماء ممثلين لدول العالم الإسلامي، ينتهون إلى رأي يصبح هو الرأي المعتمد بالإجماع أو الأغلبية، إذ من المعلوم أن ما ثبت بالإجماع لا يتغير إلا بإجماع مماثل".
كان عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري إيهاب رمزي قد قال –لشبكة "سي إن إن" الأمريكية– إن الهدف من قانون الأحوال الشخصية الجديد تحقيق التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة، والحد من حالات الطلاق عبر توثيقه، وعدم الاعتداد بالطلاق الشفهي، مؤكداً أهمية القانون في خفض معدلات الطلاق المتزايدة بشكل لافت في السنوات الماضية.
تصريحات السيسي حول توثيق الطلاق من خلال قانون يخرج من البرلمان المصري، أثارت الجدل مرة أخرى وانتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الخطوة ربما تسبب أزمة في ظل رفض الأزهر لقانون توثيق الطلاق.
حيث سبق أن أكدت هيئة كبار علماء الأزهر أن الطلاق الشفوي "مستقر عليه منذ عهد النبي"، وقالت الهيئة إن "وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، الصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، هو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ.. دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق".
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي – Getty Images
كما ترى الهيئة أن "ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعيبه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علماً بأن كافة إحصاءات الطلاق المعلن عنها مثبتة وموثقة سلفاً إما لدى المأذون أو أمام القاضي".