كمال الخطيب لـ”عربي بوست”: العقبة وشرم الشيخ طعنة بظهر الأقصى، ومن قتل السوريين لا يمكنه تحرير القدس

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/12 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/12 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش
الشيخ كمال الخطيب- الصفحة الرسمية لكمال الخطيب على تويتر

أكّد نائب رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر الفلسطيني، ورئيس لجنة الحريات والدفاع عن الأسرى، كمال الخطيب، أن مؤتمري العقبة وشرم الشيخ ما عُقدا إلا من أجل المسجد الأقصى، والتفاهمات التي صدرت فيهما ظهرت آثارها فعلاً في المسجد الأقصى، فكانا يمثلان طعنةً غادرة في ظهره.

وأشار الخطيب في حوار صحفي أجراه مع "عربي بوست" أنّ أخطر مشاريع التطبيع هو ما يسمى بـ"الديانة الإبراهيمية"، ومنها اتفاقية أبراهام، التي وقعت مع دول عربية، والتي من شأنها تجرؤ إسرائيل في استهداف الأقصى، على حد قوله.

ووصف كمال الخطيب الموقف الأردني بأنه غير واضح المعالم، متسائلاً ما إذا كان خاضعاً لإملاءات المؤسسة الإسرائيلية وسياساتها، أم هو نابع من صلف وصلابة الحكومة الإسرائيلية اليمينية، على حد تعبيره.

وأشار إلى أنّ هناك أسئلة كثيرة بحاجة إلى أجوبة، من بينها: "لماذا يراد ويحال بين المعتكفين أن يعتكفوا في المسجد الأقصى"؟

وفيما يتعلق بموقف السلطة الفلسطينية مما يحدث في المسجد الأقصلى، قال نائب رئيس الحركة الإسلامية إنّ السلطة مشغولة فقط في أداء الدور الذي تكلف به من قبل الاحتلال في ملاحقة المطاردين، وملاحقة كل من يقول لا للمؤسسة الإسرائيلية، وهذا ما يشغلها الآن ولا يشغلها ما يجري في المسجد الأقصى.

وحول تقييمه لموقف ما يسمى بـ"محور المقاومة"، أوضح أنه لا يزال ينظر بشك وريبة للدور الإيراني وكل أذرعه، فمن أسهم في قتل وتهجير مئات الآلاف من السوريين لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون بحق جزءاً من مشروع تحرير القدس والأقصى"، على حد وصفه.

وشدد على أنّ هناك سعياً لكسب عواطف الأمة عبر نافذة الأقصى، معتبراً أنّ الذي يريد أن يصل إلى القدس لن يصل إليها عن طريق حلب وحماة وحمص، بل يصل إليها مباشرة.

واعتبر نائب الحركة الإسلامية أنّ المشروع الصهيوني حرص دائماً على أن يبقى الصراع في فلسطين صراعاً وطنياً قومياً سياسياً، وليس صراعاً دينياً، حتى جاءت هذه الحكومة ليحولوا الصراع عبر استهدافهم للأقصى إلى صراع ديني، وهذا وإن كانت له بعض السلبيات على الأقصى وعلى الفلسطينيين، لكن سلبياته أكثر بكثير جداً على إسرائيل وعلى شعبها وعلى المشروع الصهيوني، لأنّ الحرب الدينية حتماً إسرائيل ستكون هي الطرف الخاسر فيها.

وهذا هو النص الكامل للحوار:

كيف تنظرون إلى الواقع الحالي الذي يعيشه المسجد الأقصى؟ وهل الأمر مرتبط بالتطورات السياسية التي تمر بها المنطقة، وعلى رأسها موجة التطبيع؟

ما يمر به المسجد الأقصى هذه الأيام يمثل انعطافة في غاية الخطورة، تتمثل في حدة التصعيد والاقتحام والتدنيس والاستهداف المباشر للمرابطين والمرابطات فيه.

ما حصل مساء ليلة الأربعاء الماضي، عشية ما يُسمى بـ"عيد الفصح"، تلك الليلة الرهيبة التي رأى العالم شكل التنكيل الذي مورس ضد الرجال في المسجد الأقصى المبارك وضد الأخوات المرابطات، وصل إلى حد السحل في ساحات الأقصى، يعود إلى جملة من الأسباب.

منها، وجود حكومة يمينية يأتي على رأسها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والذي كان في السنتين الماضيتين وما سبقهما هو المحامي الذي يدافع عن المستوطنين اليهود الذين يقتحمون ساحات المسجد الأقصى بنية ذبح القرابين، وحالياً هذا المحامي أصبح هو المسؤول عن الشرطة التي تأذن أو تمنع هؤلاء من الدخول إلى المسجد الأقصى.

لذلك هم يتحدثون عن وجود فرصة تاريخية لتنفيذ مخططاتهم، وهذه الفرصة فعلاً هي وجود حكومة ليس لهم فيها أعضاء كنيست وحسب، بل وجود أصحاب قرار من الوزراء، وهذا هو السبب الأول في زيادة الاقتحامات.

أما السبب الآخر فهو أنّ إسرائيل تعيش شعور النشوة في ظل مشاريع التطبيع المتسارعة في المنطقة من قبل دول عربية، رغم كل الذي تقوم به إسرائيل بحق المسجد الأقصى.

وأخطر ما في مشاريع التطبيع هذه ما يسمى بـ"الديانة الإبراهيمية"، ومنها اتفاقية أبراهام التي وقعت مع الإمارات، ولاحقاً البحرين والسودان والمغرب، والتي تنصّ في بند من بنودها بشكل واضح على جواز السماح لكل من هو من سلالة إبراهيم عليه السلام، أن يصلي في جبل الهيكل، وطبعاً المقصود هو المسجد الأقصى.

ولأنّ المسلمين والمسيحيين واليهود هم من سلالة إبراهيم، إلا أنّ المسيحين لا يطالبون بأي حق في المسجد الأقصى، فبقي واضحاً أنّ هذا البند قد صيغ بشكل خاص لأجل اليهود من أجل تبرير وجود حق مزعوم لهم في المسجد الأقصى، وهذا ما كان أكدّ عليه وتحدث به السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان.

ومن هنا فإنّ إسرائيل اعتمدت على هذه السياسات الوقحة والجريئة في استهداف الأقصى، بشعور أنّ هناك من فقط من يندد ويستنكر، وليس أكثر من ذلك، خاصة من الدول المطبعة.

ما علاقة اجتماعات العقبة وشرم الشيخ بما حصل في أروقة المسجد الأقصى من التضييق على المصليين والحد من الاعتكاف داخل الأقصى؟

الكل يعلم أنّ مؤتمر قمة العقبة، ولاحقاً مؤتمر شرم الشيخ، اللذين بادر إليهما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بزعم دراسة كيفية تخفيض العنف في شهر رمضان في القدس والمسجد الأقصى، ما عُقدا أصلاً إلا من أجل المسجد الأقصى. التفاهمات التي صدرت فيهما مع الأسف ظهرت آثارها فعلاً في المسجد الأقصى.

هنا أريد أن أشير بشكل واضح، إلى الرسالة الرسمية التي صدرت من وزارة الأوقاف الأردنية، والتي قام بإيصالها مدير عام أوقاف القدس عزام الخطيب إلى مدير المسجد الأقصى، بأنّه لا يصح الاعتكاف إلا ليلتي الجمعة والسبت من كل أسبوع، والعشر الأواخر من شهر رمضان، هو أمر عجيب أن يصدر هذا الشيء من وزارة الأوقاف.

بالأصل الاعتكاف يجب أن يكون في شهر رمضان، لكن يبدو أنّ هذه واحدة من مفردات مؤتمري العقبة وشرم الشيخ، لكن هذا القرار تمّ إلغاؤه عشية الاعتداء البشع على المسجد الأقصى والمصلين في ليلة 14 من رمضان، ومع الأسف أقول إنّ مؤتمري العقبة وشرم الشيخ كانا يمثلان طعنة غادرة في ظهر المسجد الأقصى.

لماذا تراجع مجلس أوقاف القدس عن قراره الأخير بحصر الاعتكاف في الأقصى في العشر الأواخر من رمضان، ويومي الجمعة والسبت من كل أسبوع؟ ما كواليس وحقيقة ما حدث؟

التراجع جاء في ظل الحرج الذي وقع فيه الأردن كدولة ونظام، والتي تأتي تحتها وزارة الأوقاف الأردنية ومجلس أوقاف القدس.

الرسائل الرسمية التي خرجت عن مجلس أوقاف القدس كان لا بدّ أن تعلن بالبداية أنّ الأقصى مفتوح للمعتكفين منذ بداية رمضان، فمن الذي جعل حقنا فقط مقتصراً على ليلتي الجمعة والسبت، ولماذا الجمعة والسبت، لأنّ المستوطنين اليهود لا يقتحمون المسجد الأقصى في هذين اليومين، وليس احتراماً للأقصى، ولكن احترماً لقدسية السبت لديهم.

ولماذا العشر الأواخر؟ لأنّ عيد الفصح يكون قد انتهى، ومع ذلك اليوم نحن بدأنا في العشر الأواخر، وشهدنا اقتحام أكثر من 700 مستوطن المسجد الأقصى. هذا يعني أنّ إسرائيل ليست فقط تضرب بعرض الحائط اتفاقياتها، بل إنّها تصفع- مع الأسف على الوجوه- شركاءها ولا تعطيهم أي احترام ولا أي قيمة.

كيف تقيمون الموقف الأردني على وجه الخصوص من التطورات في الأقصى، ومن حكومة اليمين المتطرف؟ وهل برأيكم هذه الإجراءات كافية من الأردن؟

نحن دائماً وأبداً كنا مع الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى المبارك ومازلنا، ونشدّ على يد كل جهة عربية وإسلامية تسعى من أجل الدفاع وتثبيت حقنا كمسلمين في المسجد الأقصى.

لكن ما حصل في هذه المرحلة، وحديث الإخوة المرابطين والمرابطات من أنّ موظفي الأوقاف حاولوا إقناعهم بعدم الاعتكاف في المسجد الأقصى في البداية. هذا يشير إلى أنّ هناك ضعفاً في الموقف الأردني، بل إنّ هناك أسئلة كثيرة بحاجة إلى أجوبة، لماذا يحال بين المعتكفين أن يعتكفوا في المسجد الأقصى؟

أنا أعتبر أنّ الدور الأردني الآن غير واضح المعالم، وهناك أسئلة بحاجة أن تتم الإجابة عنها، فهل هو خاضع لإملاءات المؤسسة الإسرائيلية وسياساتها، أم هو نابع من صلف وصلابة الحكومة الإسرائيلية اليمينية؟

على الأردن أنّ يعلم أنّ خلفه يقف 400 مليون عربي، و2000 مليون مسلم، و19 مليون فلسطيني للدفاع عن حق المسلمين في المسجد الأقصى، وبالتالي لا بدّ أن تكون المواقف أكثر وضوحاً وأكثر صلابة.

ما مستقبل الوصاية الهاشمية على المقدسات؟ وهل نعتبر أنّها أجهضت وباتت في غرفة الانعاش وحبراً على ورق؟

لا شكّ أنّ هناك تراجعاً في الأداء، وفي الوقوف الصلب أمام المشاريع والتهديدات الإسرائيلية. أنا تابعت كلمة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قبل خمسة أيام، والذي قال فيها: "ماذا تتوقعون من سبعين موظفاً من موظفي الأوقاف، هؤلاء ليسوا جيشاً يمكن أن يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي".

الحقيقة أقول إنّ القضية ليست قضية جيش يواجه جيشاً، نحن نتحدث عن شعب لا بدّ أن يُعطى فرصته بأن يكون هو من يقف أمام الاحتلال الإسرائيلي، وأتحدث هنا عن فتح أبواب المسجد الأقصى للاعتكاف من بداية رمضان، لأنّ المعتكفين والحضور الكثير والكثيف دائماً هو صمام الأمان الأول للمسجد الأقصى.

لذلك أنا لم أقبل أبداً هذه التبريرات، وأقول الأردن يستطيع أن يكون موقفه أفضل لأنّك تتحدث وتدافع عن حق، وليس باطلاً تريد أن تحوله إلى حق، وبالتالي فإنّ استمرار التراجع في الموقف الأردني أمام حكومة يمينية فاشية هذا في غير صالح المسجد الأقصى.

لماذا لم نشهد موقفاً من القيادة الفلسطينية ممثلة بالسلطة الفلسطينية؟

أنا راقبت أداء السلطة الفلسطينية خلال السنوات الماضية، وحتى الآن مع الأسف هو ليس دوراً يقف على الحياد، بل هو دور مشبوه ومتخاذل.

السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية خلال كل السنوات الماضية كانت تقف لتقمع أي حراك مناصر للقدس والأقصى، وكانت تضرب بيد من حديد على أهلنا في نابلس وجنين ورام الله والخليل، لمنع أي حراك شعبي نصرة للقدس والأقصى.

وما رأيناه في الفترة الأخيرة من مشاركتها في مؤتمري العقبة وشرم الشيخ، وبالتالي وافقت على مفردات ما حصل في المؤتمرين بحق المسجد الأقصى.

ويبدو أنّ السلطة الفلسطينية الآن مشغولة فقط بأداء الدور الذي تكلف به من قبل الاحتلال في ملاحقة المطاردين وملاحقة كل من يقول لا للمؤسسة الإسرائيلية، وهذا ما يشغلها الآن ولا يشغلها ما يجري في المسجد الأقصى.

ما نظرتك لموقف ما يسمى بمحور المقاومة إيران وحزب الله وسوريا؟ وهل يُعوَّل على هذا المحور بعد أن شهدنا تطورات لما يُسمى بوحدة الساحات، وزيارة إسماعيل هنية إلى لبنان، واجتماعه بالفصائل الفلسطينية وحسن نصر الله؟

أعول بعد الله عز وجل على شعبنا الفلسطيني، وعلى مقدراته وإمكانياته وعطائه. الدور الإيراني وكل أذرعه كنت وما زالت وسأظل أنظر إليه نظرة الشك والريبة، فهم لا يزالون يعتدون على المسلمين ويقتلونهم، فمن أسهم في قتل وتهجير مئات الآلاف من السوريين لا يمكن بحال من الأحوال أن أثق بأنّ هؤلاء يمكن أن يكونوا بحق جزءاً من مشروع تحرير القدس والمسجد الأقصى.

أنا أعتبر أنّ هناك سعياً لكسب عواطف الأمة عبر نافذة المسجد الأقصى. من يريد أن يصل إلى القدس لن يصل إليها عن طريق حلب ولا عن طريق حماة، بل يصل إليها مباشرة، الإيرانيون أرادوا الوصول إلى القدس عبر حلب وحماة وحمص أولاً، وما فعلوا فيها من أفاعيل.

ما هي مساعي الحركة الإسلامية وتحركاتها على المستوى الفلسطيني الداخلي والعربي والإسلامي تجاه ما يجري بالأقصى؟

أولاً لابدّ من التذكير بأنّ الحركة الإسلامية قد حُظرت، يوم الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وأخرجت عن القانون، وحُلت كل مؤسساتها وصُودرت كل ممتلكاتها، ويتم التعامل مع كل من كان ينتسب إليها بأنّهم ينتسبون إلى تنظيم إرهابي خارج عن القانون.

حتى إنّ قرار حظر الحركة الإسلامية حصل بعد لقاء العقبة يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2015، والذي جمع الرئيس المصري وملك الأردن ونتنياهو وجون كيري.

ووفق وسائل إعلام إسرائيلية فإنّه تمّ وضع أبو مازن في صورة قرارات المؤتمر، والذي أكد على ضرورة إصدار قرار إخراج وحظر الحركة الإسلامية عن القانون، فكان القرار في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، أي بفارق ثلاثة أسابيع بين مؤتمر العقبة وبين حظر الحركة الإسلامية واعتبارها خارجة عن القانون.

وقد اتُّخذ قرار الحظر بسبب موقف الحركة الإسلامية من المسجد الأقصى وإطلاقها صرخة "الأقصى في خطر" وتسييرها مسيرة البيارق.

الحركة الإسلامية في أراضي 48 ليس لها أي تواصل ولا أي دور رسمي مع أحد في الوقت الحالي، بقدر ما أنّ الحراك الحاصل الآن هو حراك شعبي تلقائي من أبناء الداخل الفلسطيني.

إلى أي مدى يمكن أن يستغل المستوطنين وجود بن غفير؟ إلى أي حد يمكن أن تصل أفعالهم إذا استمرت هذه الحكومة بضع سنوات أخرى؟

أولاً لا بدّ أن أشير إلى أنّ ما يفعله الآن إيتمار بن غفير ويتسلئيل سموتريتش، هو ما سبق وحذر منه عقلاء كثيرون في المؤسسة الإسرائيلية (إن صح التعبير أن نسميهم عقلاء من باب حرصهم على مصلحة كيانهم)، إلى درجة أنّ رئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز كان قد صرح بشكل واضح أنّ المشروع الصهيوني حرص دائماً على أن يبقى الصراع صراعاً وطنياً قومياً سياسياً وليس صراعاً دينياً.

قال يومها :"الويل لنا إذا تحول الصراع لصراع ديني"، ستصبح إسرائيل ليس في مواجهة 14 مليون فلسطيني، ولا حتى 400 مليون عربي، ستصبح في مواجهة 2000 مليون مسلم كلهم لهم علاقة بالمسجد الأقصى.

فجاءت هذه الحكومة وجاء بن غفير وسموتريتش ونتنياهو من أجل أن يختصروا المسافة ليحولوا الصراع عبر استهدافهم للمسجد الأقصى إلى صراع ديني بلافتته الكبيرة.

هذا وإن كان له بعض السلبيات على المسجد الأقصى وعلى الفلسطينيين، لكن سلبياته أكثر بكثير جداً على إسرائيل وعلى شعبها وعلى المشروع الصهيوني، لأنّ الحرب الدينية حتماً إسرائيل ستكون هي الطرف الخاسر فيها، في ظل أنّها ستواجه أمة بأكملها تتعاطى مع المسجد الأقصى باعتباره جزءاً من عقيدة تؤمن بها، وهذا من كتاب تتعبد إلى الله عزوجل به.

هل يمكن أن تستمر هذه الحكومة، أم أن نهاية نتنياهو السياسية باتت قريبة؟

هذه السياسة التي اعتمدها نتنياهو سواء أكانت في قضية المسجد الأقصى وصدامه المباشر مع من حوله، وحتى مع الإدارة الأمريكية، والأمر الآخر مشروعه فيما يسمى بـ"الانقلاب القضائي" والتعديل الجذري في المنظومة القضائية الإسرائيلية، كل ذلك هدفه كما يعلم الكل محاولة الإفلات من الملفات الموجهة إليه، وهي ملفات خطيرة تتمثل في تهم الرشاوى والفساد واستخدام المال العام.

لذلك سيسعى نتنياهو جاهداً لتنفيذ الخطة القضائية، لأنّها حبل النجاة بالنسبة له، لكن أمام التيار الجارف للمعارضة، وأمام الأصوات وحالة التمرد في الجيش وغيره، واستطلاع الرأي العام الإسرائيلي الذي نشرته القناة الـ13 الإسرائيلية، فقد تراجعت شعبية حزب الليكود بزعامة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لأنه بحسب الاستطلاع في حال أجريت انتخابات حالية للكنيست الإسرائيلي فإنّها ستعطي نتنياهو فقط 20 مقعداً، بينما سيحصل "المعسكر الوطني" برئاسة بيني غانتس على 29 مقعداً.

مع العلم أنّ نتنياهو كان قد حصل في الانتخابات الأخيرة على 35 مقعداً، إذاً هناك انحدار جنوني في شعبية نتنياهو، وإمكانية بقائه في هذه الحكومة تبقى ضعيفة، لذلك هو يلمح إلى إمكانية أن يشارك غانتس في ائتلاف جديد، لكن يبدو أنّ غانتس لن يقبل بأن يكون في حكومة فيها بن غفير وسموتريتش، لأنّه ينتمي إلى التيار العلماني الرافض إلى المشاركة مع هؤلاء.

هل ترى أن المقاومة استطاعت أن تضع حداً لتوغل الاحتلال في المسجد الأقصى ومحاولاته لفرض سيادته وتقسيمه زمانياً ومكانياً؟

لا شكّ أنّ ما يجري في غزة وما حولها له انعكاسات على الواقع الإسرائيلي، خاصة أنّ هناك حالة خوف تعتري المنطقة المحاذية لغزة في كل مرة، ويطالبون بوضع حد لاستمرار أن يكونوا تحت رحمة غزة.

لا شكّ أنّ هذا أصبح جزءاً من المعادلة، لكن غزة ليست إمبراطورية وليست دولة عظمى، غزة هي شريحة أرض، الكل يعلم ظروفها، فهل يراد لغزة أن تسد مسد أنظمة عربية وجيوش وإمكانات، هذا يمثل تحميلاً فوق الطاقة وظلماً كبيراً.

هل تعتقد أن مصطلح توحيد الساحات مازال قائماً، خاصة ما يتعلق بالداخل المحتل الأكثر خطراً وحساسية للاحتلال؟

مرة أخرى الداخل الفلسطيني ليس له أي ارتباط مع أي جهة أياً كانت، الداخل الفلسطيني أبناؤه يعتبرون أنّ وجودهم في هذه الأرض هو شرف من الله سبحانه وتعالى، ونعمة أنعم بها عليهم، فلن يفرطوا في هذه النعمة، ولا في واجب نصرة المسجد الأقصى، فكانوا أول من يستجيب لصوت المسجد الأقصى وأنينه، وهم من يسيّرون الحافلات ويشدون الرحال ويرابطون في المسجد الأقصى، وسيظلون في هذا الدور، لأنّه شرف لن يتنازلوا عنه أبداً.

وهذا لا يأتي لا عبر توجيه من هذه الجهة، ولا من تلك الجهة، إنّما هي حالة من الوعي والهوية الدينية والوطنية التي ينتمي إليها أبناء الداخل الفلسطيني ومن خلاله ينطلقون في موقفهم المناصر للمسجد الأقصى المبارك.

تحميل المزيد