تواجه الحكومة الهندية اتهامات بإعادة كتابة التاريخ حتى يتماشى مع أجندتها القومية الهندوسية، وذلك من خلال تعديل الكتب المدرسية، بحسب ما قالته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 6 أبريل/نيسان 2023.
بحسب الصحيفة، فإن تعديل الكتب المدرسية سعى لحذف أي إشارات إلى معارضة المهاتما غاندي لفكر القومية الهندوسية، وكذلك حذف أي إشارات إلى أعمال الشغب الدينية المثيرة للجدل التي تورط فيها رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
ويسعى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم لتحقيق أجندة قومية هندوسية أبعدت الهند عن ركائزها العلمانية، وأعلن الحزب صراحةً عن رغبته في إعادة كتابة تاريخ البلاد والانفصال عن "عقلية العبيد" الخاصة بالمستعمرين الطغاة، على حد وصفهم.
وشهدت الكتب الدراسية العديد من التعديلات منذ وصول الحزب إلى السلطة عام 2014. بينما يزعم المنتقدون أن مناهج المدارس والجامعات تتعرض لـ"هجوم زعفراني"، في إشارة إلى اللون المفضل لدى القوميين الهندوس.
حيث تعرضت الفقرات التي تذكر الحكام المغول من المسلمين للحذف أو التعديل باستمرار في السنوات الأخيرة. بينما شهدت المقررات الدراسية إضافة إشارات إلى المُنظِّر القومي الهندوسي المتعصب فيناياك دامودار سافاركار، باعتباره "أشهر مناضلي الحرية" "وشخصية وطنية عظيمة".
تعديلات بـ"صمت"
وأثارت النسخ الجديدة من كتب التاريخ والعلوم السياسية حالةً من الجدل بسبب التعديلات، التي أجراها المجلس الوطني للتدريب والبحث العلمي. حيث صدرت بعض تلك التعديلات في صمت ودون الإشعارات العلنية المعتادة.
وتضمنت التعديلات على كتب العلوم السياسية حذف أي إشارةٍ إلى استياء القوميين الهندوس من غاندي، وكيف حاولوا اغتياله في عدة مناسبات، وذلك بالنسبة لمقررات الطلاب في أعمار 17 و18 عاماً.
يُذكر أن غاندي تعرض للاغتيال على يد القومي الهندوسي ناتهورام غودسي عام 1948. وما يزال بعض القوميين الهندوس يذمون في غاندي، بسبب آرائه حول وحدة الهندوس مع المسلمين. كما ترتفع معدلات تبجيل المتعصبين الهندوس لقاتله منذ وصول بهاراتيا جاناتا إلى السلطة.
وقد خفّفت الكتب المدرسية من لهجة حديثها عن غودسي. كما حذفت الإشارة إلى الحظر الذي فُرِض على منظمة التطوع الوطنية (راشتريا سوايامسيفاك سانج) الهندوسية المتشددة، وذلك عقب اغتيال غاندي.
بينما يُنظر إلى "بهاراتيا جاناتا" باعتباره الجناح السياسي لمنظمة التطوع الوطنية، وما يزال التحالف الأيديولوجي قائماً بينهما. حيث كان العديد من قادة حزب بهاراتيا جاناتا أعضاء في المنظمة، ومنهم مودي.
وأدى التدقيق الذي أجرته صحيفة Indian Express الهندية في الكتب المدرسية، إلى كشف التعديلات. وتبيّن أيضاً أن المجلس الوطني للتدريب والبحث العلمي قد حذف عدة إشارات إلى أحداث شغب غوجارات من الكتب المدرسية.
إذ تُمثّل أحداث الشغب التي اندلعت عام 2002 موضوعاً شديد الحساسية لمودي، الذي كان يشغل منصب كبير وزراء غوجارات آنذاك. حيث اتُّهِمَ بالتورط في أعمال العنف التي تضمنت هجمات وحشية على الأسر المسلمة، وأدت لوفاة أكثر من 1,000 شخص غالبيتهم من المسلمين. بينما حظرت الحكومة عرض فيلمٍ وثائقي لشبكة BBC البريطانية مؤخراً، لأنه كان يستكشف دور مودي في تلك الأحداث.
وبعد المراجعات الأخيرة، اختفت الإشارات إلى أحداث الشغب بالكامل من جميع الكتب المدرسية في مادة العلوم السياسية، وذلك لمن تتراوح أعمارهم بين 11 و18 عاماً.
كما حذف المجلس الوطني للتدريب والبحث العلمي فصولاً تتعلق بأسر المغول الحاكمة من كتب التاريخ، الخاصة بالطلاب البالغين 17 و18 عاماً، بموجب إجراءات تستهدف "تبسيط" المناهج وتخفيف الأعباء الدراسية عن الطلاب بعد جائحة كوفيد-19.
وقد وجّه المؤرخون والمعارضون انتقادات شديدة لمراجعات الكتب المدرسية. إذ قال ماليكارجون خارج، رئيس حزب المؤتمر المعارض: "يمكنك تغيير الحقيقة في الكتب، لكنك لن تستطيع تغيير تاريخ البلاد".
بينما قال أديتيا موخيرجي، أستاذ التاريخ الهندي المعاصر بجامعة جواهر لال نهرو، إن حذف تاريخ المغول من الكتب المدرسية يمثل محاولةً لـ"تسليح ومحو" التاريخ -حتى يتماشى مع الأجندة السياسية للحكومة. وأردف موخيرجي في حديثه إلى قناة NDTV الهندية: "مع كل مرةٍ نشهد فيها محو مجتمعٍ بعينه من تاريخنا، سنجد أن تلك الخطوة تتبعها إبادة جماعية لذلك المجتمع عادةً".