كشف ضابط أمن روسي كبير، انشقَّ العام الماضي، عن نظرة تشتمل على معلومات غير مسبوقة في نمط معيشة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأنه مصاب بجنون العظمة، كما أكد بعض التفاصيل التي وردت من قبل عن امتلاكه شبكة قطارات سرية، ومكاتب متطابقة في مدن مختلفة، وتحدث عن الحجر الصحي الصارم الذي فرضه على نفسه ومَن حوله، والبروتوكولات الأمنية المكثفة التي تُتخذ لحمايته.
غليب كاراكولوف، الذي كان ضابطاً برتبة نقيب في جهاز خدمة الحراسة الفيدرالية المكلف بحماية كبار المسؤولين في روسيا، قال إن بوتين يتخذ تدابير مُحكمة لإخفاء مكان وجوده، ووصفه بأنه "يخاف على حياته حدَّ الهوس"، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 5 أبريل/نيسان 2023.
القطار السري
وزعم كاراكولوف أن القطار السري الذي يستخدمه بوتين "لا يمكن تعقبه من أي مصدر معلومات، فقد أُنشئ لأغراض التخفي".
كان موقع Proekt الاستقصائي الروسي قد كشف من قبل عن القطار وشبكة سكك الحديد السرية التي يعتمد عليها، والتي تشتمل على خطوط ومحطات متوازية تمر على مقربة من مقر إقامة بوتين في نوفو أوغاريوفو بمدينة موسكو، وبالقرب من مقر إقامته الصيفي في بوتشاروف روتشيه في منتجع سوتشي على البحر الأسود.
اطلعت صحيفة The Guardian على مقابلة أجراها كاراكولوف مع منصة Dossier Centre، وهو موقع إعلامي سياسي أسَّسه الملياردير الروسي المنفي ميخائيل خودوركوفسكي، وقد أكد الموقع المستقل مصداقية كاركولوف الذي عمل مهندساً للاتصالات في مواقع روسية مهمة، وسافر مع بوتين إلى أماكن مختلفة، وشارك في إرسال بعض رسائله السرية.
كان كاراكولوف عضواً في "الفريق الميداني" التابع لمديرية الاتصالات الرئاسية، التي تتولى تشفير رسائل كبار المسؤولين الروس، وتشير البيانات الواردة إلى أنه سافر أكثر من 180 رحلة مع كبار المسؤولين، ما يجعله أعلى المسؤولين الاستخباراتيين المنشقين رتبةً منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا.
"بوتين فقد تواصله مع العالم"
وفي المقابلة وصف كاراكولوف الرئيسَ الروسي بأنه "مجرم حرب"، وحثَّ زملاءه الضباط على التقدم وكشف ما وصفه بأنه معلومات مخفية عن الشعب الروسي.
كاراكولوف قال: "لقد فقد رئيسنا تواصله مع العالم"، فقد كان "يعيش في شرنقة معلومات على مدار العامين الماضيين، ويقضي معظم وقته في مقرات إقامته، التي أصابت وسائل الإعلام حين وصفتها بأنها مخابئ، فهو يخاف على حياته حدَّ الهوس، ويحيط نفسه بحواجز لا يمكن اختراقها من الحجر الصحي والمعلومات الانتقائية، وهو لا يعبأ إلا بحياته وحياة عائلته وأصدقائه".
وتحدث كاراكولوف عن فقاعة أحاط بها بوتين نفسه، تضم رجال إطفاء، وفاحصين للطعام تحسباً للسموم، ومهندسين يسافرون معه في رحلاته إلى الخارج، كاشفاً عما وُصف بأنه أعراض لجنون العظمة الذي يعيش فيه الرئيس الروسي. وقال: "إنهم يسمونه الرئيس، ويكادون يعبدونه، فهم لا يتحدثون عنه إلا بألقاب التعظيم".
شبكة اتصالات سرية
كما أوضح كاراكولوف أيضاً أن بوتين أنشأ شبكة اتصالات سرية على متن الطائرات والمروحيات واليخوت الفخمة التي يستخدمها، وحتى في ملجأ من القنابل أُقيم في السفارة الروسية في كازاخستان، خلال زيارة له في أكتوبر/تشرين الأول 2022. وهي الزيارة التي تمكن كاراكولوف خلالها من الفرار إلى تركيا، ومن هناك إلى دولة لم يُعلن عنها في الغرب.
وأكد أن بوتين يعتمد اعتماداً كبيراً على المعلومات الواردة في التقارير التي تقدمها أجهزته الأمنية، وهو لا يستخدم الهاتف المحمول ولا الإنترنت، ولا يستعين بمتخصصين في الإنترنت خلال رحلاته الخارجية، وإنما "يتلقى المعلومات فقط من دائرته المقربة".
كما زعم كاراكولوف أن بوتين لا يزال يطبق الحجر الصحي، ويفرض على جميع الموظفين الذين يعملون معه في الغرفة نفسها أن يخضعوا لحجر صحي مدته أسبوعان قبل الاقتراب منه، وهو ما يحد بشدة من عدد الأشخاص الذين لديهم تواصل شخصي معه.
طرق حماية بوتين من الاغتيال
وواصل كاراكولوف حديثه قائلاً إن "بوتين يستخدم مكاتب تكاد تكون متطابقة في سان بطرسبرغ وسوتشي ونوفو أوغاريوفو، وأجهزته السرية تستعين بمواكب مزيفة ورحلات جوية وهمية، وغير ذلك من الحيل التي تستخدم لخداع أجهزة الاستخبارات الأجنبية في المقام الأول، ولحمايته من عمليات الاغتيال".
وقال كاراكولوف إن سلوك بوتين ونمط معيشته قد شهدا تغيراً كبيراً منذ تفشي جائحة كورونا في عام 2020، فقد انسحب من معظم مظاهر الحياة العامة، و"عزل نفسه عن العالم، حتى تشوهت رؤيته للواقع".