أعلنت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، 31 مارس/آذار 2023، أن وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، يعتزم زيارة القاهرة، السبت الأول من أبريل/نيسان 2023، وأفادت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، بأن وزير الخارجية سامح شكري سيعقد مباحثات مع المقداد في مقر الوزارة بالقاهرة.
في حين لم يصدر من جانب النظام السوري تفاصيل بشأن الزيارة حتى الساعة 12:45 (ت.غ).
فقد سبق أن التقى شكري مع المقداد في سبتمبر/أيلول 2021، بنيويورك، وذلك في أول لقاء بين وزيري البلدين منذ 10 سنوات، وقتها.
زيارة منتظرة لوزير خارجية سوريا لمصر
لكن الزيارة المنتظرة هي الأولى على مستوى وزاري لخارجية النظام السوري إلى مصر منذ تجميد الجامعة العربية في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 عضوية دمشق على خلفية "قمع" النظام احتجاجات شعبية مطالبة بالتغيير.
تأتي الزيارة بعد نحو شهر من زيارة قام بها وزير خارجية مصر في 27 فبراير/شباط 2023 لسوريا وتركيا تضامناً معهما على خلفية الزلزال المدمر الذي ضربهما في 6 من الشهر ذاته، وذلك لأول مرة منذ 2011.
كما تأتي زيارة المقداد للقاهرة وسط أحاديث عربية رسمية عن عودة سوريا عربياً وقبيل نحو شهر من انعقاد القمة العربية في الرياض.
سامح شكري يزور سوريا وتركيا
حيث زار سامح شكري سوريا ضمن ضمن جولة تشمل أيضاً تركيا، من أجل نقل "رسالة تضامن من مصر مع الدولتين وشعبيهما الشقيقين عقب الزلزال"، حسبما أعلنت الخارجية المصرية، الأحد.
أضاف شكري: "مصر قدمت حتى الآن 1500 طن من المساعدات، وسنستمر بالإرسال، ونعمل دائماً على التضامن ومواجهة التحديات، ونتطلع إلى أن تتجاوز سوريا تداعيات الزلزال". وتابع شكري: "نحن على أتم الاستعداد لتقديم ما لدينا من موارد لمساعدة أشقائنا في سوريا لمواجهة تداعيات هذا الزلزال".
تلك أول زيارة لوزير خارجية مصري إلى دمشق، منذ تجميد الجامعة العربية عضوية سوريا في 2011، على خلفية قمع النظام السوري الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير، وفق وكالة الأناضول.
عودة سوريا للجامعة العربية
ساعتها رفض وزير الخارجية المصري سامح شكري الرد على سؤال حول عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وذلك خلال زيارته إلى دمشق، وقال إن الهدف من زيارته سوريا إنساني في المقام الأول.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، الإثنين 27 فبراير/شباط 2023، وقال شكري إن "الشعب السوري له مكانته، وهدف الزيارة هو هدف إنساني بالمقام الأول".
تداعيات زيارة سامح شكري إلى سوريا
في سياق موازٍ، نشر موقع أسباب، المتخصص بالتحليل السياسي والاستراتيجي، تقريراً حول زيارة شكري إلى دمشق وتداعياتها واحتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، خصوصاً أن زيارة الوزير المصري سبقتها زيارات عربية أخرى واتصال رئاسي وتطورات أخرى.
ففي اليوم السابق لزيارة سامح شكري، كان وفد برلماني عربي قد زار العاصمة السورية، وضم الوفد رئيس الاتحاد البرلماني العربي ورئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، ورؤساء مجلس النواب في الإمارات العربية المتحدة، والأردن، وفلسطين، وليبيا، ومصر، إضافة إلى رؤساء وفدي سلطنة عُمان ولبنان، فضلاً عن الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي.
كان وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد، قد زار دمشق يوم 12 فبراير/شباط والتقى الرئيس السوري. وفي يوم 15 فبراير/شباط، أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي زيارة مماثلة للعاصمة السورية.
رئيس النظام السوري بشار الأسد وسط جنوده رويترز /أرشيفية
كذلك وفي يوم 20 فبراير/شباط، زار الرئيس السوري بشار الأسد سلطنة عمان؛ حيث استقبله السلطان هيثم بن طارق، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الثورة السورية.
على الرغم من أن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، كان قد وصف تقارير صحفية تكهنت بقرب زيارته لدمشق، بأنها "شائعات"، إلا أن الوزير السعودي أكد على وجود إجماع عربي يتشكل مفاده أنه لا جدوى من عزل سوريا وأن الحوار مع دمشق مطلوب "في وقت ما".
فيما علل الأمير فرحان هذا الموقف بغياب سبيلٍ لتحقيق "الأهداف القصوى"، ومن ثم فإن نهجاً آخر قد بدأ يتشكل "لمعالجة مسألة اللاجئين السوريين في دول الجوار، ومعاناة المدنيين" خاصة بعد الزلزال.
هل الزلزال السبب الوحيد لتطبيع العلاقات العربية مع الأسد؟
من المبالغة ربط مسار التطبيع العربي مع النظام السوري بتداعيات الزلزال؛ فالواقع أن التداعيات الإنسانية للزلزال وفرت فقط مناسبة معقولة لتطوير هذا المسار القائم بالفعل؛ حيث عملت مصر والإمارات والأردن والجزائر ودول عربية أخرى على تعميق العلاقات الدبلوماسية والأمنية مع الحكومة السورية المعزولة دولياً.
حتى السعودية أطلقت العام الماضي مباحثات استكشافية على مستوى رئاسة الاستخبارات لبحث الملفات العالقة ومن بينها عودة سوريا للجامعة العربية.
كانت مصر في طليعة المطالبين بعودة سوريا إلى الصفوف الدبلوماسية العربية. ومع هذا؛ فإن القاهرة تتبنى مقاربة أكثر تعقيداً من مجرد عودة سوريا للجامعة العربية؛ حيث تعمل مصر على إقناع دمشق باتخاذ خطوات سياسية تتعلق بالمعارضة، لأن القاهرة لا تريد تصوير عودة سوريا للجامعة وكأنها تصحيح لخطأ عربي، كما أن القاهرة والرياض والأردن تريد من دمشق مراجعة نمط علاقتها مع طهران كي لا تكون سوريا "وكيلاً لإيران في الجامعة العربية"، وتعمل القاهرة في هذا الصدد على جلب ضغوط روسية على دمشق.
لكن المؤكد أيضاً هو أن هذه التحركات الواسعة اللاحقة لكارثة الزلزال ستسرع وتيرة تطبيع علاقات سوريا السياسية مع جيرانها وتزيد من قرب خطوة عودة البلاد إلى جامعة الدول العربية، على الرغم من استمرار عدم ترحيب دول مثل قطر والكويت.
لكن في كل الأحوال، ستبقى العلاقات الاقتصادية العربية مع سوريا بعيدة المنال؛ حيث لا توجد مؤشرات تذكر على أن الولايات المتحدة مستعدة قريباً لإنهاء نظام عقوبات "قانون قيصر" الصارم على دمشق المرتبط بالتوصل لحل سياسي أولاً.
وقانون قيصر هو تشريع أمريكي يستهدف الحكومة السورية بالعقوبات، التي تشمل عدداً من رموز النظام المتهمين بجرائم حرب ضد المدنيين السوريين (ومن ضمنهم بشار الأسد)، وقد صدر هذا التشريع عام 2019 بهدف حماية المدنيين في سوريا.
في حين قد تساعد العلاقات الدبلوماسية المتزايدة الدول العربية على إقناع الحكومة السورية باتخاذ خطوات سياسية تخفف من تلك العقوبات، أو على الأقل هكذا تراهن بعض الدول العربية، لكن ليس من المرجح أن تنجح الدول العربية في فك الارتباط بين سوريا وإيران قريباً.