تزايد عدد الإسرائيليين الذين يفكرون في مغادرة تل أبيب، وذلك مع أزمة تشريعات "الانقلاب القضائي" التي تصر الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو، والأطراف اليمينية المشاركة فيها، إلى إقرارها، بحسب ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 31 مارس/آذار 2023.
ففي وقت يتدفق فيه كثير من اليساريين الإسرائيليين إلى الشوارع للمشاركة في الاحتجاجات الحاشدة على التعديلات القضائية التي عزمت عليها حكومة بنيامين نتنياهو، قد تجد الأشخاص أنفسهم سئموا في الوقت نفسه من تلك المعركة وشرعوا في الاستعداد لأسوأ سيناريو، وهو المغادرة من إسرائيل.
كان التفكير في مغادرة إسرائيل قبل عقد واحد، يُوصف بأنه فعلٌ من قبيل الخيانة. وفي عام 1976، وصف رئيس الوزراء إسحاق رابين، المهاجرين بأنهم "شراذم متساقطة من الجبناء".
مع ذلك، فإن الظاهرة ليست مستحدثة بالكامل، بل بدأت تكتسب قوتها الدافعة بعد المظاهرات الجماهيرية في عام 2011، عندما خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين -الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاماً- إلى الشوارع للاحتجاج على ارتفاع تكلفة المعيشة.
على موقع فيسبوك، يمكن العثور على 25 مجموعة مختلفة باللغة العبرية لمساعدة الإسرائيليين في "الانتقال من البلاد"، ويتبادل المشاركون فيها النصائح حول الهجرة إلى أماكن مختلفة، من أمريكا إلى تايلاند، وإن بقيت الأغلبية تميل إلى أوروبا الغربية. وفي الآونة الأخيرة، صارت دبي أحدث وافد إلى القائمة، فقد اتخذ بعض المشاهير ورجال الأعمال الإسرائيليين الإمارةَ موطناً لهم.
تتولى بعض المجموعات توفير المعلومات عن وسائل الانتقال من البلاد، وبعضها يعمل مثل مجموعات الدعم لحديثي الإقبال على الأمر. ويصل عدد الأعضاء في بعض هذه المجموعات إلى أكثر من 20 ألف عضو. وكتب مسؤول عن إحدى هذه المجموعات مؤخراً: "لقد شهدنا خلال الأسابيع الأخيرة نمواً سريعاً [في عدد المنضمين إلى المجموعة]، وتزايداً في الأسئلة المكررة، لذا أقترح أن نستخدم مناقشات البث المباشر".
أمثلة حية على التغير
وكان للمقابلة الإذاعية التي أجراها غيورا شالغي، وقع الصدمة على كثير من الإسرائيليين، فالرجل البالغ من العمر 84 عاماً، كان رئيساً لشركة رافائيل للأنظمة العسكرية المتقدمة التابعة للجيش الإسرائيلي مدةً طويلة، وُعرف عنه تكريس حياته في خدمة الآلة العسكرية الإسرائيلية عبر حكومات من مختلف الاتجاهات، لكن بعد 3 أشهر من تولي الحكومة الحالية، أخبر محاوره بأنه لم يعد حريصاً على البقاء بإسرائيل كما كان في السابق.
وقال شالغي: "لقد تلقيت على مر السنين عروضاً مهنية برواتب مجزية في الخارج، وزملائي كذلك، لكننا لم نكن نستمع حتى لهذه العروض"، لذلك "لما يبدأ من هم مثلي في التفكير على هذا النحو، ويسأل كل منهم نفسه: (لماذا أنا هنا؟)، فلا بد أن تدرك أن هناك خطأ عميقاً يحدث".
تابع شالغي بالقول: "أنا أبلغ من العمر 84 عاماً، ومن ثم فالأمر لا يرتبط بي في المقام الأول، وإنما يرتبط بأحفادي. لقد قررت إحدى حفيداتي بالفعل الهجرة إلى إسبانيا، وحفيد ثانٍ لي يدرس في كندا. إنهم لا يريدون تنشئة أطفالهم هنا".
تصدرت التصريحات الواردة في المقابلة عناوين الصحف، إذ لطالما عُدَّ شالغي أيقونة إخلاص للصهيونية بالمعايير الإسرائيلية. لكن كثيراً ممن عزموا الآن على المغادرة لا يجهرون بالحديث عن الأمر في الصحف مثل شالغي، بل يمضون قدماً فيه.