قالت منشقة هاربة من كوريا الشمالية إن المناهج الدراسية في المدارس الأمريكية لا تقل سوءاً عن مناهج بيونغ يانغ في استخفافها ببعض انتهاكات حقوق الإنسان، لافتة إلى أنها صُدمت من الأيديولوجية السياسية التي روجها الأكاديميون وزملاؤها الطلاب في جامعات النخبة الأمريكية.
فرَّت يونمي بارك (29 عاماً)، من كوريا الشمالية وهي مراهقة لم تبلغ بعدُ الرابعة عشرة من عمرها في عام 2007، وحصلت على الجنسية الأمريكية العام الماضي.
وفي مقابلة مع The Telegraph البريطانية، الأحد 26 مارس/آذار 2023، زعمت بارك أنها أدركت خلال دراستها للحصول على شهادتها الدراسية في حقوق الإنسان، أن كتابات الأديبة البريطانية الشهيرة جين أوستن "تضمنت ترويجاً لتفوُّق العرق الأبيض"، وأن دراسة الرياضيات تتبنى بعض ملامح "العنصرية"، فضلاً عن كبت الجدل بشأن قضايا التحول الجنسي.
تناولت بارك سيرتها الذاتية في كتاب In Order To Live، ووصفت فيها بالتفصيل رحلتها المحفوفة بالمخاطر إلى الحرية، وصارت ناشطة في مجال حقوق الإنسان.
بعد الانتقال إلى أمريكا، والحصول على شهادة من جامعة كولومبيا، جعلت بارك شغلها الشاغل التحذير من تفشي "ثقافة الإلغاء" وتأثيراتها السياسية على نظام التعليم في البلاد.
في أحدث كتبها While Time Remains، كتبت بارك أن بعض ما شهدته من تعدٍّ على الحرية في أمريكا لا يقل وطأة عما شهدته في كوريا الشمالية، لا سيما في سياسات التصنيف بناءً على الهوية، والنزوع إلى التسلط، ونفاق النخب السياسية والاجتماعية، إذ قالت إنها "خجلت" من ضعف الوعي بحقوق الإنسان في المناهج الدراسية بالولايات المتحدة.
"شيطنة الرأسمالية"
من جهة أخرى، أشارت بارك إلى أن الأكاديميين في أثناء دراستها "كانوا يُشيطنون الرأسمالية والأسواق الحرة والحضارة الغربية، وكل ما هو أبيض هو سيئ بالضرورة"، و"قد هالني ذلك، فهذه هي الأمور نفسها التي كانوا يُلقوننا إياها في الفصول الدراسية بكوريا الشمالية".
تعرضت بارك للانتقاد، لأنها قارنت بين ما وصفوه بمصاعب المعيشة في الولايات المتحدة والوحشية الغالبة على الحياة في كوريا الشمالية، وقالوا إن هذه المقارنات قد تدفع إلى الاستخفاف بأمر انتهاكات حقوق الإنسان التي يعانيها المواطنون الخاضعون لسلطة بيونغ يانغ.
مع ذلك، قالت بارك في مقابلتها مع صحيفة The Telegraph، إنه لا يوجد "وجه للمقارنة" من جهة مستوى المعيشة وحرية الناس بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، لكن "ما أردت الإشارة إليه هو بعض أوجه التشابه بين ما يحدث هناك وما يحدث في أمريكا. هذا مخيف، وهو أمر لا يدركه الأمريكيون على وجهه الصحيح".
وترى بارك أن الأمريكيين "لا يستوعبون أن كوريا الشمالية لم تصبح على هذا النحو بين عشية وضحاها، بل بدأ الأمر وتطور تدريجياً، وتفاقمت الأمور في هذا المسار بناءً على كثير من القرارات السيئة التي جعلت البلاد ما هي عليه اليوم".
الرقابة المفروضة على المناقشات بشأن الجنس
اختصت بارك بالنقد الرقابةَ المفروضة على المناقشات بشأن الجنس والنوع الاجتماعي في الحرم الجامعي الأمريكي، ووصفتها بأنها "رقابة أكثر هوساً [بالكبت] من كوريا الشمالية"، وسخرت من الترويج لكون الحرم الجامعي "مساحات آمنة" للطلاب لا يمكنهم فيها مناقشة القضايا الحرجة.
وأشارت إلى إحجام الأكاديميين عن مناقشة المسائل الحساسة في قصة حياتها، مثل فرارها بطرق التهريب المستخدمة في الاتجار بالجنس من كوريا الشمالية إلى الصين.
درست بارك الاقتصاد في البداية، ثم غيرت مجال الدراسة إلى حقوق الإنسان، وقالت إنها خجلت من المناهج التي يتبعها الأكاديميون اليساريون، فهم يرون أن "حقوق الإنسان تعني التعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية والسكن المجاني"، أما هي فلا ترى أن "حقوق الإنسان لا تعني هذه الأشياء المجانية… وإنما تعني الحرية أن يكون لك الحق في السعي وراء السعادة، والحق في إنشاء عملك الخاص، والحق في ممارسة دينك، وحرية التعبير..".
ولفتت بارك إلى أن المساواة العرقية صارت هي العدسة التي يُنظر بها إلى مختلف الضحايا، دون الاعتناء بالأنواع المتغيرة للعبودية، فالتركيز على إرث أمريكا من العبودية قد أعمى البلاد عما بلغته محنة العبودية في العصر الحديث، والأوجه المختلفة لها، مثل الاتجار بالجنس.