تراجعت واشنطن عن موقفها الرافض لاغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، حين أذعن تقرير حقوق الإنسان السنوي الأخير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، لرواية الحكومة الإسرائيلية بشأن أحداث مقتلها، كما لم يتطرق كذلك إلى قضية مقتل مسن فلسطيني أمريكي بعد أن اعتقلته القوات الإسرائيلية.
بحسب ما نقله موقع Middle East Eye البريطاني الأربعاء 22 مارس/آذار 2023، لم يصف التقرير، الذي صدر الإثنين 20 مارس/آذار، مقتل الصحفية بأنه قتل خارج نطاق القضاء، ولا قتل تعسفي، وإنما اكتفى بذكر الواقعة في القسم الخاص بانتهاكات حرية التعبير.
كانت قوات الاحتلال الإسرائيلية أطلقت النار على الصحفية أبو عاقلة في مايو/أيار الماضي، وأردتها قتيلة، خلال اقتحام لمدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة.
وخلص تحقيق للجيش الإسرائيلي إلى أنه "من المحتمل" أن يكون جندي إسرائيلي قد أطلق عليها الرصاص، لكنه لم يستهدفها عن عمد. غير أن عدة تحقيقات مستقلة أظهرت أن القوات الإسرائيلية استهدفت أبو عاقلة وزملاءها استهدافاً مباشراً على الرغم من ظهور شاراتهم الصحفية وتعريف أنفسهم بها.
ولم يذكر تقرير الخارجية الأمريكية أيضاً قضية مقتل الأمريكي الفلسطيني عمر أسعد (80 عاماً)، الذي تُوفي بعد اعتداء قوة تابعة لجيش الاحتلال عليه واحتجازه في ظروف سيئة.
ونقلت صحيفة The New York Times الأمريكية عن تقرير الطب الشرعي، أن أسعد تعرض لنوبة قلبية من فرط الإنهاك الذي نجمَ في الغالب عن تكميمه وتركه مصاباً في منزل قيد الإنشاء.
لم يُدرج التقرير قضية مقتل أبو عاقلة في قسم "القتل خارج نطاق القانون"، لكنه انتقد التحقيقات التي تجريها إسرائيل بشأن مخالفات قواتها الأمنية، والانتهاكات التي ترتكبها، وجرائم القتل غير القانوني والتعسفي، والقيود التي تفرضها على الفلسطينيين.
وقال تقرير الخارجية الأمريكية إن "فرعي القضاء العسكري والمدني الإسرائيليين نادراً ما اتهما قوات الأمن بارتكاب انتهاكات"، على الرغم من أن "هناك عدة تقارير تفيد بأن الحكومة أو وكلاء عنها قد ارتكبوا عمليات قتل تعسفية أو خارج نطاق القانون". واختص التقرير بالذكر "المواطنين ذوي الإعاقات العقلية، لأنهم أكثر عرضة من غيرهم لمخاطر الوقوع تحت طائلة العنف عند التعامل مع الشرطة".
واشنطن تناقض نفسها
في سياق الإعلان عن التقرير خلال مؤتمر صحفي، الإثنين 20 مارس/آذار، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "نحن لا نتقصَّد توجيه الانتقادات إلى جهة معينة؛ بل نسمي الأشياء كما نراها".
مع ذلك، وعلى الرغم مما أورده التقرير، فإن الولايات المتحدة واصلت تقديم الدعم الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل، وهو أمر يقول المدافعون عن حقوق الفلسطينيين إنه يغذي العنف ويدفع إلى مزيد من الانتهاكات لحقوق الفلسطينيين.
في وقت سابق من هذا الشهر، حرَّض وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، على "محو" بلدة حوارة الفلسطينية، وعلى الرغم من مطالبة العديد من الجماعات التقدمية والمنظمات الحقوقية والجمعيات اليهودية بمنع سموتريتش من دخول الولايات المتحدة، فإن السلطات الأمريكية أصدرت له تأشيرة السماح بالدخول إلى أراضيها.
وانتقدت منظمات حقوق الإنسان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، على مدى السنوات الماضية؛ لعدم وفائها بالوعود التي قطعتها بشأن وضع حقوق الإنسان في لُب سياستها الخارجية.
وقال بول أوبراين، المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية بالولايات المتحدة، في بيان، يوم الإثنين 20 مارس/آذار، إن "وزير الخارجية الأمريكي بلينكن قال أثناء إعلانه عن استراتيجية السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إنها ستكون استراتيجية تولي الاهتمام الأكبر لحقوق الإنسان"، ومع ذلك "يُظهر تقرير حقوق الإنسان السنوي أن إدارة بايدن تواصل سياسة الكيل بمكيالين في عجزها عن استدعاء انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها أبرز الشركاء الأمنيين للولايات المتحدة".
وزعم أوبراين أن تقرير إدارة بايدن "تقاعس عن التناول الشامل للوضع المتدهور لحقوق الإنسان في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، واعترف فعلياً بالسيطرة الإسرائيلية على القدس الشرقية المحتلة ومرتفعات الجولان"، رغم أن "الوقت قد حان لأن تتوقف إدارة بايدن عن تجاهل انتهاكات حلفائها لحقوق الإنسان".