أبلغت السلطات البريطانية الأفغان اليائسين المختبئين من طالبان أنه لا يمكنهم القدوم إلى بريطانيا إلا إذا صدّقت الحركة التي يفرون منها على أوراقهم الثبوتية، في حين انتقدت منظمات حقوقية ونواب بريطانيون هذا الشرط، بحسب صحيفة The Independent البريطانية، السبت 18 مارس/آذار 2023.
مسؤولون بريطانيون قالوا للمتقدمين لبرنامج "سياسة إعادة التوطين والمساعدة للأفغان" ARAP- المخصص لمن ساعدوا القوات البريطانية خلال الحرب- إنه يتعين عليهم تقديم شهادات الميلاد والزواج باللغة الإنجليزية وبختم من الهيئات الحكومية الأفغانية، التي تديرها طالبان منذ وصولها إلى السلطة في أغسطس/آب عام 2021.
"توقيع شهادة وفاتهم"
بينما قالت منظمات خيرية إن هذا القرار يعرّض الأفغان للخطر، فيما قال أحد النواب إن ما يُطلب منهم فعلياً هو "توقيع شهادة وفاتهم".
وأنكرت وزارة الدفاع في البداية هذه الممارسة لكنها عادت واعترفت بخطئها واعتذرت، بعد تحقيق أجرته صحيفة The Independent.
واتهم أحد النواب الحكومة البريطانية بأنها "لا تكترث بتاتاً" بالواقع المؤلم الذي يعيشه الأفغان.
الشروط المطلوبة
واطلعت صحيفة The Independent البريطانية على عدد من رسائل البريد الإلكتروني المرسلة إلى المتقدمين لبرنامج Arap والتي يطلب فيها مسؤولو وزارة الدفاع منهم تقديم شهادات الميلاد وشهادات الزواج باللغة الإنجليزية ومختومة من الحكومة.
وفي إحدى الحالات، طُلب من مترجم أفغاني أن تصدّق وزارة الخارجية على شهادات ميلاد أبنائه وشهادة زواجه.
وفي النهاية أخذ شهادة زواجه إلى وزارة عدل طالبان للتصديق عليها. وهو الآن يعيش مختبئاً في أفغانستان، ولا يمكنه العمل، ولا يزال في انتظار المساعدة لينتقل إلى بلد ثالث ومنه إلى المملكة المتحدة.
وفي رسالة بريد إلكتروني أرسلت إلى المتقدمين بعد أن أثارت صحيفة The Independent القضية، كتب الفريق المسؤول عن برنامج Arap: "نتفهم أن بعضكم ربما تلقى رسائل من برنامج Arap تخبركم بزيارة السلطات المحلية أو وزارة الخارجية لاستخراج وثائق جديدة تمكنكم من الانتقال إلى المملكة المتحدة. فلو تلقيتم أي رسائل من هذا القبيل، فهذا لم يكن صائباً ونعتذر عن أي سوء فهم أو مشكلات سببتها هذه الرسائل".
إلى ذلك، قال المسؤولون الذين يساعدون المتقدمين الأفغان إن طلبات وزارة الدفاع الخاصة بالوثائق ازدادت صرامة في الأشهر الثلاثة الماضية.
فمن تم إجلاؤهم في إطار عملية Pitting- العملية العسكرية البريطانية التي أعقبت هجوم طالبان في أغسطس/آب عام 2021- كانت تُطلب منهم هذه الوثائق "لو كانت بحوزتهم"، لكن من حاولوا السفر إلى المملكة المتحدة مؤخراً أخبرتهم وزارة الدفاع بأنها ضرورية.
وتصدر شهادات الزواج باللغات المحلية من محاكم الأسرة في كابول، وتترجم بعد ذلك، ثم ترسل النسختان الأصلية والمترجمة إلى وزارة الخارجية للتصديق عليهما، وفقاً لمصدر مطلع على الإجراءات.
صعوبة توفير الوثائق
من جانبها قالت الدكتورة سارة دي يونغ، إحدى مؤسسي جمعية Sulha Alliance الخيرية والمحاضرة في جامعة يورك، إن النظام البيروقراطي في المملكة المتحدة لا يفهم على الأغلب طبيعة الوثائق المتوفرة في أفغانستان.
وأضافت أن شهادات الزواج لا تتاح باللغة الإنجليزية بسهولة في أفغانستان، وأن طالبان "توقفت" عن إصدار جوازات سفر للأطفال؛ ما تسبب في أن يعلق المؤهلون لبرنامج Arap في أفغانستان، لأنهم لا يملكون وثائق لأطفالهم. ويجد آخرون أيضاً صعوبة في استخراج جوازات سفر، ويُقال إن النسخ المزورة تُباع في السوق السوداء مقابل 3000 دولار.
وفي إحدى الحالات التي دعمتها منظمة Sulha Alliance مؤخراً، طُلب من المتقدم تقديم شهادة تبنٍّ، وهذا لا يتوافر في المجتمع الأفغاني.
بينما قالت سارة فينبي، من منظمة غلوبال ويتنس: "حقيقة أن المترجمين الفوريين الأفغان، الذين خاطروا بحياتهم لإنجاح مهمة المملكة المتحدة في أفغانستان، لا يزالون عالقين، رغم تأهلهم لبرنامج Arap، أمر مخز. فهم لا يملكون إلا الاختباء ويعيشون في خوف، ولا يمكنهم العمل لإطعام أبنائهم".
وأضافت: "وإلزام المسؤولين لهم بعد ذلك بأخذ وثائقهم إلى وزارات طالبان للتصديق عليها، غير مقبول على الإطلاق".
مطالبات بتعديل الشروط
في غضون ذلك، قال وزير دفاع الظل في حزب العمال، جون هيلي، إن الحكومة "ما كان لها أبداً أن تلزمهم بإجراءات تهدد سلامتهم"، وأضاف: "بريطانيا عليها واجب أخلاقي في مساعدتهم وحمايتهم. وعلى الحكومة أن تعدّل شروط برنامج Arap، وتسرّع إجراءات قبول طلبات التقدم".
ونبّه رئيس لجنة الدفاع، النائب عن حزب المحافظين توبياس إلوود، إلى ضرورة أن تحرص الحكومة البريطانية على عدم تعريض من عملوا معها للأذى، وأضاف: "من الضروري ألا تمس برامجنا أمنهم. هذا هو الصواب".
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع إن الوزارة "سارعت إلى تصحيح" الخطأ، وإنها "تعمل على ألا يتكرر. ونعتذر بلا تحفُّظ، وسنواصل العمل بلا كلل لنقلَّ الأشخاص المؤهلين إلى بر الأمان".