رحبت أمريكا والاتحاد الأوروبي ودول غربية بمذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة 17 مارس/آذار 2023، بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما اعتبرتها موسكو أكثر من مرة "ملغاة وباطلة"، و"لا معنى لها".
وجاء في بيان المحكمة الجنائية الدولية بشأن التهمة الموجهة إلى بوتين: "يُزعم أن الجرائم ارتُكبت في الأراضي المحتلة الأوكرانية منذ 24 فبراير/شباط 2022 على أقل تقدير. توجد أسباب معقولة للاعتقاد بأن بوتين يتحمل المسؤولية الجنائية الفردية عن الجرائم المذكورة أعلاه".
من جانبه، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إن مئات الأطفال الأوكرانيين نُقلوا من دور الأيتام ودور رعاية الأطفال إلى روسيا.
وأضاف خان: "كثير من هؤلاء الأطفال، بحسب ادعائنا، تم عرضهم للتبني في روسيا الاتحادية".
وقال خان إن تغييراً في القانون الروسي جعل من السهل على الأسر الروسية تبني الأطفال، بينما كان الأطفال الأوكرانيون وقت ترحيلهم تحت حماية اتفاقية جنيف الرابعة.
الدول الغربية ترحب
في أول تعليق من واشنطن، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنه لا يوجد شك في أن روسيا ترتكب جرائم حرب في أوكرانيا.
وأضاف المتحدث في رسالة بالبريد الإلكتروني أن واشنطن خلصت بصفة مستقلة إلى أن القوات الروسية ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا، لكن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية هو مسؤول مستقل ويتخذ قراراته بنفسه.
فيما قالت الحكومة الفرنسية إنه "ينبغي ألا يفلت أحد من العدالة"، وذلك في رد فعلها على قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة لاعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكتبت وزارة الخارجية الفرنسية على حسابها على تويتر: "ينبغي ألا يفلت أحد من المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبتها روسيا في أوكرانيا من العدالة بغض النظر عن مناصبهم".
أما مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل فقال: "قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق فلاديمير بوتين بتهمة جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل غير القانوني للأطفال ونقلهم من أوكرانيا إلى روسيا هو بداية عملية المساءلة. نحن نقدر وندعم عمل المحكمة. لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب".
وقال المتحدث باسم الحكومة البولندية بيوتر مولر: "هذا قرار مهم من المحكمة، يشير إلى جرائم حرب ارتكبتها آلة العنف الروسية.. فلاديمير بوتين على رأس هذه الآلة ويجب أن يحاكم كمجرم حرب إلى جانب أولئك الذين يتورطون بشكل مباشر وغير مباشر في حرب وحشية".
أوكرانيا تطالب بالمزيد
على الطرف الآخر، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "تاريخي".
وأضاف في خطابه الليلي المصور: "هذا قرار تاريخي سيؤدي إلى محاسبة تاريخية". وأشار إلى أن العدد الحقيقي للأطفال الذين تم ترحيلهم قد يكون "أكثر بكثير" من 16 ألفاً.
فيما قال ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "العالم تغير. أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق (المُخطِّط الاستراتيجي)" بوتين. إنها إشارة واضحة لنخب روسيا عما سيحدث لهم ولماذا لن يكون الأمر "كما كان من قبل". "إنها بداية نهاية روسيا الاتحادية في حالتها الراهنة على المسرح العالمي. إنه إجراء قانوني واضح. انتظروا فحسب".
اعتراض في موسكو
في موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الأسئلة التي طرحتها المحكمة الجنائية الدولية "شائنة وغير مقبولة"، لكنه أشار إلى أن روسيا، مثل العديد من الدول الأخرى، لا تعترف بالولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية.
وبناء على ذلك، فإن أي قرارات من هذا النوع تعتبر ملغاة وباطلة بالنسبة لروسيا الاتحادية، من الناحية القانونية.
ورداً على سؤال عما إذا كان بوتين يخشى الآن السفر إلى دول تعترف بالولاية القضائية للمحكمة وربما تحاول بالتالي إلقاء القبض عليه، قال بيسكوف للصحفيين: "ليس لدي ما أضيفه بشأن هذا الموضوع. هذا كل ما نريد قوله".
أما رئيس البرلمان الروسي فياتشيسلاف فولودين فقال: "أيها الأمريكيون، ارفعوا أيديكم عن بوتين!"، واصفاً الخطوة بأنها دليل على "الهستيريا" الغربية. وأضاف: "نعتبر أي هجوم على رئيس روسيا بمثابة عدوان على بلدنا".
على الرغم من مذكرة التوقيف بحق بوتين، فإن المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطات للقبض على المشتبه بهم، ويمكنها فقط ممارسة الولاية القضائية داخل البلدان التي وقَّعت على الاتفاقية التي أنشأت المحكمة، وروسيا ليست من الدول الموقعة على هذا الاتفاق.